كويتي في غوانتنامو!

نشر في 08-11-2014
آخر تحديث 08-11-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي سعِدت بعودة المواطن فوزي العودة من سجن غوانتانامو المشؤوم، وإن شاء الله تكلَّل الفرحة بعودة الكويتي الآخر فايز الكندري، بعدما اعتُقِلا وسُجِنا في ظروف غير مقبولة إنسانياً، في ذلك المكان الكئيب بغوانتنامو.

لعلي هنا أستذكر الجهود الجبارة لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، من أجل فك قيد ابنيه فوزي وفايز، واتصالاته العديدة التي كان لها الفضل، بعد الله، في إطلاق سراح ابنه فوزي العودة، وقريباً، بعون الله، يعود فايز.

ولا أنسى أنني قرأت في وكالة الأنباء الفرنسية أن العودة خرج من المعتقل بكفالة شخصية من سمو الأمير، أسأل الله أن يجعلها في ميزان أعماله... والخير من أهل الخير لا يُستغرَب.

وعلى ذكر معتقل غوانتنامو، فقد قرأت عنه الكثير في السنوات الماضية، وهو يعتبر أحد أكثر الأماكن سوءاً في العالم، بالنسبة لعدم تحقيق حقوق الإنسان فيه، ومع الأسف من يدير هذا المعتقل السيئ الذكر هو الأجهزة الأمنية لحكومة الولايات المتحدة الأميركية، أحد أبرز الأمثلة للبلدان الديمقراطية، والبلد الأكثر دفاعاً عن حقوق الإنسان، ورغم الدوافع الأمنية المزعومة فإنه يبقى نقطة سوداء في سجل تلك البلاد الرائعة.

قبل مده قرأت كتاباً للأستاذة ريم الميع، بعنوان "كويتية في غوانتنامو"، وهو كتاب متميز يحكي تجربة غير مسبوقة لصحافية كويتية تذهب إلى ذلك المعتقل الرهيب، فتذكر انطباعات مختلفة صيغت بطريقة واضحة عن ذلك المكان اللاإنساني، كاشفة عن أشياء مؤسفة لهذا المعتقل، وأحوال مساجينه ذوي الملابس البرتقالية، رابطة بين لون هذه الملابس ولون حركات المعارضة في العالم، حيث تواجد اللون البرتقالي في أوكرانيا إبان الثورة البرتقالية، واستمر هذا اللون حتى وصل إلى جماعة "نبيها خمس" في الكويت!

وعلى ذكر معتقل غوانتنامو الكئيب، والأسباب التي أودت بمساجينه إليه، أرى أن التاريخ يعيد نفسه، وإن كان بشكل مختلف قليلاً، وهنا أقصد الجمعيات الخيرية الكويتية والمحسنين الذين يتسابقون لإيصال المساعدات والمؤن، وتقديم الخدمات الإغاثية لأهلنا في سورية وغيرها، هؤلاء قد يصبحون في لحظة غابرة من الزمن، ضحايا مثل العودة والكندري.

ولن أستغرب توجيه تهم مختلفة إليهم، يكون الإرهاب إحداها، فنحن في عصر لا تكفي فيه النوايا الطيبة بدون عمل مؤسسي وتخطيط مشترك بين الدولة والعاملين على تلك الجهود الإغاثية، بحيث تكون الدولة، على علم تام بهذه الجهود، وتقديم الدعم اللازم لها وحمايتها أمنياً (أقصد أن يكون لدى جهاتنا الأمنية علم بذلك لإبلاغ نظيرتها في الدول المذكورة لطمأنتها وإعلامها برعاية ودعم الدولة لهذه الجهود)، حتى إذا حدث طارئ أمني أو تفتيش معين لا تتضرر الجهة الخيرية الكويتية، لعلم سلطات ذلك البلد مسبقاً بالعمليات الإغاثية للجهة الكويتية، حتى لا يتكرر ما حدث مع العودة والكندري.

ما يحدث في المنطقة ليس بعيداً عما حدث في أفغانستان عندما قُدِّم عمال الإغاثة قرباناً على مذبح الإرهاب، ففي وقتها كان يكفي أن تكون عربياً، ليتم اعتقالك وترحيلك إلى غوانتنامو بدون تهمة أو دليل جنائي أو حتى مبرر معقول، ونتذكر كيف تم بيع كثير من العرب على القوات الأميركية من قبل من يغيثونهم هناك! وبطريقة لا تقبلها الفطرة الإنسانية ولا الوفاء.

على حكومتنا أن تنظم عمليات الإغاثة والمساعدات الخيرية المتوجهة إلى أماكن بها نزاعات مسلحة، حتى يتم التنسيق بما يكفل وصول المساعدات إلى الجهات المستهدفة من لاجئين ومخيمات لاجئين ومتضرري حروب، بحيث تصل إليهم المساعدات والإغاثة بطريقة تحمي المحسنين، لأنها عطفاً على ما تمثله من واجب ديني وأخلاقي، تظهر الوجه المشرق للعمل الخيري في البلاد، على أن ترعى الحكومة، في الوقت ذاته، تلك الجهود إدارياً وأمنياً وسياسياً... حتى يتحقق الهدف الإنساني الخيري المنشود من هذه الجهود الطيبة. قال تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ".

back to top