لنا من الرقم 111 واحد فقط وبقية الرقم يتوزعه أدباء العالم في ما بينهم.

Ad

لا بأس، نعزي أنفسنا كل عام بهذا الرقم الوحيد، لكن الغريب أننا لا نقدم كل عام سوى اسم رجل وحيد نراهن عليه ونخسر، نعلم في قرارة أنفسنا أن شاعرا مات كان يستحق الجائزة العالمية ولم يحصل عليها. هو الأكثر قدرة على تمثيلنا كما يليق ولم نستغرب عدم فوزه بها، لن يفوز شاعر يقف رئيس وزراء إسرائيل حاملاً قصيدته، وهو يقول لبني إسرائيل إن أشهر شعرائهم يدعو إلى اقتلاعكم وهو يردد كلمة "انصرفوا" من قصيدته.

لم يرشح للجائزة صنع الله إبراهيم مثلا، وهو يقف ضد مؤسسته الرسمية ويرفض جائزة الدولة، لم يرشح سليم بركات هذا الكردي البدون التائه. ولم يرشح كتاب عرب يكتبون بغير لغتهم كمعلوف وبن جلون.

ليس لنا سوى رقم وحيد، وشخصياً تتلمذت على يديه كبقية زملائي فيما أظن، ولم أعد حالياً من قرائه، لكنه لم يتكالب على الجائزة ولم يسع لها، حتى حين أخبرته زوجته بحصوله عليها قال "نامي يا وليه بلاش تخريف"، وكان جزاؤه منا طعنة سكين في رقبته بقيت وصمة عار لنا في طريقة احتفائنا به. لم نتجاوز الرقم الوحيد الذي حققه نجيب محفوظ ليس لأن مبدعينا أقل قدرة على الإبداع من أقرانهم في العالم ولكن العالم لا ينظر لنا حملة أقلام كما ينظر لنا حملة سواطير وسكاكين حادة.

لم نفز بالجائزة مرة أخرى لأننا في كل مرة نرى، كما يرى غيرنا، تحيزا بغيضا للرواية اليهودية وفرسانها، في العالم الغربي اليوم تنال الكثير من الاهتمام حين تتناول تاريخ النازية واضطهاد اليهود وحقهم في التعويض الإنساني والمادي عن هولوكست هتلر. والفائز هذا العام ليس شخصية معروفة أدبيا في العالم رغم أنه مشهور في بلده فرنسا وكان قد فاز بجائزة الجونكور الأكثر رفعة في فرنسا.

ولد باتريك موديانو بعد شهرين من انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا عام 1945 من أب يهودي ايطالي وأم بلجيكية خلال احتلال باريس واثرت بدايات حياته هذه كثيرا في كتاباته التالية والتي تناولت ثيمات اليهودية والاحتلال النازي وفقدان الهوية. وربما روايته "ميدان النجمة" هي أهم أعماله التي كرست شخصيته الروائية وهي تورية لميدان قوس النصر في باريس والنجمة التي أجبرت النازية اليهود على ارتدائها. فالقوات النازية تجبر اليهود على ارتداء نجمة داوود باللون الأصفر في الأمام والخلف ليتم تمييزهم، وكانت تتخذ أشكالا مختلفة في كل بلد محتل في محاولة للقضاء على اليهود في حملة أطلق عليها "الحل النهائي".

ما صرح به السيد أمين اللجنة السويدية لم يذكر شيئا مما ذكرنا، كان تصريحا محايدا لا يدل على هوية الرجل الكتابية. باتريك موديانو كاتب مشهور في فرنسا وليس مشهورا في أماكن أخرى، يكتب أعمالا للأطفال واعمالا سينمائية ولكنه روائي بالأساس، الثيمات التي يكتب عنها هي الذاكرة والهوية والزمن.

هل قلت لنا شيئا غير ذلك يستحق عليه الجائزة، بالطبع لا. لن ألوم المذيع في المقابلة القصيرة مع السيد بيتر انجلند أمين الجائزة فهو لا يعرف الفائز ولم يسمع به من قبل، وما شد انتباهي هو تصريح الأمين بأنك تستطيع قراءة أحد كتب موديانو على الغداء وتقرأ الكتاب الثاني مساء.