منذ انطلاق مناقشات قمة كامب ديفيد، التي انتهت قبل أيام، بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة دول الخليج (أو مَن ناب عنهم)، بدا واضحاً أن هموم الفريقين متناقضة... أميركا يهمها الملف النووي الإيراني وإقامة علاقات استراتيجية في المنطقة مع إيران، لتساعد في حلحلة بؤر التوتر ومجابهة "داعش" وتوابعه... أما التكتل الخليجي فيريد الحماية الأكيدة من خطر توسع النفوذ الإيراني، الذي تحوَّل، سراً، إلى صراع طائفي سُني – شيعي، على الزعامة الإسلامية السياسية، خصوصاً مع وصول الحوثيين (الشيعة) إلى الحدود الجنوبية (الخاصرة المهمة) للمملكة، بعد تبلور الهلال الشيعي شمالاً، ما سبب الفزع الأكبر لها، فأصبحت المعركة وكأنها إما نحن وإما أنتم!

Ad

إذاً، الخليجيون يطلبون حماية أكيدة، وليست وعوداً غير ملزمة ومؤقتة من الإدارة الأميركية، الفاقدة القدرة على التأثير في الكونغرس الأميركي.

أوباما كان قد أفصح قبل فترة، في مقابلة مع الصحافي توماس فريدمان، أن الخطر على دول الخليج ليس إيرانياً، بل داخلي، ويجب أن يُواجه من خلال إصلاحات داخلية تلبي طموح الشباب الذي أطاح أنظمة عربية كثيرة.

وكذلك أشارت بعض التقارير إلى أنه كان هناك هاجس أميركي، يتمثل في المشكلة الحدودية بين الفرقاء الخليجيين، ما يعرقل تعاونهم... كل هذا تبخر في الاجتماعات التي عُقدت في كامب ديفيد، والتركيز انصبَّ على الجانب الأمني والحل العسكري، الذي لم يلقَ معارضة الولايات المتحدة الأميركية، كما كان متوقعاً، بل إن هذا التحوُّل لم يزعجها إطلاقاً، لأن حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية ليست من أولويات السياسة الأميركية.

المجابهة معناها التسلح، والتسلح معناه تحول مليارات دولارات النفط إلى مصانع الأسلحة الأميركية، ويخفف البطالة عندها، فهذه المصانع سوف تتوسع منشآتها، وتزيد عمالتها، لاسيما أن تحقيق هذا الهدف العسكري على أرض الواقع بحاجة إلى سنوات عدة، وهو ما يريده الحزب الديمقراطي، حزب الرئيس أوباما، بعد انحسار شعبيته، بسبب الضائقة الاقتصادية.

ويقدر البعض أن الأنظمة الصاروخية الموعودة تحتاج إلى 10 سنوات، لكي تكون كاملة وفاعلة، ويبدو أن هذا هو الحل الذي اتفق عليه الطرفان... صراع دائم سيكلفنا المزيد من الضحايا وأموالاً طائلة... صراع ذو بُعد طائفي مدمر، لا انتصار فيه لأحد، ستكون شعوب المنطقة الضحية الأولى له، وسيمتد لأجيال قادمة.

فلا حول ولا قوة إلا بالله.