الحوثيون... دروس في الأخلاق!
المشكلة ليست في الحوثيين وليست في المسيحيين، وليست في الأيزيديين وليست في العرب، وليست كذلك عند الكثير من السنّة بتنوع مدارسهم الفقهية، ولكن في مجموعة من المتحجرين الذين لا يرضون بالتعايش مع كل هؤلاء، وإذا تمكنوا فتملى عقولهم المريضة على الجميع أو أن يذبحوهم جميعاً!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
تعرض الحوثيون إلى محاولات منظمة ومستمرة على مدى عقود من الزمن لمسح هويتهم الوطنية وإلغاء عقيدتهم الدينية وإقصائهم سياسياً، وحرمانهم حتى من مقعدين برلمانيين فقط رغم أنهم الأكثرية في اليمن، وبدأت بعد ذلك حرب إبادتهم وتصفيتهم في عقر دارهم في منطقة صعدة، وهاجمتهم الجيوش من كل حدب وصوب بعد أن استبعدتهم تماماً حتى الاتفاقية الخليجية التي تم بموجبها عزل الدكتاتور علي عبدالله صالح، وسلمت زمام الأمور لجماعات دينية يتصدرها الإخوان المسلمون وبعض القبائل الموالية لهم بغطاء أميركي أيضاً. الحوثيون قلبوا الطاولة على خصومهم في الداخل والخارج، وحرروا صعدة واستمروا بالزحف نحو العاصمة التي سقطت بأيديهم خلال أربعة أيام فقط، وطوال هذه المسيرة لم نسمع باستباحة القرى أو تهجير الأهالي أو حز الرقاب أو سبي النساء، ولا أخذ البيعة زوراً رغم التباين الفقهي والمذهبي مع سكانها، بل عشية الانتصار في العاصمة صنعاء أعلن زعيمهم عبدالملك الحوثي مد اليد نحو المشاركة في السلطة والعفو عمن قتلهم، وسلموا المقار الحكومية دون المساس بأي حجر فيها، رغم أنهم كانوا قادرين بعد أن كسبوا مجاميع الناس على قضايا وطنية ومعيشية، على إعلان دولتهم وتصفية خصومهم واستبعاد منافسيهم.هذا المعدن برز على حقيقته بعد أن حاولت وسائل الإعلام العربية والعالمية تسويق الحوثيين بالعملاء والمتطرفين والمتعطشين للحكم، وأدرجت منظمتهم على لائحة الإرهاب الأميركية حتى قبل "داعش" و"النصرة"، ولكن بعض مرضى النفوس لم ولن يعجبهم هذا الانتصار لمفهوم التعايش السلمي ومشروع بناء الدولة الوطنية ونواة تشكيل نموذج التسامح الديني، فراحوا يروجون لنار الحرب الأهلية والسعي إلى تخريب أجواء التفاؤل، وبدء مرحلة البناء أيضاً تحت عناوين طائفية وفئوية بغيضة، فالمشكلة إذاً ليست في الحوثيين وليست في المسيحيين، وليست في الأيزيديين وليست في العرب، وليست كذلك عند الكثير من السنّة بتنوع مدارسهم الفقهية، ولكن في مجموعة من المتحجرين الذين لا يرضون بالتعايش مع كل هؤلاء، وإذا تمكنوا فتملى عقولهم المريضة على الجميع أو أن يذبحوهم جميعاً!