للأسف، باتت منظومة البرامج الدراسية في الكويت تخضع للمزاجية والضغط السياسي بدلاً من المنهجية العلمية، وكمثال صارخ على هذا التدخل تجد المناهج الدينية كأنها منطقة محرمة ممنوع الاقتراب منها، والحال ينجر إلى بقية المناهج التي تعاني البيروقراطية والروتين القاتل.

Ad

وضعت مراكز التصنيف العالمي المختصة بقياس التعليم دولة الكويت في مواقع متأخرة رغم كل الإمكانيات المادية والبشرية، ولأجل تحسين الأداء أنشأت الحكومة المجلس الأعلى للتعليم والجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم للنظر في آليات تطوير التعليم، ولرسم سياسة عامة ملزمة للأجهزة التعليمية للعمل بها بهدف مواكبة المستجدات العالمية للنظم التعليمية وربط التعليم بمفهوم رفاهية الشعوب، ولكونه الأساس في بناء شخصية الطالب العلمية والمهارية والسلوكية.

إن ارتباط المناهج الدراسية بمؤشر الجودة وأثره على الأبعاد الأخرى لمنظومة التعليم (المعلم، الطالب، المنشأة التعليمية) يضع المؤسسات التعليمية أمام مسؤولياتها في مراجعة المناهج الدراسية دورياً وفق آليات ومعايير الجودة لتحذو حذو الدول المتقدمة في مجال التعليم، والتي ربطت الدعم المالي بمؤشرات رضا سوق العمل عن مخرجات التعليم ودورها في الإسهامات البحثية وأثرها على المجتمع كمحصلة نهائية.

في الكويت، وللأسف، باتت منظومة البرامج الدراسية تخضع للمزاجية والضغط السياسي بدلاً من المنهجية العلمية، وكمثال صارخ على هذا التدخل تجد المناهج الدينية كأنها منطقة محرمة ممنوع الاقتراب منها، والحال ينجر إلى بقية المناهج التي تعاني البيروقراطية والروتين القاتل حيث البطء في اعتماد البرامج التي يحتاجها سوق العمل، فضلاً عن التكرار والازدواجية، والنتيجة تكدس في التخصصات الإدارية وعزوف عن التخصصات الفنية.

لقد كفل الدستور الكويتي الوظيفة لكل المواطنين وهو بوابة آمنة للمواطن، لكن هذه المادة من الدستور تحتاج إلى مواكبة تتناسب مع قدرة الدولة على التوظيف التي بات فيها باب الرواتب من أكثر الأبواب تكلفة على الميزانية العامة للدولة، وهنا لابد من الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني يعالج نوعية مخرجات التعليم، بحيث يشترك القطاعان الخاص والعام في رسم سياسة التعليم عبر ضبط سياسة عامة للإحلال والتعيين، كي يحظى الخريج الكويتي بفرصة حقيقية للتوظف.

مؤسسات التعليم العالي مطالبة بتقديم رؤاها للسنوات المقبلة بهدف مسايرة خطة التنمية ورؤية سمو الأمير بتحويل الكويت إلى مركز اقتصادي ومالي، كي تتمكن من معالجة الاختلالات في السياسة العامة للتوظيف ضمن إطار قياس الاحتياجات.

أهمية ديناميكية تطوير المناهج الدراسية يفترض أن تكون الشغل الشاغل للمؤسسات التعليمية، حكوميةً كانت أو أهلية، وللأسف هناك مَن لا يعمل وفق هذه الفلسفة حيث الركود والروتين والخوف أحياناً حتى من كلمة تطوير الذي يصيب بعض القياديين بالذعر، ناهيك عن الإجراءات المعقدة التي تأخذ الكثير من الوقت، بحيث إذا أقر المنهج أو البرنامج الدراسي يكون خارج الزمن.

العمل ضمن مفهوم التنافس والتكامل يجب أن يحظى بعناية ورعاية وبمتابعة المجلس الأعلى للتعليم والجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، فالكويت تستحق الأفضل، والميزانيات التي تُصرَف على التعليم يجب أن توجَّه بالشكل الصحيح. ودمتم سالمين.