أُسس مركز التحكيم بالكويت في عام 1999، وهو ثاني أقدم مركز تحكيم في دول الخليج، ومن أهم المراكز بها، بعد مركز التحكيم الخليجي التابع لمجلس التعاون، الذي يعد الأول في المنطقة.

Ad

أكد الأمين العام لمركز الكويت للتحكيم التجاري، د. أنس التورة، أن المركز منذ أسس حلّ نزاعات كبيرة فاقت قيمتها 400 مليون دولار أميركي، وكانت لدينا قضايا كبيرة، أبرزها قضية لإحدى الشركات 100 مليون دينار، حيث إن المركز يستقبل قضايا ضخمة، وهذا يعكس ثقة التجاريين به.

وأضاف، في تصريح على هامش ورشة العمل التي نظمها مركز الكويت للتحكيم التجاري التابع لغرفة التجاري بعنوان" التحكيم التجاري الدولي"، أن هناك نزاعات قائمة لدى المركز للفصل فيها، تبلغ قيمتها ما يقارب 15-17 مليون دينار، أي 50 مليون دولار أميركي.

وفي ما يخص الرسوم أشار إلى أنها رمزية بسيطة مقارنة بمبالغ التحكيم الموجودة، حيث إن المركز يوفر الأماكن للمحكمين، وكذلك يستطيع المختصمون اختيار المحكم بينهم، لافتا إلى أن النسبة التي يحصل عليها المركز توضع وفقا لأي محكم آخر، وهي نسبة توضع وفقا للمبالغ المتنازع عليها، حيث يبدأ المركز قبول طلبات لفض النزاع من مبالغ تقدر بـ 5 آلاف دينار.

رؤية المركز

وأشار إلى أن رؤية المركز تتمثل في أنه يصبح أفضل مركز تحكيم بالخليج، موضحا أن رسالة المركز هي نشر ثقافة التحكيم التجاري، وهي مسألة مهمة لكونه مركزا غير ربحي يهدف نشر الوعي من أجل حل المشكلات بشكل سلمي، وبجودة في الحكم، وخاصة أن التحكيم أصبح وسيلة جيدة لفك النزاعات بين المتخاصمين، نظرا لسرعتها ومصداقيتها من خلال أشخاص متخصصين.

وحول ورشة العمل الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي، أكد أنه تمت دعوة القانونيين في الشركات، كما تمت استضافة متخصصين في القانون، لافتا إلى أن الحضور متميز، كاشفا عن أنه سيتم تنظيم ورشة مجانية كل شهر ونصف الشهر لنشر ثقافة التحكيم.

وأضاف أن غرفة تجارة وصناعة الكويت مارست التحكيم قبل إنشاء المركز، وهو دور أصيل من أدوارها منذ نشأتها، حيث كانت تقوم بدور الفصل بين التجار، وأيضا تجار الكويت كانوا يمارسون مهنة التحكيم بينهم، ولكن مع إنشاء المركز أصبح الأمر منظما أكثر ويأخذ شكلا مؤسسيا معتمدا وله لوائح وأنظمة واضحة.

ولفت إلى أن مركز التحكيم بالكويت أسس في عام 1999، وهو ثاني أقدم مركز تحكيم في دول الخليج، ومن أهم المراكز على مستوى الخليج، وذلك بعد مركز التحكيم الخليجي التابع لمجلس التعاون، والذي يعد الأول في المنطقة.

آلية تسوية المنازعات

من جانبه، أكد المحاضر في كلية القانون الخاصة العالمية المستشار القانوني د. يوسف العلي في عرضه، أن مفهوم التحكيم هو آلية لتسوية المنازعات خارج قضاء الدولة أو بالتوازي مع قضاء الدولة يختار فيها أطراف الخلاف قضاءهم، أي المحكمين، وحدود اختصاص هؤلاء هو اتفاق الأطراف الخاصة بالتحكيم.

وتناول التحكيم الداخلي الذي يستوجب أن يكون أطراف العلاقة وعناصر القضية وسبب الخلاف جميعها ذات طابع وطني، وهو ما يسمى التحكيم الداخلي أو الوطني، أما التحكيم الأجنبي فهو يطلق على كل حكم صدر خارج الكويت، أي أن كل أطراف النزاع ونوعه يعد تحكيما دوليا، مشيرا إلى أن فكرة التحكيم الدولي موجودة في تشريعات متقدمة في دول مثل فرنسا  الجزائر والأردن ولبنان، لكنه غير موجود في الكويت.

وأشار د. العلي إلى أن فكرة التحكيم الدولي مبنية على فكرة التجارة الدولية، أي أن تسوية منازعات التجارة الدولية تسمى أحكاما دولية.

وفي ما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي وسيادة الدولة بيّن د. العلي أن حضور الدولة أمام تحكيم دولي يتنافى مع مفهوم السيادة، أي أن أي دولة لا تمثل دولة أخرى ذات سيادة، أي أن دولة الكويت مثلا لن تخضع لأي حكم لمحاكم دولة أخرى.

