إذا كان الأميركان وحلفاؤهم من العرب مشتهين ولكن مستحون من مواجهة «داعش» فعلياً، أو أنهم فعلاً لا يملكون القدرة على ذلك، فليقدموا إلى الأمة العربية والإسلامية معروفاً، وليتركوا السوريين والعراقيين ليقوموا بهذه المهمة التي لن تستغرق سنوات أوباما العشْر، بل قد يمكن أن نحتفل معهم بالقضاء على «داعش» في عشرة أسابيع!
الموقف الرسمي العربي والدولي من مسرحية مواجهة الإرهاب عموماً والقضاء على "داعش" بشكل خاص لا يقل في خبثه عن ممارسات هذه التنظيمات الإجرامية، فداعش نجح في شن حرب على العالم، وبات يوثق جرائمه بإخراج سينمائي هوليوودي في وضح النهار، بينما الحرب الدولية على "داعش" قد تكون فيلماً سينمائياً آخر يهدف إلى الفوز بإحدى جوائز الأوسكار.عملية نحر العمال المصريين الأقباط في ليبيا على شاطئ البحر وردة الفعل عليها دليل آخر على تخاذل العرب وحلفائهم في مواجهة هذا التنظيم وغيره، فهناك تحالف أممي بقيادة الولايات المتحدة قد تشكَّل قبل حوالي سنة تحت مظلة مجلس الأمن، ويضم 60 دولة حول العالم، ومع ذلك وصل الدواعش إلى نيجيريا والكاميرون ومالي وتغلغلوا إلى باريس وكوبنهاغن.عندما تم حرق الطيار الأردني بعدها بساعات قليلة أعلن الجيش الأردني أن سلاحه الجوي دكّ معاقل "داعش" ومخازنه ومراكز تدريبيه في الرقة بسورية، وعندما حز رؤوس 21 قبطياً في ليبيا شنت الطائرات الحربية المصرية سلسلة من الهجمات على مواقع "داعش" في تلك الدولة التي تبعد مئات الكيلومترات عن حدودها، وعندما احتل الدواعش الموصل في العراق وكوباني في سورية بدأت أميركا وكندا وبريطانيا، وحتى الإمارات والبحرين، في دكّ حصون هذا التنظيم في العراق وسورية.كل هذا يدل على أن العرب وحلفاءهم الغربيين كانوا يعرفون مراكز القيادة لدى "داعش" ومعسكراته ومخازن أسلحته وآبار نفطه والجهات التي تجنّد مقاتليه في أوروبا، ولذلك بدأوا بمهاجمتهم خلال ساعات قليلة، والسؤال: لماذا كل هذه المماطلة؟ ولماذا لا تبدأ كل دولة بمهامها إلا عندما يحرق أبناؤها أو تنحر رقاب مواطنيها وتسبى نساؤها رغم كل هذه المعلومات الميدانية الدقيقة؟!من جانب آخر، تتهم تركيا بأنها ملاذ الدواعش ووزارة ماليتهم وسوقهم النفطية والمعبر لمقاتليهم إلى سورية والعراق، ومع ذلك فإن تركيا عضو في حلف "الناتو" وترفض الدخول مع الأميركان لقتال "داعش"، ولكنها تقبل، وتقبل أميركا، أن تعملا معاً لمقاتلة نظام بشار الأسد، وبالمثل تُتهم قطر بأنها الحاضنة الإعلامية وأحد مراكز التمويل الرئيسية للتنظيمات المسلحة، ورغم هذا الاتهام تحتضن الدوحة أكبر قاعدة عسكرية في العالم تابعة للولايات المتحدة!المفارقة المضحكة الأخرى هي أن جبهة القتال الرئيسية وأرض المعركة الحقيقية ضد "داعش" يقودها النظام السوري والحكومة العراقية وكوادر "حزب الله" اللبناني، وهذه الجبهة وفق الموقف الأميركي الأوروبي والخليجي والعربي جبهة عدائية، لأنها تحت المظلة الإيرانية، فالعرب والأميركان لا يريدون خوض حرب حقيقية ضد "داعش"، ولا يقبلون أن يقاتل أحد هذا العدو نيابة عنهم وبالمجان! والتحالف الأميركي رصد مبدئياً ميزانية بنصف تريليون دولار لمحاربة تنظيم "داعش"، ومع ذلك يخطئ الأميركان ويسقطون أسلحة حديثة لمقاتلي هذه العصابة مرة في سورية، وأخرى في العراق، وأخيراً في ليبيا!إذا كان الأميركان وحلفاؤهم من العرب مشتهين ولكن مستحون من مواجهة "داعش" فعلياً، أو أنهم فعلاً لا يملكون القدرة على ذلك، فليقدموا إلى الأمة العربية والإسلامية معروفاً، وليتركوا السوريين والعراقيين ليقوموا بهذه المهمة التي لن تستغرق سنوات أوباما العشْر، بل قد يمكن أن نحتفل معهم بالقضاء على "داعش" في عشرة أسابيع!
مقالات
حرب «هوليوود» على «داعش»!
20-02-2015