تبين أن احتمالات تحقيق معدلات فائدة أعلى في الولايات المتحدة هو بمثابة نعمة بالنسبة إلى أكبر مالكي سندات الخزينة خارج مجلس الاحتياطي الفدرالي.

Ad

 وبينما هبطت السندات الحكومية في الشهر الحالي مع تعزيز مجلس الاحتياطي الفدرالي لتوقعاته إزاء مستوى ارتفاع معدلات الفائدة في السنة المقبلة قفز الدولار إلى أعلى مستوى له منذ سنة 2010 مقابل شريحة واسعة من العملات، وقد أسهم ذلك في تحويل الخسائر إلى أرباح بالنسبة إلى معظم الأجانب الذين يدينون بـ6 تريليونات دولار من سندات الخزينة، وتحسنت العملة الأميركية إلى درجة جعلت تلك السندات الديون السيادية الأفضل أداء في العالم المتقدم خلال الربع الحالي بالنسبة الى المستثمرين في اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.

كما أن استدامة الطلب من أكبر دائني أميركا الأجانب مثل الحكومة الصينية وشركة كوكوساي لإدارة الأصول في اليابان مسألة جوهرية إزاء احتواء تكلفة التمويل مع خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لشراء السندات والاستعداد لرفع معدلات الفائدة لأول مرة منذ سنة 2006، ومع عرض سندات الخزينة لأعلى أرباح في سبع سنوات بالنسبة إلى السندات السيادية في شتى أنحاء العالم قد تساعد قوة الدولار الآن على منع هجرة المستثمرين الخارجيين من التصرف المتعلق بسوق الديون الحكومية الأميركية البالغة 12.2 تريليون دولار.

ويقول فيليب موفيت وهو رئيس شركة إدارة الأصول في غولدمان ساكس لذوي الدخل المحدود في آسيا – المحيط الهادئ التي تتخذ من مدينة سيدني مقراً لها، والتي تشرف على عمليات بقيمة 935 مليار دولار على صعيد عالمي "أنت تحصل على أرباح أعلى نسبياً عبر امتلاك سندات الخزينة إضافة إلى الاستفادة من ارتفاع قيمة الدولار؛ ولذلك فإن الولايات المتحدة سوف تجتذب رأس المال".

مخاطر مضاعفة الدين

ومع تضاعف الدين العام للولايات المتحدة بشكل تقريبي منذ اندلاع الأزمة المالية في سنة 2008 لم يسبق أن كانت المخاطر قط أعلى بالنسبة الى رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين.  

وتجدر الإشارة إلى أن محاولة يلين إخراج البنك المركزي من معدلات فائدة تقارب الصفر منذ 6 سنوات مع تريليونات الدولارات من مشتريات ديون فإن أي تباطؤ في الطلب على سندات الخزينة قد يفضي إلى قفزة في تكلفة الاقتراض بالنسبة إلى الحكومة والشركات والمستهلكين، ويهدد ذلك التأثير في الاقتصاد الأميركي الذي لا يزال ينمو بوتيرة أكثر بطئاً مما كان عليه قبل أزمة الائتمان.

وبعد تحقيق تقدم بنسبة 4.45 في المئة خلال أول ثمانية شهور من هذه السنة خسرت سندات الخزينة 1.1 في المئة في سبتمبر، وهي أعلى نسبة في السنة الحالية، كما تظهر معلومات مؤشر جمعتها بلومبرغ.

وقد تفاقم الهبوط في الأسعار بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأسبوع الماضي توقعاته لمعدلات الفائدة لنهاية سنة 2015 بربع نقطة مئوية لتصل إلى 1.375 في المئة، وأفضى ذلك إلى رفع سعر الأساس لأرباح سندات لعشر سنوات إلى 2.65 في المئة في 19 سبتمبر بعد أن كانت 2.3 في المئة في منتصف شهر أغسطس، وبلغت 2.57 في المئة في الأسبوع الماضي.

وحدثت هذه المراجعة مع ثبات مجلس الاحتياطي الفدرالي على موقفه بالنسبة الى إنهاء التيسير الكمي في الشهر المقبل عبر خفض مشترياته الشهرية من السندات من 25 مليار دولار إلى 15 مليار دولار في الشهر الحالي مع التحدث عن إبقاء معدلات الفائدة متدنية لوقت طويل.

وبينما أثارت أخطار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفدرالي بعض المستثمرين فقد دفعت أيضاً تجار العملات الى التركيز على الدولار، ويقول مساثاكا هوري الذي يساعد في إدارة صندوق كوكوساي للأصول بقيمة 9.86 مليارات دولار "إن العملات سوف تشكل الجزء الأكبر من عوائد الاستثمارات الآن".

