في تطور ميداني جديد اعتبره ائتلاف المعارضة السورية ورقة إضافية قوية لتحقيق مكاسب سياسية، واصل جيش «الفتح» تقدمه في ريف إدلب، في وقت أقرّ نظام الرئيس بشار الأسد بالانسحاب التام من أريحا، آخر أهم معاقله في المحافظة الاستراتيجية المتاخمة لتركيا.

Ad

غداة سيطرتها التامة على آخر معاقل قوات الرئيس السوري بشار الأسد في إدلب، واصلت كتائب جيش «الفتح» بقيادة جبهة النصرة وحلفاؤها تقدمها في ريف المحافظة حيث لايزال النظام يحتفظ بمطار أبو الضهور العسكري وقريتي الفوعة وكفرية الشيعيتين، بالإضافة إلى بعض البلدات الصغيرة والحواجز العسكرية.

وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان ونشطاء في المعارضة أن جيش «الفتح»، المؤلف من «النصرة وجند الأقصى وفيلق الشام وحركة أحرار الشام وأجناد الشام وجيش السنة ولواء الحق»، حقق تقدماً جديداً أمس بعد طرده قوات النظام من مدينة أريحا الاسترتيجية، موضحاً أنه دخل بلدة أورم الجوز القريبة منها، بعد اقتحام مقاتليه عدداً من نقاط ومواقع للنظام والمليشيات الموالية له.

وبينما نقل التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري اقراره بان وحدات الجيش انسحبت من اريحا، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «جيش الفتح سيطر بشكل كامل على أريحا بعد هجوم خاطف انتهى بانسحاب كثيف لقوات النظام وحلفائه من حزب الله عبر الجهة الغربية للمدينة»، موضحاً أن «الهجوم لم يستغرق إلا بضع ساعات وسقوط المدينة بهذه السرعة أمر مفاجئ ومستغرب، فقد تجمعت فيها كل القوات التي انسحبت خلال الأسابيع الأخيرة من مدينتي إدلب وجسر الشغور ومعسكري القرميد والمسطومة».

وأضاف عبدالرحمن أن المدينة «كان فيها أيضاً عناصر من حزب الله، لذلك كان المتوقع أن تكون المعركة قاسية» مشيراً إلى أن «عشرات الآليات المحملة بالعناصر شوهدت تنسحب في اتجاه بلدة محمبل الواقعة إلى جنوب غرب أريحا».

وهاجم جيش «الفتح» المدينة مساء أمس الأول من ثلاث جهات الشرقية والجنوبية والشمالية، فيما تستند المدينة من الجهة الغربية إلى منطقة جبلية تشكل امتداداً لريف محافظة حماة وتسيطر عليها قوات النظام، معلناً معركة «بدء الزحف».

ورقة سياسية

واعتبر ائتلاف المعارضة السوري أمس «التطورات الميدانية وانتصارات الثوار الأخيرة في الشمال والجنوب على قوات العصابة الحاكمة في البلاد أوراق قوة إضافية بيدنا لتحقيق مكاسب سياسية، تلبي طموحات الشعب السوري وتطلعاته في سورية حرة لا مكان للأسد وعصابته في مستقبلها».

وأكد نائب رئيس الائتلاف مصطفى أوسو، في بيان، أن «نظام الأسد حتى هذه اللحظة لا يؤمن إلا بالحل الأمني، ولايزال يمارس جميع أشكال العنف والقمع والفتك بحق الشعب السوري»، مضيفاً: «نؤكد أن هذا النظام كعادة جميع الأنظمة الاستبدادية في العالم ليس مؤهلا لتقديم أي مرونة سياسية لإخراج البلاد من هذا الوضع المأساوي الذي تمر به».

خدام الأسد

وبخصوص مشاورات جنيف الأخيرة ورغم تجديده «التمسك بالحل السياسي»، وصف الائتلاف دعوة المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا «لأربعين جهة سورية للتشاور بأنها تساهم بشكل أو بآخر في زيادة الفرقة والتشتت في صفوف المعارضة وزيادة تماسك النظام».

وفي أول اتهامات علنية للمبعوث الأممي، اعتبر الائتلاف أنه «من خلال عمل ديميستورا، جرى تعويم كيانات سياسية ليس لها تواجد فعلي على الأرض، ولا أعتقد أن هذا العمل يخدم الشعب السوري وثورته، بل ذلك يساهم في زيادة الانقسام والتشتت في صفوف المعارضة السورية بشكل كبير».

