هناك إجماع من النخب الإسرائيلية على أن نظام بشار الأسد قد يسقط في أي لحظة، وأرجع هؤلاء ذلك إلى "انهيار" قوات هذا النظام ووحدة فصائل الثورة السورية "التي قلبت موازين القوى رأساً على عقب"، وحسب صحيفة "يَدِيعُوت أحرنوت" فإن انضواء التنظيمات المعارضة تحت فيلق "جيش الفتح" والسيطرة على إدلب وجسر الشغور والتقدم نحو الساحل السوري شكّل تطوراً مكَّن الثوار من تجميع قوتهم العسكرية في مواجهة جيش النظام.

Ad

 والمشكلة أن ما بقي الإسرائيليون وغيرهم يعملون من أجله سراً أصبح الآن، بعد كل هذه التطورات، معلناً ومكشوفاً حيث دعا "مركز يوروشلايم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يديره دوري غولد كبير مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى ضرورة إقناع الغرب بضرورة تبني هدف تقسيم سورية، واعتبر هذا المركز أن تقسيم هذا البلد إلى عدد من الدويلات سيكون الحل الأفضل!

 والمفترض أنه معروف أن الإسرائيليين اعتبروا أن أمْن دولتهم "الاستراتيجي" هو تمزيق هذه المنطقة، لا سورية فقط، إلى دويلات مذهبية وإثنية متناحرة بالإمكان أن تشكل في ما بينها ما يشبه "الكومنولث" البريطاني، يكون لإسرائيل فيه مكانة بريطانيا في هذا الائتلاف الدولي الذي لا يزال قائماً ومستمراً رغم مرور عشرات الأعوام، ورغم التغيرات المستجدة الهائلة في المعادلات الدولية.

 إن هذا الذي يُطرح الآن، بعد كل هذه المستجدات التي جعلت كثيرين يتوقعون انهيار نظام بشار الأسد على نحو مفاجئ، يجب النظر إليه والتعامل معه بمنتهى الجدية، خصوصاً أن هذا النظام بقي يعمل منذ أكثر من أربعة أعوام على جَعْلِ بديله إما التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، أو تمزُّق هذا البلد وتحوله إلى دويلات طائفية ومذهبية، وحسب الطلب الإسرائيلي، تبقى تتحارب في ما بينها إلى الأبد.

 وهنا فإن المؤكد أن هدف توحيد فصائل الثورة السورية عسكرياً في إطار ما أُطلق عليه: "جيش الفتح" وسياسياً في إطار: "الائتلاف" الوطني المعترف به دولياً كممثل للشعب السوري هو خطوة استباقية استعداداً لاحتمال انهيار نظام بشار الأسد بصورة مفاجئة، وقطعاً للطريق على الرغبة الإسرائيلية التي غدت معلنة وتقال على رؤوس الأشهاد في تقسيم هذا البلد وتحويله إلى "كانتونات" مذهبية وإثنية متناحرة.

 وهكذا فإن ما يعزز الثقة بأن سقوط هذا النظام غدا متوقعاً في أي لحظة، وبأن سقوطه لن يؤثر على تماسك سورية الواحدة الموحدة، أن الذين دعوا إلى عقد مؤتمر في الرياض للمعارضة السورية، من المتوقع أن يكون تاريخياً ويشكل نقطة تحول في هذا البلد وفي الشرق الأوسط كله، يعرفون كل هذه التحديات، ويدركون أن استمرار الأوضاع على ما كانت عليه خلال الأعوام الأربعة الماضية ستكون عواقبه كارثية على المنطقة كلها، ولهذا فإنه لا بد من تكاتف العرب كلهم لضمان نجاح هذا المؤتمر، الذي يُفترض أن يضع حداً، بصورة نهائية، لحالة التشرذم التي سادت في المرحلة السابقة، والتي هي المسؤول أساساً عن صمود بشار الأسد كل هذا الصمود على مدى الأعوام الأربعة الماضية.