ويعمل صندوق كوكوساي وهو أكبر مستثمر في صناديق الاستثمار المشترك اليابانية في سندات الخزينة على خفض موجوداته من اليورو والين بغية شراء المزيد من الديون الأميركية، ولديه 30.3 في المئة من الأصول في استثمارات بالدولار في 11 سبتمبر مقابل 28.2 في المئة في 28 أغسطس.

وبينما هبطت سندات الحكومة الأميركية بنسبة 0.45 في المئة منذ شهر يونيو– باليورو– فإنها حققت عوائد بـ6.7 في المئة بما في ذلك دفعات الفائدة، كما أن سندات الخزينة حققت أداء أفضل بالنسبة إلى مستثمري الين مع عوائد بلغت 7.6 في المئة نتيجة ارتفاع قيمة الدولار إلى أعلى مستوى في ست سنوات مقابل الين الياباني. ويقابل ذلك عوائد بالعملة المحلية بنسبة 0.2 في المئة للدولة الآسيوية، إضافة إلى أن المستثمرين البريطانيين والسويسريين والكنديين كسبوا من خلال سندات الخزينة أكثر مما يمكن أن يحققوه عبر تملكهم أسهم حكوماتهم.

مزيد من تحسن سعر الدولار

ومع شراء بنك اليابان 7 تريليونات ين (64 مليار دولار) من السندات شهرياً لدعم اقتصاد اليابان وتقدم البنك المركزي الأوروبي نحو البدء بالتيسير الكمي لمنع الانكماش فقد توقع خبراء تدفق مزيد من اليورو والين على الأسواق المالية وتحقيق الدولار لمزيد من التحسن.

وتشير معلومات بلومبرغ إلى أن الدولار سوف يتعزز مقابل 9 من 10 عملات رئيسية بحلول نهاية سنة 2015، وفي الأسبوع الماضي عمدت البنوك المركزية الأجنبية، وهي بين أكبر مشتري سندات الحكومة الأميركية، الى زيادة حصتها الى رقم قياسي بلغ 3.03 تريليونات دولار.

من جهة أخرى ومع توقع الاقتصاديين لأسرع نمو أميركي خلال عقد في السنة المقبلة يقول توبي نانغل من "ثريدنيدل" لإدارة الأصول إنه يفضل الاستثمار في الدولار وليس المجازفة بالاستثمار في سندات الخزينة. وقد أظهرت تقارير ميدانية هذا الشهر أن مبيعات التجزئة تحسنت في شهري يوليو وأغسطس في حين ارتفعت ثقة المستهلكين الى أعلى مستوياتها خلال أكثر من سنة في سبتمبر. ويضيف "إن محبتنا للدولار لا تعني التوجه الى الاستثمار في سندات الخزينة التي لا نرى قيمة فيها".

وقد تحسنت صورة الديون الأميركية أيضاً نتيجة الاضطرابات التي وقعت من روسيا الى قطاع غزة وعززت الطلب على الصول الأكثر أماناً، بحسب جيم ليفيز وهو مدير مالي في شركة إم and جي للاستثمارات التي تتخذ من لندن مقراً لها وتشرف على عمليات بقيمة 389 مليار دولار.

وطرحت سندات لعشر سنوات 1.57 نقطة مئوية أكثر من السندات الألمانية في الأسبوع الماضي، وكانت الأعلى منذ سنة 1999، وقد توسعت الفجوة بوتيرة أسرع منذ شهر يونيو عندما أصبح البنك المركزي الأوروبي أول بنك مركزي رئيسي تتعرض واحدة من معدلاته الرئيسية الى السلبية.

على صعيد عالمي طرحت سندات الخزانة 0.62 نقطة مئوية أكثر من السندات السيادية الاخرى، وهو أكبر تقدم منذ سنة 2007، ويقول ليفيز "يتمتع الدولار أيضاً بجاذبية كملاذ آمن في العالم حيث توجد أخطار جيوسياسية، وإذا نظرت إلى دول أخرى حول العالم فإن أرباح الولايات المتحدة تعتبر جذابة بصورة نسبية".

احتواء التضخم

ساعد تقدم الدولار على احتواء التضخم عبر خفض أسعار شريحة من السلع الى أدنى مستوياتها في خمس سنوات، كما أن تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة هبطت في شهر أغسطس لأول مرة خلال أكثر من سنة مع انخفاض أسعار المستهلكين بنسبة 0.2 في المئة عن الشهر السابق.

وبحسب معيار مجلس الاحتياطي الفدرالي هبط التضخم محسوباً على أساس سنوي عن الحد المستهدف 2 في المئة  لـ27 شهراً على التوالي، وربما يخفف نقص ضغط الأسعار من الحاجة الى تحرك مجلس الاحتياطي الفدرالي بقوة لرفع معدلات الفائدة والحفاظ على القوة الشرائية لدفعات ذوي الدخل المحدود.