بدأت فصائل مسلحة عراقية إرسال تعزيزات من عناصرها إلى محافظة الأنبار في غرب العراق اليوم الأثنين، غداة سقوط مركزها مدينة الرمادي بيد تنظيم الدولة الإسلامية بعد هجوم واسع استغرق ثلاثة أيام.

Ad

وتعد السيطرة على الرمادي أبرز تقدم للتنظيم في العراق منذ هجومه الكاسح في البلاد في يونيو 2014، ونكسة لحكومة حيدر العبادي الذي أعلن في أبريل أن "المعركة القادمة" لقواته ستكون استعادة الأنبار التي يسيطر الجهاديون على مساحات واسعة منها.

وباتت الرمادي (100 كلم غرب بغداد) ثاني مركز محافظة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد الموصل (شمال) مركز محافظة نينوى، أولى المناطق التي سقطت في وجه الهجوم الجهادي قبل نحو عام.

وتزامن الهجوم في الرمادي مع تقدم لتنظيم الدولة الإسلامية وسط سورية، حيث دخل الأطراف الشمالية لمدينة تدمر الأثرية وسط البلاد، قبل أن تتمكن القوات النظامية السورية من دفعه خارج حدود المدينة.

وأمر العبادي مساء الأحد "هيئة الحشد الشعبي" الذي يشكل مظلة للفصائل المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، وغالبيتها شيعية، بالاستعداد للمشاركة في معارك الأنبار، آمراً في الوقت نفسه قواته "بالثبات" إثر انسحابها من مراكز عسكرية مهمة في الرمادي.

ويأتي دخول قوات الحشد الشعبي إلى المحافظة ذات الغالبية السنية، بعد أشهر من تحفظ سياسيين سنة ومسؤولين محليين حول مشاركة هذه الفصائل، مطالبين بدعم العشائر السنية المناهضة للتنظيم بالسلاح والعتاد.

وحمل هادي العامري، أحد أبرز قادة الحشد الشعبي وزعيم "منظمة بدر" ذات الدور الواسع في الحشد، هؤلاء السياسيين مسؤولية سقوط الرمادي.

ونقلت عنه "قناة الغدير" التابعة لمنظمة بدر تحميله "ممثلي الأنبار السياسيين مسؤولية سقوط الرمادي لأنهم اعترضوا على مشاركة الحشد الشعبي في الدفاع عن أهلهم".

وأعلنت فصائل عدة أن أفواجاً منها باتت موجودة في الأنبار، لا سيما في محيط مدينة الفلوجة الواقعة أيضاً تحت سيطرة التنظيم، وفي قاعدة الحبانية العسكرية، استعداداً للمشاركة في أي عملية لمحاولة استعادة الرمادي.

وقال المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" جعفر الحسيني، أن الكتائب أرسلت ثلاثة أفواج إلى الأنبار، وتعتزم ارسال المزيد اليوم.

وقال لوكالة فرانس برس ليل الأحد "غداً إن شاء الله تستمر هذه التعزيزات باتجاه الأنبار والرمادي حيث سيكون هناك إعلان بدء العمليات لتطهير الأراضي التي سيطر عليها داعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم)".

وأعلن التنظيم سيطرته على الرمادي بعد اقتحامه أبرز المراكز العسكرية فيها، لا سيما مقر اللواء الثامن ومقر قيادة عمليات الأنبار، وانسحاب الغالبية العظمى من القوات الأمنية من المدينة.

إلا أن واشنطن التي تقود تحالفاً دولياً يوجه ضربات جوية ضد التنظيم في العراق وسورية، قالت أن الوضع "غير محسوم" بشكل نهائي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع مورين شومان في بيان تلقته وكالة فرانس برس "ما زلنا نتابع تقارير تتحدث عن وقوع معارك ضارية في الرمادي ولا يزال الوضع متحركاً وغير محسوم"، مضيفة أنه "من المبكر جداً في الوقت الراهن الإدلاء بتصريحات قاطعة حول الوضع على الأرض".

واستقبل العبادي الأحد الجنرال لويد اوستن، قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي التي يقع الشرق الأوسط ضمن مسؤوليتها، وبحث معه وضع الأنبار والمساعدة الأميركية للقوات العراقية.

وشن التنظيم بدءاً من مساء الخميس، هجوماً واسعاً في الرمادي التي يسيطر على أحياء منها منذ مطلع 2014، معتمداً بشكل مكثف على العمليات الانتحارية التي أتاحت له التقدم بشكل سريع في المدينة.

وأعلن مهند هيمور، وهو مستشار ومتحدث باسم محافظ الأنبار صهيب الراوي، أن السلطات تقدر عدد ضحايا الهجوم بخمسمئة شخص على الأقل من المدنيين وعناصر القوات الأمنية.

ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في الأنبار، أبرزها مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)، والمحافظة هي الأكبر في البلاد، وتتشارك حدوداً طويلة مع الأردن والسعودية وسورية.

وفي سورية، صدت قوات النظام هجوماً للتنظيم على شمال مدينة تدمر الأثرية (وسط)، حيث حصدت المعارك أكثر من 300 قتيل في خمسة أيام، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن التنظيم "انسحب من معظم أحياء تدمر" الشمالية بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على دخولها.

وأكد محافظ حمص طلال البرازي "افشال هجوم التنظيم واقصاء عناصره من الأطراف التي كانوا يتواجدون فيها في شمال وشرق مدينة تدمر".

وتواصلت المعارك ألى الشمال من المدينة المعروفة بموقعها الأثري المدرج على لائحة التراث العالمي والواقع في جنوب غربها، كما تدور معارك في محيط سجنها المركزي (شرق)، وهو من الأبرز في البلاد.

وسقط في المعارك منذ بدء هجوم التنظيم في 13 مايو، 315 شخصاً يتوزعون كالآتي: 57 مدنياً منهم 49 أعدموا على يد الجهاديين، و123 عنصراً من قوات النظام ومسلحين موالين، و115 عنصراً من التنظيم.