هنا في شرقنا الأوسط تتضخم خلال الأزمات ثروات الطائفيين وثرثرتهم أيضاً، الثروات تحارب هناك على جبهات سويسرا، والثرثرات تحارب هنا على جباه قضايانا المصيرية وخدودها وأكباد حقائقها.

Ad

وثرثرة الطائفي كما صنفها مؤرخو العقل تعد أخطر ثورة على دولة المنطق الكبرى، وتمثل التهديد المباشر لأسوار عاصمتها المسماة بــ "1+1=2"، وعاصمة "1+1=2" بلا خلاف هي العاصمة المنطقية الوحيدة المعترف بها عقلياً وإنسانياً، ولذلك ترى جحافل الثرثرة الطائفية المتذرعة بالهراء كانت، ومازالت، تحاول حصارها والتضييق عليها، وقد تجتاحها أحياناً من حين إلى آخر مستبيحة إياها من بوابات مقدمات أرسطو الكبرى والصغرى شمالاً إلى جسور ديالكتيك هيغل جنوباً!

فيا سيدنا العاقل لا تحاول أن ترتل قصائد "1+1=2" أمام طائفي، فأذنه لن تستمع إلا لموجة تسونامي أحقاده، ولن يفهم أبداً قوافي مزاميرك، ولا تحاول أن تغني لقمر بشريتك أمامه، فحينئذ سوف تشير أنامل ألحانك إلى القمر، بينما أحمق الطائفة سينظر إلى إصبعك الممدودة وإصبعه على زناد بندقيته!

ويا سيدي لا تحاول اقتحام معسكرات مخ الطائفي مستعيناً بكتائب "1+1=2" فستصدك هناك قوات "حيص بيص" المدربة جيداً على مختلف أنواع فنون الجنون، وستردك إلى قواعدك العقلية منهكاً مصدوماً، ولا تثريب عليك، فالطائفي يرى أن المظلوم في سورية هو الظالم نفسه في العراق، ويرى أن المعتدي في اليمن هو الضحية نفسها في البحرين! والطائفي الآخر يرى أن الظالم في سورية هو المظلوم نفسه في اليمن، والجاني في العراق هو المجني عليه نفسه في البحرين! فأين المفر؟!

يا سيدي، الطائفيون نعم يؤمنون بيوم الحساب في الآخرة، ولكنهم لا لن يضحوا بدقيقة واحدة فقط ليحاسبوا أنفسهم في هذه الدنيا، فلا تحاول أن تشرح لهم أن قطرة دماء واحدة لطفل في العراق + قطرة دماء واحدة لطفل في سورية = قطرتين ينزفهما جرح براءة واحدة، ولا تحاول أن تشرح له أن دمعة ذرفتها أهداب عجوز في اليمن + دمعة سحتها أهداب عجوز في سورية = دمعتين لعين حزن إنساني واحد. ولا تحاول أن تفسر كيف أن أمل شاب في سورية + أمل شاب في العراق = أملَين ينبعان من نهر حلم إنساني واحد... منطقك يا سيد العقلاء "راح ينطق طق سنة بساعة"... فلا تحاول!

وخذها مني يا سيدي، الطائفي ضعيف برياضيات منطق الإنسان بقدر ضعفه بجغرافيا الأخلاق الإنسانية، هو لا يدرك أن أول خريطة لكوكب الأرض وضعها الإدريسي بينما أول خريطة لشمس الإنسانية وضعها سيدنا آدم عليه السلام، ولذلك تراه يقاتل طوال عمره ليحوز تضاريس الأرض، ولا يقاتل للحظة واحدة فقط ليكون... أدمياً!