بعد تاريخ طويل بين عذابات الغربة والحنين للوطن، والصراع مع نظام قمعي دكتاتوري من أجل الحرية والديمقراطية، توفي العلامة العراقي السيد محمد بحر العلوم أمس، في محافظة النجف بعد صراع مع المرض.

Ad

وقال بيان لنجل العلامة، إبراهيم بحر العلوم: «أيها الشعب العراقي العزيز لقد شاء الله تعالى أن يصطفي سيدنا العلامة الكبير الدكتور السيد محمد بحر العلوم الى جواره هذا اليوم الثلاثاء (أمس) السابع عشر من جمادي الثاني ١٤٣٦هـ الموافق السابع من أبريل ٢٠١٥ م في مدينته الأعز النجف الأشرف، والتي ودعت برحيله قلباً نابضاً بحبها وعقلاً ذابّاً عن حوزتها العريقة بالحكمة والرويّة التي اعتمدها أجداده رضوان الله عليهم».

وأضاف البيان: «وبهذا المصاب الجلل فقد العراق واحداً من أبرز رجالاته المخلصين، بعدما قضى عقودا من النضال والتضحيات في سبيل إزاحة الطاغوت الذي كان جاثماً على صدور العراقيين»، متابعاً: «لا يسعني في هذا المقام سوى أن أتقدم باسم أسرة آل بحر العلوم بالتعازي الى مراجع الدين العظام وفي مقدمتهم سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني، وإلى محبيه وعارفي فضله وجهاده في العالمين العربي والإسلامي».

يذكر أن اللجنة المشرفة على علاج العلامة السيد بحر العلوم قررت، أمس الأول، نقله إلى مستشفى الصدر في النجف، مبينة أنه بدأ يعاني عجزاً كلوياً، فضلاً عن عجز في الكبد.

وتقدم بالتعازي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مؤكدا أن «الفقيد قارع النظام الغاشم أكثر من ثلاثة عقود وتحمل مسؤوليات تاريخية منذ سقوط النظام، بما عرف عنه من حكمة وسداد رأي».

وولد بحر العلوم عام 1927 في مدينة النجف، وينتمي إلى أسرة دينية اجتماعية سياسية، ساهمت في بناء الدولة العراقية منذ 1921، وهو زعيم وسياسي إسلامي بارز في العراق، وله أكثر من خمسين مؤلفاً في التاريخ والفقه والسياسة، وهو خريج جامعة النجف الدينية، وحاصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة في الشريعة الإسلامية عام 1979.

عاش العلامة بحر العلوم حياته معارضاً مدة طويلة لحكم البعث في العراق وحكم عليه بالإعدام غيابيا عام 1969 بسبب أنشطته السياسية آنذاك، ويعتبر من أركان مرجعية الإمام الراحل السيد محسن الحكيم.

وقف مع دولة الكويت في وجه صدام حسين عندما غزا الكويت واحتلها، وكانت له مواقفه الواضحة والصريحة، من ذلك خلال تواجده في بريطانيا حينما أكد تفهمه لمعاناة الشعب الكويتي جراء احتلال صدام لبلدهم، بل عمل على نشر القضية الكويتية وشرحها للمجتمع الدولي والبريطاني، مشددا على أن صدام اراد أن «يدق إسفينا بين العراق والكويت لتبقى المشكلة دائمة بينهما على الرغم من تشابههما الكبير، والعلاقات والمصاهرات، فضلاً عن نواحٍ اقتصادية واجتماعية عديدة تجمعهما».

وكان يؤكد باستمرار على ما يكنه قلبه للكويت أميراً وحكومة وشعباً من حب، قائلا: «عندما أمر عليها اشعر أن موجة من الاطمئنان تحيطني»، مضيفا أن للكويت «خصوصية في قلوب العراقيين» كذلك.

وكان يتمتع بصداقات واسعة في الكويت مع رجالاتها وشخصياتها المعروفة، لأنه عاش فيها سنوات طويلة، حيث كان يزورها سنوياً، ويلتقي أصدقاءه ومعارفه ويزور دواوينهم ومجالسهم، وكثيرا ما كان يؤكد حبه واعتزازه بالشعب الكويتي، قائلا: «قلبي كويتي، والسنوات التي عشتها هناك بقيت راسخة في ذهني وأعيش من خلالها مع كل ما يدور في الكويت الحبيبة، وأعلم أن الكويتيين يعانون جرحاً تجاه وضع العراق، لكن ما أعرفه عن إخواني المسؤولين في الكويت أنهم يهتمون بتذليل المصاعب وحل القضايا بين بلدينا».

وهو والد إبراهيم، وزير النفط العراقي الأسبق، وكذلك والد محمد حسين بحر العلوم، السفير العراقي بدولة الكويت منذ يونيو 2010.