«الحداد» كلمة يستعملها الخبراء لتحديد عمل يجب أن نقوم به وفترة صعبة في حياتنا. ليست هذه الكلمة، في هذا الإطار، مرتبطة بالموت، بل تستعمل في إطار الانفصال، وهي تصف الخروج من موت علاقةٍ للدخول إلى حياةٍ جديدة.

Ad

عند الانفصال أو الطلاق، ينهار شيء في داخلنا. يجب تقبل الألم والغضب وتفكيك المشاعر كافة التي تنتابنا، حداداً على علاقةٍ تسببت نهايتها بإعادة النظر في شخصنا. للقيام بذلك، يُحبَذ تحليل المراحل كافة التي تتلو تفكك ثنائي: الانكار، الغضب، الشعور بالذنب، خوف من الوحدة، إعادة تعلم الثقة والانفتاح على الآخرين، العزوبية والثقة بالنفس...

كل مرحلة هي فرصة للنظر في توازننا العاطفي وإدراك مكامن ضعفنا وتسليط الضوء على توقعاتنا وقدراتنا. إنها دعوة لتحويل هذه المرحلة الانتقالية إلى وقت تفكيرٍ ونمو. يساعدنا هذا العمل الإنساني الملموس على تقوية شخصيتنا وتحريرها وتنمية قدراتنا على الحب من جديد.

تعبير عن مشاعرنا

من المهم التعبير عن مشاعرنا. يحتاج الأمر إلى وقتٍ وتمهل وتقبل الألم. يجب أن نعبر عن غضبنا أو كرهنا أو خيبتنا وأن لا نكتم هذه المشاعر كي لا تطول. إنما لا يجب أن نحول الشخص الذي أحببناه إلى عدو، كي لا نكره ماضينا. الدعم مهمٌ كما الإبداع. يسمح ذلك بالابتعاد عن الحزن وتحويل ألمنا إلى شيءٍ إيجابي نتذكره في المستقبل.

هل من حياة بعد الانفصال؟

ثمة أعمال كتابية عدة تشرح لنا كيف نخرج من علاقةٍ ونحد عليها ونعيد بناء حياتنا من بعدها، من دون الوقوع في دوامة الألم وفقدان الثقة بالحب وبأنفسنا.

بحسب الخبراء، لا يتفاعل الرجال والنساء بالطريقة عينها مع الانفصال، فتتمسك النساء بألمها وتشك بقدرتها على الجاذبية، بينما يكثر الرجال من العلاقات العابرة أو يدخلون بعلاقة جديدة مباشرة أو ينكبون على العمل.

حداد حقيقي

تحتاج الانطلاقة الجديدة إلى المرور بمرحلة حداد. قد تم تحديد المراحل المختلفة للحداد العاطفي، وهي تتتالى على هذا الشكل:

- الانكار أو الفترة التي نرفض فيها الانفصال وكونه نهائياً.

- الغضب عندما ندرك حجم خسارتنا.

- المساومة حين نحاول معرفة على من يقع اللوم.

- الحزن حينما نندم على الماضي ونجمّله.

- القبول عندما نتقبَّل الأخطاء التي حصلت وواقع الانفصال ونتمكَّن من الانفتاح على الغير وإعادة بناء حياتنا.

لا يمكننا تسريع مراحل الحداد هذه. ثمة مرحلة لا نقبل خلالها الانفصال ونعتقد أننا سنعيد بناء علاقتنا مع الحبيب. ثم نغضب على هذا الشخص ونتهمه بالخيانة ونلقي اللوم عليه. بعدها نمر بمرحلة شعورٍ بالذنب نقرر خلالها تغيير نفسنا لإرضاء الآخر، ومن بعدها تأتي مرحلة الحزن حين ندرك أن العلاقة انتهت فعلاً. أخيراً، تأتي مرحلة التقبل التي يمكننا من بعدها استئناف علاقة جديدة.

يرفق الانفصال بالإجمال بالألم والخوف. ولكن ألا يعني الانفصال التغيير؟ الانفتاح على مستقبلٍ جديد؟ قد يجر الانفصال قوة حياة جديدة ومبدعة.

يجب تخطي اللحظات كافة التي نشعر خلالها بالإحباط وفهم أن الانفصال لا يعني الفشل بل الولادة الجديدة. لحظات الألم هذه كافة هي فرصة لاكتساب القوة وللتجدد.