تحليل سياسي: الحكومة بين الاستقرار والعودة إلى نقطة الصفر
تنتظر السلطة التنفيذية عودة رئيسها سمو الشيخ جابر المبارك لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالحكومة الحالية بعد استقالة وزيرين منها في مايو الماضي، وذلك استعداداً لدخول دور الانعقاد الثالث، الذي ينطلق في 28 من الشهر المقبل، بحكومة كاملة.وتعتبر تجربة المبارك في بناء الحكومات السابقة غنية في أحداثها وخبراتها، منذ أن كان نائباً أول لرئيس الوزراء، وهو اليوم بموقع المسؤولية الأولى في التعامل مع آثار استقالة وزيرين من حكومته الحالية، فهو أمام خيارات أبرزها الاكتفاء بسد شواغر الحقيبتين فقط، أو إجراء تعديل وزاري موسع.
وكان المبارك قد شكّل ثلاث حكومات سابقة استقالت جميعها لحل مجلس الأمة في نوفمبر 2011، وإبطاله في يونيو 2012، وفي يونيو 2013، وتعتبر الحكومة الحالية المُشكَّلة في أغسطس 2013 الرابعة له، لكنها شهدت تعديلاً وزارياً موسعاً بطعم التشكيل الجديد بعد استقالة ثمانية وزراء في ديسمبر من العام الماضي.ويرى المراقبون أن أياً من الخيارات المطروحة على طاولة المبارك يجب أن تكون مبنيّةً، في أساسها، على خريطة طريق تمضي بالحكومة في اتجاه الاستقرار والإنجاز والتعاون مع البرلمان، لا على التهديدات النيابية والهروب من الاستجوابات. ويتطرق المراقبون إلى خيارَي المبارك بالقول، إن التعديل الوزاري هو الأكثر كلفةً سياسيةً على رئيس الوزراء، فهو بهذا الخيار يهدم استقراراً حكومياً استمر قرابة العام ونجح في تجاوز العديد من الأزمات السياسية مع النواب، ويدخل في رهان غير معلومة نتائجه بتشكيل وزاري جديد، إضافةً إلى احتمالات واسعة بإرباك الخطة التنموية الخمسية مع وجود وزراء جدد لهم نظرياتهم الخاصة في العمل، ما يعني عودة التأخير في تنفيذ الخطة وتطبيقها.ويكمل المراقبون قراءتهم لخيارات المبارك بالإشارة إلى أن خيار سد الشواغر الحالية في الوزارة هو الطريق الأمثل والأقل كلفة.ويشيرون، وفق هذا الخيار، إلى أمر يمثل الحجر الأساس في أي حكومة، وهو الاستقرار، خاصة أن الحكومة مقبلة على إنجاز خطة تنموية طموحة يراهن كثيرون على الفشل في تنفيذها انطلاقاً من تجارب حكومية سابقة، وبالتالي فإن الحفاظ على الوجوه الوزارية الحالية التي رسمت، مع أجهزتها، الخطةَ على مدار عام كامل يضرب عصفورين بحجر؛ الاستقرار في التشكيل الحكومي والاستقرار داخل أروقة الوزارة.ويضيف المراقبون أن خيار سد الشواغر في التشكيل الحكومي من شأنه كذلك سد باب التدخلات الخارجية في التشكيل، والنأي بالمبارك عن الضغوط، التي يعد أبرزها تعيين نواب في الوزارة، والتي عادة ما تنتهي إلى حكومة لا يملك رئيسُها، في الواقع، القدرة على إدارتها.ومن خيارات المبارك في إعادة تشكيل حكومته وسد شواغرها، التوسع في توزير النواب، وهو الأمر الذي لم يثبت نجاحه سابقاً، فهو سلاح ذو حدين، يفرغ المجلس من الكفاءات النيابية في التشريع والرقابة، أو يفتح أبواب الوساطات على مصراعيه، إذ إن النائب يضع الاعتبارات الانتخابية نصب عينيه أولاً وأخيراً.