يؤلمني!
يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى برلمان بلدي وقد تم اختزاله وتهجينه وإفراغه من محتواه عبر آلية الانتخاب وفقا للصوت للواحد، وتحويله بواسطتها إلى بقايا كائن كسير هزيل مقتلع الأنياب والمخالب! يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى «المعارضة السياسية» في بلدي، أو أولئك القوم الذين يفتخرون بإطلاق هذا الاسم على أنفسهم، وهم ينافسون الحكومة في تيهها وغياب رؤيتها وانعدام تخطيطها.
يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى حال بلدي، سياسيا واقتصاديا وتعليميا وثقافيا واجتماعيا وعلى صعيد الخدمات العامة والبنية التحتية والمؤسسات الخاصة، في انحدار متواصل، يتدحرج فيه من سيئ إلى أسوأ، وأن أرى علامات الأمر وأماراته تلوح أمام ناظري في كل يوم، في الطرقات وعلى صفحات الجرائد وفي معاملات الناس، منذ الصباح الباكر الذي أقود فيه سيارتي إلى عملي أو إلى قضاء مصلحة أو أداء معاملة، حتى أطراف المساء وأنا قافل إلى منزلي!يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى حكومات بلدي المتعاقبة المتشابهة، وبالرغم من كل "الجعجعة" الإعلامية التي تفرزها كل يوم، بمناسبة ودون مناسبة، بلا "طحن" ولا طحين، وأن أرى القيادات- حفظهم الله- في هذه الحكومات، في كل المجالات، مستمرين، حكومة بعد حكومة وجيلا بعد جيل، في المكابرة والقول إن "كل شيء على ما يرام"، ومتشبثين بمواقفهم أو لنقل كراسيهم، فلا فرق في الواقع السياسي، في حين أن كل العارفين والحكماء والعقلاء، يدركون أن كل الأشياء ليست على ما يرام!
يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى برلمان بلدي، مجلس الأمة، "بيت الشعب"، وقد تم اختزاله وتهجينه وإفراغه من محتواه عبر آلية الانتخاب وفقا للصوت للواحد، وتحويله بواسطتها إلى بقايا كائن كسير هزيل مقتلع الأنياب والمخالب! يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى "المعارضة السياسية" في بلدي، أو أولئك القوم الذين يفتخرون بإطلاق هذا الاسم على أنفسهم، وهم ينافسون الحكومة في تيهها وغياب رؤيتها وانعدام تخطيطها وعدم إحساسها بصعوبة الواقع وخطورة المستقبل، وهم الذين لطالما انتقدوها لذلك، وأن أراهم اليوم يعجزون عن الإتيان بأي تحرك حقيقي فاعل، ولو كان ابتدائيا صغيرا، يليق بهذا الاسم الذي نسبوه لأنفسهم، بعدما رفعوا سقوف المطالبات وملؤوا الدنيا زعيقا وضجيجا في وقت من الأوقات!يؤلمني كمواطن كويتي أن أرى "رجالات" بلدي، من أهل الأحلام والنهى والغيرة الحقيقية الصادقة على أحوال الوطن وأهله، وليس أولئك الذين وجدوا في الظروف الحالية فرصة سانحة لتكبير الثروات وزيادة الانتفاع وتلبية المصالح الخاصة، أقول يؤلمني أن أرى أولئك الشرفاء وقد أشاحوا بوجوههم والتحفوا بالصمت، ولاذوا بالتجاهل وهم يرون ويسمعون ويدركون ما يجري، بدعوى أن القيادة لا تستمع ولا تلتفت إليهم، فآثروا لذلك السكوت "حشمة" لمقاماتهم!يؤلمني كمواطن كويتي أن يصبح أقصى ما يمكنني عمله اليوم، أن أكتب كلمتي هنا، في هذا المربع الصغير المرسومة جدرانه بوضوح والمحدد سقفه بعناية، وأن أنصرف بعدها لأؤدي عملي، حتى لا أنجرف مع تيار الاستسلام والإذعان للواقع المتدهور، مكررا على نفسي، لا تستسلم، لا تستسلم!الآلام كثيرة، والأمل واحد. أنتهي كل ليلة بأن أضع رأسي على مخدتي، داعيا الله على أمل أن يأتي الصباح بنور جديد مختلف، وإن كنت أدرك أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وأن «الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»!