بدأ البابا فرنسيس الأحد زيارة تستمر يوماً واحداً لألبانيا التي يحكمها تحالف بين المسلمين والكاثوليك والأرثوذكس، والتي وصفها بأنها "نموذج"، منتقداً استخدام الحركات الدينية المتطرفة الدين "ذريعة" للعنف.

Ad

وقال البابا أمام المسؤولين الألبان، محدداً هدف زيارته "لا يظنن أحد أنه يستطيع أن يجعل من الله درعاً عندما يخطط وينفذ أعمال عنف واحتقار للآخرين! يجب ألا يتخذ أحد من الدين ذريعة للقيام بأعماله الخاصة المخالفة لكرامة الانسان وحقوقه الأساسية".

وقد استقبل رئيس الوزراء الكاثوليكي آدي راما البابا الذي رحب بوصوله بشكل حار مئات آلاف الأشخاص في الجادة الكبرى وفي ساحة الأم تيريزا حيث أقام قداساً احتفالياً.

وفي سيارة الجيب المكشوفة على طول الجادة المزينة بصور الشهداء المسيحيين أيام النظام الشيوعي، توقف مراراً لمصافحة أشخاص كما حمل بعض الأطفال، واتخذت تدابير أمنية مشددة خشية تهديدات وجهها إلى البابا التيار الجهادي.

وكان البابا قال في الطائرة للصحافيين أن "ألبانيا بلد عانى كثيراً، ولقد تمكنت من التوصل إلى السلام بين مختلف طوائفها الدينية، هذه إشارة جيدة للعالم".

وأمام الرئيس بوجار نيشاني، أشاد البابا بـ "بلد النسور" و"بلد الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل استقلال الأمة وبلد الشهداء الذين شهدوا لإيمانهم في زمن الاضطهادات".

وامتدح البابا موقف المسؤولين السياسيين والدينيين الألبان، وقال بأن "مناخ الاحترام والثقة المتبادلة بين الكاثوليك والأرثوذوكس والمسلمين كنز ثمين للبلاد ويتضمن معنى خاصاً في زمننا".

وأضاف أن الفحوى الأساسي للدين "تنكرت له المجموعات المتطرفة" التي "تشوه وتستخدم الفروقات بين مختلف الديانات" وتجعل منها "عاملاً خطراً للمواجهة والعنف".

وقد خاطب البابا في ندائه جميع الأديان لكنه ألمح بوضوح أيضاً إلى الوضع الراهن الذي تميزه أعمال العنف التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية.

وقال أن "ألبانيا تستطيع أن تواصل السير على هذا الطريق لتصبح مثالاً لعدد كبير من البلدان".

وقال حسين دولي (85 عاما) وهو مسلم جاء مع أفراد عائلته العشرة من مدينة لاتش القريبة من تيرانا "ننتمي إلى ديانة أخرى لكن جئنا احتراماً وامتناناً لنحصل على بركة البابا".

وحشدت تيرانا 2500 شرطي وقناص من النخبة في المباني بوسط العاصمة حيث أقامت الشرطة 29 نقطة تفتيش، وحظر تنقل السيارات كما سيتم تفتيش جميع المشاركين في القداس.

وخلال هذه الزيارة التي تستمر إحدى عشرة ساعة، سيلتقي البابا المسؤولين الدينيين ويجتمع مع مندوبي الكاثوليك الألبان، وسينتهي اليوم بلقاء في مركز "بيثاني" الإجتماعي في تيرانا حيث سيلتقي كما يرغب الأيتام والمعوقين.

وسيشيد البابا فرنسيس أيضاً في البانيا بكنيسة في ذروة ازدهارها بعد نظام دكتاتوري ماركسي رهيب سبقته خمسة قرون من الهيمنة العثمانية.

وقال البابا لدى عودته من كوريا "أنه البلد الوحيد بين البلدان الشيوعية الذي أدرج الإلحاد في دستوره، فقد تم تدمير 1820 كنيسة أرثوذكسية وكاثوليكية".

وقد ساعد احترام الطوباوية الأم تيريزا الألبانية المقدونية الأصل، ومجيء عدد كبير من رجال الدين الأجانب، في إحياء الكاثوليكية في البلاد ابتداءً من نهاية الثمانينات، عندما أعاد رامز عليا الذي خلف الدكتاتور أنور خوجا الحرية الدينية.

وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، نشأ نظام شيوعي مغلق على العالم، وفي 1967، أعلن خوجا ألبانيا "أول دولة ملحدة في العالم"، وبين 1945 و1985، توفي في الاعتقال أو أعدم سبعة أساقفة و111 كاهناً و10 أكليريكيين وثماني راهبات.

وهؤلاء هم "شهداء الإيمان" الذين كرمهم يوحنا بولس الثاني خلال زيارته في 1993، ورسم آنذاك أربعة أساقفة منهم ميشال كوليكي الذي كان في الحادية والتسعين من عمره أمضى منها 21 عاماً في الاعتقال والذي غمره بذراعيه في كاتدرائية شكودر.

وسيغادر البابا ألبانيا حاملاً مزهرية من الزجاج تحتوي على تراب ألباني وهي هدية قدمها رئيس الوزراء باسم جميع الألبان.