شحنات تركية

وفي تركيا، نشرت صحيفة «جمهوريت» المعارضة أمس صوراً وفيديو لشحنات أسلحة قالت إنها أرسلت إلى المعارضة السورية مطلع 2014، ما يدعم اتهامات نفتها حكومة أنقرة المحافظة بشدة.

وعشية الانتخابات التركية المقررة في 7 يونيو، نشرت الصحيفة في نسختها الورقية وعلى الانترنت صور قذائف هاون مخبأة تحت أدوية في شاحنات، مؤجرة رسمياً لصالح منظمة إنسانية، واعترضتها قوة درك تركية قرب الحدود السورية في يناير 2014.

صورة مروعة

وفي نيويورك، وفي آخر كلماتها الرسمية أمام مجلس الأمن رسمت منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة فاليري آموس صورة مروعة لوحشية الحرب السورية ودعت إلى عمل جماعي لإنهائها.

وقبل أن ينتقل منصبها إلى البريطاني ستيفن أوبراينقالت، قالت آموس، أمام المجلس أمس الأول: «على مدى أكثر من أربع سنوات شهدنا سورية تنزلق إلى أعماق سحيقة من اليأس تتجاوز حتى ما تصوره أكثر المراقبين قنوطاً»، مضيفة: «في الأسابيع الماضية شهدنا المزيد والمزيد من الأفعال الشنيعة. رجال ونساء وأطفال أبرياء يقتلون ويشوهون ويشردون ويعانون وحشية يجب ألا يتحملها بشر».

وتحدثت عن قصف جوي لسوق في دركوش أواخر الشهر الماضي أسفر عن مقتل ما بين 40 و50 مدنياً، مشيرة إلى أنباء عن إعدام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عشرات المدنيين خلال الأسبوع الأخير بعد أن سيطر على تدمر واستمرار ورود «تقارير عن استخدام الكلور وعن قتل وإصابة وترويع مدنيين. ومازالت المدارس والمستشفيات تتعرض لهجمات».

دفاع حكومي

وإذ شددت على أن الأطراف المتحاربة «تجاهلت عملياً كل جوانب» قرارات مجلس الأمن، رفض مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري انتقادات آموس لحكومة بلاده، وقال إن المشكلة الحقيقية تتمثل في حصول ما وصفه بالجماعات الإرهابية على دعم من الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر، مشدداً على أن العقوبات الأميركية والأوروبية وغيرها تزيد الوضع الإنساني سوءاً وأن «مثل هذه الإجراءات الجائرة لابد أن تتوقف».

(دمشق، واشنطن، أنقرة- أ ف ب، رويترز، د ب أ)

تدمير المواقع الأثرية «جريمة حرب»

 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول قراراً يدين التدمير الهمجي للمواقع الأثرية ونهبها في كل من العراق وسورية، معتبرة أن تدمير تنظيم "داعش" للمواقع الثقافية يعد بمثابة جريمة حرب يجب فتح تحقيق جاد حولها، وقررت الاستنفار ضد الاتجار بالقطع الأثرية المسروقة ومعاقبة الذين يقفون وراءها.

فبعد تبني مجلس الأمن قراراً في فبراير الماضي لتجفيف تمويل "داعش" عن طريق منع تهريب القطع الأثرية والاتجار بها، جاء تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار يدين التدمير الهمجي للمواقع التي تشكل جزءاً من الإرث الإنساني ونهبها من قبل متطرفي "داعش" في كل من العراق وسورية.

وتحدثت الجمعية عن ضرورة الإسراع في فتح تحقيق حول الاتجار بالقطع الأثرية المسروقة والبدء بملاحقات قضائية بحق الجهات التي تعمل على اقتناء تلك التحف، إضافة إلى مطالبة المزادات والتجار والمسؤولين عن المتاحف بوثائق تثبت مصدر القطع الأثرية التي يملكونها.

وكانت الجمعية العامة تبنت قراراً يتصل بإنقاذ الممتلكات الثقافية للعراق في غمرة قلق كبير على مصير مدينة تدمر في سورية والمدرجة على لائحة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي التي احتلها تنظيم "داعش".

وتفيد تقارير بأن التنظيم قام ببيع الآثار التي سيطر عليها لوسطاء مقابل الحصول على السلاح أو الأموال. وكان تقرير للحكومة البريطانية تحدث في وقت سابق عن أن تنظيم "داعش" يهرب القطع الأثرية التاريخية من سورية والعراق من أجل رفع إيراداته المالية.

ودعا التقرير إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة ما يقوم به "داعش" ضد التراث في البلدين عبر تدميره وتهريبه أو بيعه في الأسواق.