«لجنة دراسة الدعوم»... جزء من المشكلة لا الحل
فشلت في أول وأسهل ملفات إعادة التسعير
رغم إعلان لجنة إعادة دراسة مختلف الدعوم استعدادها التام لمواجهة أي مشكلات ناجمة عن إصدار أي قرارات تخص رفع الدعم جزئياً عن بعض المحروقات، كالديزل والكيروسين، فإن ما حدث على أرض الواقع يشير إلى أن هذه اللجنة كانت جزءاً من المشكلة لا الحل.ففي 22 نوفمبر الماضي صرح رئيس اللجنة وكيل وزارة المالية خليفة حمادة بأن اللجنة وضعت «حزمة جديدة من الإجراءات الحكومية المصاحبة لتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بزيادة أسعار الديزل والكيروسين، لضمان عدم تأثيرها على أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي واستغلالها من قبل البعض لزيادة الأسعار بشكل غير مبرر»، موضحاً أن «هذه الإجراءات من شأنها تهيئة الأجواء قبل تنفيذ القرار على أرض الواقع».
غير أن الواقع الذي تحدث عنه رئيس اللجنة شهد انفلاتاً واضحاً انعكس على مختلف الفئات المشمولة وغير المشمولة بقرار تقليص حجم الدعم، والذي انحصرت مرحلته الأولى في محطات بيع التجزئة، إذ كشف التطبيق عدم وجود إجراءات حقيقية من شأنها وقف ذلك الانفلات، الذي تمثل في رفع شركات أسعار بعض منتجاتها رغم أنها مازالت تتمتع بدعم الدولة.ومن الواضح أن اللجنة لم تتخذ إجراءات ولم تضع ضوابط أو حلولاً بشكل مسبق أمام قرارات مجلس الوزراء بشأن الموضوع، حيث لجأت عشرات الشركات الصناعية والعقارية والغذائية وصهاريج نقل المياه إلى رفع أسعار خدماتها ومنتجاتها، ما أثر بشكل مباشر على المستهلك. ولعل التراجع الجزئي بشأن تحديد سعر ثابت للديزل بـ 170 فلساً، إلى نفس السعر أو السعر العالمي أيهما أقل بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية، يدل على أن آلية عمل اللجنة أبطأ بكثير من الوتيرة المطلوبة.فرغم أن قرار تحديد سعر الديزل اتخذ منذ 4 أشهر تقريباً، فإن انخفاض أسعار النفط عالمياً بدأ بشكل حادّ منذ نحو 5 أشهر، وبالتالي لم يكن من الملائم تعديل التسعير بعد صدور القرار وتنفيذه، وكان الأولى إعادة التسعير وفقاً للمعطيات الجديدة قبل بدء التطبيق، لأن التراجع لو كان جزئياً ما زاد درجة الارتباك في السوق.ومن الملاحظات الجوهرية على اللجنة أنها لم تقم بأي حملة توعية إعلامية للمستهلكين عن الشرائح المشمولة برفع الدعم وكيفية الاستفادة منه، كما لم تفصح عن آلية لتلقي الشكاوى بحق المخالفين أو حتى العقوبات المنصوص عليها قانوناً تجاه المتلاعبين.مشكلة لجنة دراسة مختلف الدعوم أنها أعطت، من خلال تعاملها السلبي مع ملف زيادة أسعار الديزل والكيروسين، نموذجاً فاشلاً لتعامل الدولة مع ملف إعادة تسعير مختلف الخدمات الأخرى، وهو ملف يفترض أن يكون إحدى أولويات مجلس الوزراء، فإن كان الفشل نصيب التعامل مع ملف صغير ومعروفة أطرافه كالديزل والكيروسين، فكيف ستكون نتيجة التعامل مثلاً مع ملف إعادة تسعير الكهرباء والماء والبنزين وغيرهما من السلع التي تستنزف مبالغ طائلة من الميزانية.وهنا يُفتَح المجال للتساؤل: هل سيكون هناك ثواب وعقاب لدى التعامل مع ملف الدعم، أم أن الأمر مجرد عضوية في لجانٍ لتحصيل مكافآت وامتيازات بلا مسؤولية أو محاسبة؟!