يوضح الناقد كمال رمزي أن  الدراما المصرية تراجعت، عموماً، وليست الكوميدية فحسب، ففي عصر السماوات المفتوحة، ثمة كم هائل من القنوات التي تقدم محتويات تتنوع بين الأفلام والدراما والبرامج الغنائية والمنوعات والمسرحيات، إضافة إلى الدراما من جنسيات أخرى تركية وهندية... ما يقلص مساحة الإنتاج المصري الذي يعاني مشاكل وأزمات على مستويات عدة.

Ad

يضيف أن الظروف السياسية أنعكست سلباً على حركة الفن عموماً والدراما الكوميدية خصوصاً التي لم تعد تتواءم والأجواء المحيطة بالشعوب العربية، «على سبيل المثال، إحدى القنوات اللبنانية الشهيرة التي تقدم خريطة كاملة من البرامج الترفيهية والدراما الكوميدية وبرامج الواقع، أصدرت اعتذاراً علناً لعدم قدرتها على الاستمرار، بسبب تعارض ما تقدمه من محتوى مع ما تعيشه بلدان الربيع العربي، قبل أن تعاود الظهور مع تحسن الأوضاع، بالتالي تحدد معطيات الوضع الراهن في البلاد  حركة الدراما، صعوداً أو هبوطاً».

يتابع: «في حال أردنا إعادة الدراما الكوميدية إلى بؤرة الاهتمام، علينا البدء أولا بتغيير قناعة المنتجين بحصر المسلسلات الكوميدية  في شهر رمضان أو الإجازات الصيفية والأعياد، سعياً وراء أهداف مادية، ما أدى إلى تنميط المتلقي الذي يتشتت أمام كم هائل من المسلسلات في شهر واحد، بعد ذلك، ومع تحسن الأوضاع السياسية، علينا إعادة الدراما الكوميدية إلى الصدارة}.

 

مشاكل إنتاجية

 

يوضح أحمد بدير أن الدراما الكوميدية تختلف عن الأفلام الكوميدية، فالأولى تتطلب متابعة وارتباطاً من المشاهدين، أما الثانية فتكون وجبة خفيفة لمدة أقل من ساعتين، ما يعني أن الأعمال الدرامية الكوميدية إذا لم تكن متقنة للغاية، فإن أحدا من المنتجين لن يغامر بإهدار أمواله في ساعات التصوير وأجور النجوم والعاملين والفنيين، ويواجه، بعد ذلك،  مشاكل إنتاجية ودعائية  لا يصادفها في مجال الأفلام التي ترجح كفتها أمام الدراما، وتلجأ إليها أسماء لامعة متجاهلة الشاشة الصغيرة.

يضيف أن أحد أسباب غياب المسلسل الكوميدي عن الإنتاج التلفزيوني افتقاد الساحة الدرامية للكتابة الكوميدية الجيدة، بالإضافة إلى المشاكل التي تعانيها القطاعات الفنية التابعة للدولة والتي امتازت بكم ما تنتجه للشاشات الصغيرة سنوياً، بسبب الصراعات والأزمات الحياتية والسياسية التي يعانيها المجتمع العربي وساهمت في ظهور الدراما الاجتماعية وليست الكوميدية.

يتابع: «لا يجب إلقاء اللوم كاملا على الممثلين، لا سيما النجوم منهم، فليس مطلوب من عادل إمام وحده أو محمد صبحي وغيرهما حمل الراية، ولا يمكن إلزامهم بالظهور في مواسم غير الأعمال الرمضانية التي لا يجب التقليل من أهميتها، نظراً إلى شغف الناس بمتابعتها في أجواء الشهر الكريم. لا ننسى أن تلك الأسماء منحت الفن كثيراً في شبابها ومستواها الفني ما يحتم عليها مقداراً معيناً من الظهور، من هنا يجب التعويل على أجيال جديدة تذلل العقبات للتعبير عن نفسها في مساحات درامية غائبة اليوم».

 

تخلٍّ كامل

 

يرى الكاتب والمؤلف محفوظ عبدالرحمن أن  ثمة تخلي كامل عن الدور الدرامي المصري، وتحديداً الكوميدي، لصالح أعمال ذات جنسيات أخرى، كالهندية والتركية والسورية، مشيراً إلى أن «الإنتاج السخي» هو الحل الوحيد لإنقاذ المسلسلات الكوميدية، لأن تنفيذ عمل كوميدي يحتاج سيولة مادية تبلور عملاً يعيد البسمة إلى وجوه المصريين غير القادرين على الذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم كوميدي.

يضيف: «على المنتجين التخلي عن فكرة الرهان الدائم على الأعمال التي تحقق رواجاً تجارياً مؤقتاً، سواء المستوردة أو المحلية التي تغرق في التفاصيل الاجتماعية والعلاقات، ومساعدة الأعمال الدرامية على استعادة سيطرتها على الساحة»، رافضاً اعتبار مسلسلات «الست كوم» بديلاً عن الدراما الكوميدية، لأن المستوى، في غالبيتها، لا يرقى إلى مستوى عمل درامي كوميدي متكامل، معتبرا إياها «تجربة جديدة» ليس أكثر.