توقع رئيس الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالبنك الدولي شانتا ديفاراجان أن يبلغ معدل النمو في الكويت 1.4 في المئة هذا العام و1.8 في المئة العام القادم، مشيراً إلى أن سعر التعادل للنفط نحو 80 دولاراً للبرميل في كثير من دول الخليج، وأقل قليلا من ذلك في الكويت.

Ad

واكد ديفاراجان خلال لقائه مع «الجريدة» ضرورة اجراء إصلاحات بشأن الإنفاق العام في دول الخليج، ومن ذلك إصلاحات نظام الدعم.

وأضاف أن الكويت ودول الخليج تتميز بأعلى نظم دعم الطاقة على مستوى العالم، إذا ترواح ما بين 5 إلى 10 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، موضحاً أن الحكومة تستطيع ترشيد هذا الدعم عبر تحويله إلى تحويلات نقدية توجه للفئات المحتاجة، وأن يدفع الجميع غير الفقراء أسعار السوق للوقود.

وبين أن المفترض ان سبب ارتفاع فاتورة أجور القطاع العام أنه وسيلة لينتفع المواطنون الكويتيون بعائدات النفط، مشددا على ضرورة قيام حكومة الكويت بدرس توزيع عائدات النفط من خلال مدفوعات نقدية مباشرة لكل مواطن كويتي، وتقليص حجم القطاع العام. بحين يُمكِن للكويتيين استخدام المدفوعات النقدية في بدء نشاط تجاري أو عمل ما يشاؤون بالمال.

وقال ديفاراجان ان زيادة مشاركة الكويتيين في القطاع الخاص تفرض على الحكومة إجراء إصلاحات كبيرة في القطاع العام، لأن الأجور المرتفعة في القطاع العام تقف عقبةً في طريق نمو القطاع الخاص. وحول تأثير الاحداث السياسية في المنطقة على اقتصاد الكويت والخليج، قال ان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) حين بدأ بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من العراق في يونيو الماضي ارتفع سعر النفط، ولكن مع استمرار وجود هذا التنظيم دفع سعر النفط إلى التراجع مرة أخرى، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

النمو بالكويت والخليج

• ما هي النسبة المتوقعة لنمو الكويت بشكل خاص ومنطقة الخليج بشكل عام خلال 2014 و2015؟

- نتوقع أن يبلغ معدل النمو في الكويت 1.4 في المئة هذا العام (2014) و1.8 في المئة العام القادم. وأما دول الخليج فالنمو المتوقع لها هو 4.9 في المئة و5.1 في المئة على الترتيب.

• ما تأثير الاضطرابات السياسية في المنطقة، لاسيما ما يحدث في سورية والعراق، على النمو الاقتصادي لدول الخليج؟

- كان الأثر الرئيسي من خلال التداعيات على أسعار النفط، فحينما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من العراق في يونيو الماضي ارتفع سعر النفط، ولكن منذ ذلك الحين، فإن سعر النفط آخذ في التراجع. وكان الأثر الآخر هو توقف التجارة ين دول المشرق العربي مثل الأردن ولبنان، ولكن هذا لم يُؤثِّر فيما يبدو في دول الخليج بعد.

الدعم الحكومي

• كيف ترى الدعم الحكومي في الكويت خاصة والخليج عامة؟

- يوجد في دول الخليج بعـــضٌ أعلى نظم دعم الطاقة في العالم، إذ تراوح من 5 إلى 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. ويوجد نحو نصف الدعم لمنتجات الطاقة في العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ومُعظمه في دول الخليج. ويُزاحم هذا الدعم الإنفاق العام ويعود بأكبر نفع على الأغنياء (الذين يمتلكون سيارات أكثر وبيوتا أكبر حجماً، وغيرها الكثير)، وفضلاً عن ذلك، فإن لهذا الدعم آثاراً مدمرة على اقتصادات هذه الدول. فعلى سبيل المثال، من الملاحظ أن الدول التي يرتفع فيها الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة تشهد أيضا معدلات أعلى من الوفيات في حوادث الطرق. ويصاحبها أيضا ارتفاع معدلات تلوُّث الهواء. وأخيراً، فإن الدعم الحكومي للديزل في إحدى أكثر مناطق العالم شحة في المياه يُشجِّع على ضخ مزيد من المياه الجوفية، وزراعة محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه.

