يبدو هذا المشروع غامضا نوعا ما، وربما قلة من الكتاب سينضمون الى الذين وافقوا على المساهمة فيه. فكرة المشروع هي أن يقوم الكاتب المشارك بتأليف كتاب أدبي لن يرى النور الا بعد قرن من زمننا الحالي. صاحبة المشروع ليست روائية لكنها الفنانة التشكيلية الشابة كاتي باترسون التي تعمل حاليا على تأسيس مكتبة المستقبل. بدأت باترسون هذا الصيف بزراعة ألف شجرة في منطقة نوردمارك بالقرب من أوسلو في النرويج ستسخدم لصناعة الورق الذي ستطبع منه هذه الكتب. وفي كل عام سينضم كاتب جديد لاضافة مخطوط لهذه المجموعة لا يتم الافصاح عن محتواه الا حين يتم نشره في عام 2114.

Ad

التقت الكاتبة الكندية الأشهر مارغريت اوتوود كاتي باترسون ووافقت الأولى على كتابة نص أدبي ليحفظ في مكتبة اوسلو لتكون أول كاتبة تساهم في مشروع المئة كتاب المزمع نشرها في ذلك التاريخ. وهي ترى أن تلك متعة حقيقية "حين ننشر كتابا لا نعلم من هم قراء هذا الكتاب ومتى سيقرأ وما هي أعمار أو جنس هؤلاء القراء، لن تكون موجودا لترى ردة الفعل، انه يشبه ما كنا نمارسه في طفولتنا حين ندفن أشياء في الحديقة الخلفية لتظهر بعد أعوام على يد أشخاص لا نعرفهم ولا يعرفون من دفنها هنا". وتكمل لن يستطيع أحد أن يعرف ماذا أكتب، هذا التزامي وسأكون حريصة في المحافظة عليه.

يمكن لأي كاتب بأي لغة كانت أن يترك نصه للنشر المستقبلي وما تراه اوتوود هو هل سيحتاج القارئ الى ترجمة لقراءة العمل؟ بعد مئة سنة من الآن قد تتغير اللغة التى يقرأ بها الناس. بالتأكيد لن يكون التغير كما حدث قبل ستة قرون، لكنها حتما ستتغير. وما تراه باترسون هو أن الكلمات التي تكتب بها النصوص ستنمو مع أشجار الغابة/المشروع. وفي كل عام ستعلن اسم الكاتب الذي ينظم للمشروع. وما تحققه هذه التجربة هو الحرية الكاملة للكاتب. فالكتاب المنشور سيكون حرا في طرحه ولن تتم ملاحقة كاتبه وكل ما على الكاتب الالتزام به هو أن يكون الموضوع عن زمننا هذا، فالقارئ المستقبلي سينظر الى الزمن الحالي وقد تمت كتابته دون تحيز أو ترويج لفكرة بعينها تحت ضغوط ما. باختصار سيكون صادقا وحقيقيا.

الذي حرضني للكتابة عن مشروع القرن القادم والذي نشر في الغارديان البريطانية هو تصوري لما سيكون عليه المشروع عربيا. ماذا لو طلبنا من مجموعة من الروائيين العرب أن يتركوا أعمالا حقيقية لا رقابة على كاتبها في مكتبة اوسلو التي تضمن عدم الاطلاع على النصوص الا بعد مئة عام. ماذا سيقرأ القارئ عن زمننا الأغبر هذا والذي لوثناه بثقافة النفاق والمصالح؟ كيف سينظر لنا القارئ المستقبلي وهو يقارن نصوصنا الحقيقية بنصوص كتبت في نفس الزمن تحت وطأة الخوف من الفكرة والرقابة الذاتية والمجتمعية والسياسية والدينية، والدينية خصوصا.