وفي ما يتعلق باستقلال شرط التحكيم في اتفاق التحكيم، قال إن هذه المسألة تناقش جزئية اتفاق التحكيم عن العقد المبرم بين الأطراف في العلاقة التجارية، أي أن اتفاق التحكيم هو اتفاق أو عقد قائم بذاته، حتى لو ورد شرط في العقد التجاري.

 وأفاد د. العلي بأن هذه المسألة تترتب عليها مسائل أخرى مهمة مرتبطة فيها تعطي القاضي الحق في الفصل في صحة اتفاق التحكيم بمعزل عن صحة أو بطلان العقد التجاري، ويترتب عليها مبدأ الاختصاص بالاختصاص، ويقصد بذلك اختصاص المحكم بالفصل في مجال اختصاصه القضائي، لأن الفصل في صحة أو بطلان اتفاق التحكيم يترتب عليه اختصاص المحكم أو عدم اختصاصه.

تطبيق القانون

وعرض المحور الثالث في الورشة "القانون واجب التطبيق على الموضوع" وتناول فيه المتحدث المحكم الدولي والمستشار القانوني العام د. أنور الفزيع مسألتين، الأولى تتعلق بالقانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، وهذه فيها أمران أن يحدد الأطراف القانون واجب التطبيق، وخصوصا في حالة كانت القضية ذات عنصر أجنبي، أي أن البحث هنا يتعلق بالقانون الذي يحدد القانون واجب التطبيق، وهو أمر يطلق عليه سلطان مبدأ الإرادة، وهو مبدأ كان محل نزاع بين بعض الدول.

وأضاف أنه إذا كان التحكيم مؤسسيا، فإن أكثر القواعد المؤسسية تعطي المحكم أو هيئة التحكيم الحق في اختيار القانون الأكثر ملاءمة، وهذا يعتمد على عناصر مختلفة أو متعددة مثل جنسية أطراف التحكيم، أو تطبيق القانون الذي يجري فيه التحكيم.

وأضاف الفزيع: أما المسألة الثانية فتتعلق بتنفيذ أحكام المحكمين في القضايا الدولية، وهذه يحكمها أمران؛ اتفاقية نيويورك الموقعة في عام 1958 الخاصة بتنفيذ أحكام المحكمين، والدول المصدقة على هذه الاتفاقية ملتزمة بتنفيذ هذه الأحكام، ولا يجوز الامتناع عن التنفيذ.

والأمر الثاني: إذا كان التحكيم داخليا، يجوز الطعن، ويجب على القاضي الالتزام بتنفيذ الحكم إذا تضمن إحدى حالات البطلان المذكورة حصرا في قانون المرافعات المدنية أو التجارية.

أما د. التورة، فقال إن هذه الورشة خاصة بالتحكيم التجاري الدولي، وهي نشر ثقافة التحكيم، وقد دعي إليها نحو 135 مستشارا وباحثا قانونيا في المكاتب القانونية والشركات.

والمركز تابع لغرفة تجارة وصناعة الكويت، وأسس في عام 1999، ويعد الثاني على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن للمركز نظاما مؤسسيا عالي المستوى، وتصدر فيه الأحكام بطريقة مؤسسية واضحة، لافتا الى أن غرفة التجارة مارست التحكيم التجاري قبل إنشاء المركز.

إجراءات التحكيم

من جانبه، قال المستشار في "الفتوى والتشريع" سامي الشرف، الذي حاضر في الورشة حول القانون واجب التطبيق على الإجراءات، حيث أوضح أهمية تحديد القانون بالنسبة إلى سير إجراءات التحكيم وكيفية تحديده، مشيرا إلى أن ذلك يتم وفقا لإرادة أطراف الاختيار حول القانون الذي يحكم بينهما، وهذا خلافا لما هو معمول به في القضاء العادي، حيث تكون إجراءات التقاضي فيها مقررة سلفا وثابتة.

وبيّن أن من مميزات التحكيم هو الاتفاق على اختيار القانون الذي يتم على أساسه عمل إجراءات الحكيم، وهذا يسهم في سهولة القواعد الإجرائية المتبعة، لافتا إلى أن الأطراف قد يعمدون الى وضع الإجراءات بأنفسهم أو تحال إلى لائحة من لوائح مراكز التحكيم الدائمة المختلفة، وتعتمد الإجراءات بشأنها أو يحيلون بشأنها قانونا من القوانين؛ مثل القانون الفرنسي أو المصري أو الكويتي، حيث إن القانون ينطبق على إجراءات الخصومة وليس موضوع الخصومة.

وأوضح أنه يجوز للأشخاص الذين اتفقوا على إجراءات معيّنة أنه يجب ألا تخالف النظام العام الدولي للإجراءات، مضيفا أنه يمكن أن يتم اللجوء إلى القانون الذي يوجد فيه النزاع بين الأطراف بالاتفاق بينهما.

وأوضح أن قطاع التحكيم في "الفتوى والتشريع" يتصدى للنزاعات التي تكون الدولة طرفا فيها، وهذه تقلصت، نظرا إلى أن هناك توجها لدى الدولة بتقليص اللجوء للتحكيم، ونظرها من خلال المحاكم الكويتية المختصة، وهذا لا يمنع وجود قضايا عالقة مازالت منظورة.