ترشيد الدعم

• في رأيك، كيف يمكن ترشيد هذا الدعم؟

- يُمكِن ترشيد الدعم بتحويله إلى تحويلات نقدية تكون مُوجَّهةً للفئات المحتاجة، وأن يدفع الجميع غير الفقراء أسعار السوق للوقود. سيساعد هذا الحكومة على الاقتصاد في الإنفاق ويؤدي إلى تقليل الآثار الضارة للأسعار المنخفضة للوقود ومنتجات الطاقة، مثل حوادث الطرق والتلوَّث، واستنزاف المياه.

• من وجهة نظرك، هل ترى أن التوترات بين الحكومة ومجلس الامة تعرقل التنمية في الكويت، خاصة بعد تعثر خطوات تخفيف الدعم الحكومي؟

- يجب توعية الجمهور مسبقاً بأي إصلاح للدعم، حتى ينشأ توافق واسع في الآراء مؤيِّد له، بما في ذلك في البرلمان والحكومة.

أسعار النفط

• ما تأثيرات انخفاض اسعار النفط على ميزانيات ونسب النمو في الكويت ودول الخليج؟

- خلصت حساباتنا إلى أن سعر التعادل للنفط هو نحو 80 دولاراً للبرميل في كثير من دول الخليج، وأقل قليلا من ذلك في الكويت. ويعني هذا أنه حينما ينخفض سعر النفط عن مستوى 80 دولاراً، يختفي فائض الميزانية للسعودية. وينخفض فائض ميزانية قطر بمقدار النصف. ويعني هذا أنَّه من الأهمية بمكان لهذه الدول أن تُجرِي إصلاحات للإنفاق العام، ومن ذلك إصلاحات لنظام الدعم.

• كيف ترى نسب التضخم في الكويت ودول الخليج؟

- كانت معدلات التضخم منخفضةً نسبياً في هذه الدول، بفضل عدة عوامل منها ارتباط سعر صرف عملاتها بالدولار، كما كانت في أنحاء العالم.

الرواتب والكوادر

• كيف ترى علاج مشكلة الرواتب والكوادر التي تثقل الميزانية العامة للكويت؟

- في دول مثل الكويت، يشارك 95 في المئة من الذكور في الأيدي العاملة في القطاع العام، ويتقاضون أجوراً مرتفعةً نسبياً. ويجعل هذا من الصعب تنمية القطاع الخاص لأنه سيتعين حينئذ دفع مرتبات عالية فيه لمنافسة القطاع العام. ومن المُفترض أن سبب ارتفاع فاتورة أجور القطاع العام هو أنه وسيلة لينتفع المواطنون الكويتيون من عائدات النفط. لكنها وسيلة قليلة الكفاءة لتوزيع عائدات النفط لأنها، كما ذكرنا آنفاً، تؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص.

ولمعالجة هذه المشكلة، ينبغي للحكومة أن تدرس توزيع عائدات النفط من خلال مدفوعات نقدية مباشرة لكل مواطن كويتي، وتقليص حجم القطاع العام. ويُمكِن للكويتيين استخدام المدفوعات النقدية في بدء نشاط تجاري أو عمل ما يشاؤون بالمال.

تعزيز القطاع الخاص

• ما الحلول الواجب اتخاذها لتمكين القطاع الخاص الكويتي ليحقق مشاركة فعالة في الاقتصاد؟

- سيكون من الصعب زيادة مشاركة الكويتيين في القطاع الخاص بدون إجراء إصلاحات كبيرة في القطاع العام، لأن الأجور المرتفعة في القطاع العام تقف عقبةً في طريق نمو القطاع الخاص. وفضلا عن ذلك، سيكون من الضروري أن تُشجِّع الإجراءات التنظيمية في القطاع الخاص على المنافسة.