الرهان البارد والماسخ على أن  جماعات «داعش» و «النصرة» لا تمثل خطراً على دولنا في منتهى السذاجة أو الخباثة، لا سيما عندما يخرج من مسؤول أمني يعتقد أن خطرها لن يصل إلينا، فتطلعات أنصار هذه الجماعات لم تعد خافية بعد أن ظهرت حسابات بأسمائهم الحقيقية في «تويتر» و«فيسبوك» ولم يعودوا يكتبون بالهمز واللمز.

Ad

بعد استفحال خطر الجماعات الإرهابية لم يعد أمام دول مجلس التعاون الخليجي سوى مواجهة هذا التمدد للمارد الشيطاني المتلبس بعباءة الدين، والذي استطاع أن يجعل من الشباب الخليجي وقوداً لحربه الدائرة في العراق وسورية.

لقد استطاعت هذه التنظيمات رغم ضلالها أن تجذب إليها الكثير من المؤيدين، مستغلة الإرث الفكري لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ودول المغرب العربي، ولحالة التذمر التي يعيشها الشاب نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وأيضا ما مر به الوطن العربي من ثورات أطاحت بالكثير من الحكومات.

خطر تلك الجماعات كان واضحاً للعيان، وكان على دول مجلس التعاون الخليجي التعامل معه منذ البداية، لكن أن تدرك الخطأ متأخراً خير من ألا تدركه أبداً؛ لذا على دول مجلس التعاون أن تتعامل مع هذا الملف بكل جدية وحذر، فـ"الدواعش" وجبهة النصرة حواضنهم ممتدة ودعاتهم منتشرون في المساجد والجامعات.

هناك اتهامات متبادلة بين دول مجلس التعاون ليست خافية على أحد، خصوصاً في كيفية التعامل مع بعض الفصائل المشبوهة، فكل دولة تحتضن تنظيماً تظن أن في مقدورها السيطرة عليه، وفي نفس الوقت يكون ورقة ضغط تستخدمها متى ما تشاء، ومن هنا اتسع الخلاف، لكن ما يجب على الجهات الأمنية إدراكه هو ارتدادات هذا الدعم على استقرار المنطقة ودول المجلس.

هناك الكثير من الخطوات الإجرائية الضرورية لوقف خطورة هذا الفكر، تبدأ بالمصالحة وتمر بإصلاحات ديمقراطية وتنموية، مع التأكيد على حق المواطنة ضمن مفهوم العدالة الاجتماعية، والقبول بالتعددية المذهبية دون غلو أو إلغاء طرف لآخر، فالشعوب الخليجية ليس بينها وبين حكامها أي عداوة، وهي تدرك أهمية وجود تلك الأسر كصمام أمان لها.

من المهم التفريق بين المطالبات الإصلاحية ومن يسعى إلى زعزعة الأمن، فما صرح به "داعش" وجبهة النصرة لا يدع مجالاً لشك عن نواياهما، فهما لا يؤمنان بالحدود ولا بالنظم القائمة، ويصرحان بأن محطتهما القادمة دول الخليج العربي بعد أن قويت شوكتهما، وولّيا أمرهما لشيطانيهما الكبيرين أبو بكر البغدادي والجيلاني ومن على شاكلتهما.

الرهان البارد والماسخ على أن تلك الجماعات لا تمثل خطراً على دولنا في منتهى السذاجة أو الخباثة، لا سيما عندما يخرج من مسؤول أمني يعتقد أن خطرها لن يصل إلينا، فتطلعات أنصار هذه الجماعات لم تعد خافية بعد أن ظهرت حسابات بأسمائهم الحقيقية في "تويتر" و"فيسبوك" ولم يعودوا يكتبون بالهمز واللمز.

من وصل إلى "داعش" وجبهة النصرة "الله لا يرده"، فهو لن يفيد النصح فيه لكن أن تستمر أبواقهم تجعر دون أن تلجم فهنا الخطر.

أخيراً نسأل الله الأمن والأمان لدولنا ولكل الدول العربية والإسلامية، فكما يقول المثل "إن كان جارك في خير فأنت في خير".

ودمتم سالمين.