"الأخبار" اللبنانية لصاحبها «حزب الله» نقلت عن زعيم هذا الحزب حسن نصرالله قوله بعد لقاء في ضاحية بيروت الجنوبية مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي: "إن الملف السيادي في العراق والذي يطمح لإنشاء إقليم سنيٍّ هو جزء من المخطط الرامي لضم أراضٍ عراقية وسورية إلى الأردن من اجل تحقيق الحلم الإسرائيلي بإقامة وطنٍ بديل للفلسطينيين".

Ad

فما هي المصادر والأدلة التي استند إليها هذا الملقب بـ"سيد المقاومة" يا ترى؟ ومن قال له هذا؟ وهل أنَّ ضيفه (العزيز) هو من جاء بهذه الأكاذيب التي ينطبق عليها ذلك القول :"شو عرّفك أنها كذبة قال من كبرها"!

ثم بحسب هذه الصحيفة، التي وللأسف أن الراحل جوزيف سماحة كان قد قبل أن يكون أول رئيس تحرير لها، فإن نصرالله طلب من المالكي: "الاستمرار بالتصدي للعملية السياسية واحتواء الآخرين والعمل على تعزيز دولة القانون والتأكيد على الاتجاه الوحدوي ضد الطائفية والتقسيم والابتزاز والخضوع لأحد المحاور"!

يبدو أنَّ حسن نصرالله إما أنه غير متابع لما بقي يجري في العراق منذ عام 2003، وهذا مستبعد جداً، أو أنه بقول هذا الذي قاله تَقَصَّد تجنب حقائق الأمور لأسباب أغلب الظن أنها باتت مكشوفة ومعروفة حتى لعابر السبيل وكان عليه، أي على زعيم حزب الله، أن يتذكر أن رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي، الذي هو أيضاً أحد أركان حزب "الدعوة"، كان قد كشف النقاب قبل يوم واحد فقط عن وجود أسماء وهمية لخمسين ألفٍ من المنتسبين وهمياً إلى وزارة الدفاع العراقية وهذا بالطبع جرى إبان حكم المالكي، الذي طالبه "بالاستمرار في التصدي للعملية السياسية واحتواء الآخرين والعمل على تعزيز دولة القانون والتأكيد على الاتجاه الوحدوي ضد الطائفية والتقسيم والابتزاز والخضوع لأحد المحاور". يا سلام، وكأن "سيد المقاومة" لا يعرف أيضاً أن ثمانية أعوام رئيس الوزراء العراقي السابق في الحكم قد شهدت حسب مسؤولين عراقيين كبار اختفاء مئة مليار دولار من عائدات النفط العراقي. غير معروف أين ذهبت؟! هل إلى الجيوب الشرهة أم إلى صندوق دعم نظام بشار الأسد. إنه حتى الآن لم يُعرف إلى أين ذهبت هذه الأموال؟!.

في كل الأحوال فإن الأهم في "معزوفة" حسن نصر الله هذه أمام نوري المالكي هو الحديث عن أن السعي لإنشاء إقليم سني في العراق هو جزء من المخطط الرامي لضم أراضٍ عراقية وسورية إلى الأردن "من أجل تحقيق الحلم الإسرائيلي بإقامة وطن بديل للفلسطينيين"! وحقيقة أنَّ هذا الذي قاله زعيم حزب الله بدون أن يُفْصح عن المصادر التي استند إليها هو ما يحلم به ويسعى إليه فهو ومعه كل حلفائه يريد أن يتقسم العراق وأن تتقسم سورية لتقوم الدولة المذهبية-الطائفية التي يسعى إليها، والتي يرى أنها باتت ضرورة ملحة للتمدد الإيراني في هذه المنطقة.

إن مكانة الدول ليست بمساحاتها الجغرافية وإن الأردن، المملكة الأردنية الهاشمية، الذي هو بحجم بعض الورد والذي وصفه الشاعر العظيم سعيد عقل الذي غادرنا قبل أيام بأنه :"أغنية الرُّبا" كان ولايزال منذ إنشائه، كترجمة لمنطلقات الثورة العربية الكبرى، رقماً رئيسياً في معادلة هذه المنطقة وإنه كان ولايزال وسيبقى مع وحدة العراق وسورية ومع تثبيت الشعب الفلسطيني في وطنه. هذا الشعب العظيم الذي يبذل كل هذه التضحيات ولا يمكن أن يقبل أي بديل لفلسطين، وهكذا فإن هذا "المخطط" اللعين إن كان موجوداً بالفعل فإنه موجود في رأس حسن نصرالله ورأس نوري المالكي ورؤوس الذين يمعنون في ذبح الشعبين السوري والعراقي بهدف إنجاز مشروع التقسيم هذا وإقامة الدولة المذهبية التي يسعون إليها.

لا يوجد مثل هذا المخطط إلاَّ في رأس حسن نصرالله ورؤوس مرجعياته وحلفائه، ولذلك فإنه أرسل ميليشيات حزبه لتقاتل طائفياً ومذهبياً في سورية وفي اليمن. أما الأردن، المملكة الأردنية الهاشمية، فإنه صاحب رسالة هي الرسالة الخالدة فعلاً، وإنه سيحارب ويقاتل حتى لو كان وحده وبدون مساندة أيٍّ كان ضد المس بوحدة أي قطر عربي، وإن شعبه سيتحول، إذا اقتضت الضرورة ذلك، إلى فدائيين لإسقاط مؤامرة "الوطن البديل". ففلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني الذي لا وطن غيره للفلسطينيين، وهذا الشعب العظيم شعب فلسطين الذي قدم على مدى نحو قرن كامل مئات الألوف من الشهداء الأبرار لا يمكن أن يفرط ولو في ذرة تراب واحدة من هذا الوطن، ولو أعطوه أوطان الدنيا كلها والكرة الأرضية بأسرها. وهكذا فإنه لابد من القول في النهاية: إنها أضغاث أحلام وإنه قد الْتم التعيس على خايب الرجا!