حسمت محكمة التمييز أحقية مؤسسة البترول الكويتية في تسريح موظفيها وعدم الرغبة في تجديد عقودهم. وأكدت في حكم بارز لها أن المؤسسة لها الحق في الاستغناء عن موظفيها باي وقت وان القانون الذي ينطبق عليهم هو نظام اللوائح الداخلية في المؤسسة لا قانون الخدمة المدنية.
أكدت محكمة التمييز، في أحكامها التي أصدرتها على القياديين الثلاثة الذين أيدت إحالتهم إلى التقاعد، مبدأ قضائيا هاما وهو عدم خضوع العاملين في القطاع النفطي لقانون الخدمة المدنية، وإنما يخضعون لنظام العقود الإدارية التي تسمح لمؤسسة البترول الوطنية، وهي مؤسسة حكومية، بأن تصدر قرارات بإحالتهم إلى التقاعد متى أرادت، أو تنهي عقودهم دون أن تلتزم المؤسسة بأي مواد بقانون الخدمة المدنية عليهم.وقالت محكمة التمييز، في حيثيات أحكامها الثلاثة، التي انتهت فيها إلى إلغاء أحكام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف، وأيدت قرارات مؤسسة البترول الوطنية بإحالة ثلاثة قياديين للتقاعد، وفق قرار من مجلس إدارة المؤسسة برئاسة وزير النفط، إن «لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تكييف طلبات الخصوم وفهم الدعوى على حقيقتها بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الحق دون التقيد بتكييف الخصوم ما دامت لم تخرج عن وقائع الدعوى ولم تغير في مضمون طلبات الخصوم فيها ولم تستحدث طلبات جديدة لم تعرض عليها».وأضافت أن «المقرر من أن عقد الوظيفة العامة هو عقد إداري يتم باتفاق بين جهة الإدارة وأحد الأفراد بقصد إحداث أثر قانوني معين يتولى بمقتضاه هذا الأخير تحت إشرافها أمر وظيفة معينة، ويحصل منها على عدد من الحقوق مقابل التزامه بأعباء هذه الوظيفة ومقتضياتها، ويكون في مركز تعاقدي لائحي، وبذلك تكون أحكام العقود الادارية المبرمة بين جهة الادارة والموظفين هي الاصل في تحديد مراكزهم».قواعد لائحيةوزادت المحكمة: «وتسري القواعد القانونية اللائحية في ما لم يرد نص في هذه العقود، ودون إخلال بما هو مقرر من أن جهة الادارة تملك الحق في تعديل بنود هذه العقود كلها أو بعضها باعتبارها عقودا إدارية، بالنسبة للشروط التنظيمية التي تحكم مراكزهم».وبينت: «من المقرر أن القرار الذي تصدره الإدارة في نطاق العلاقة العقدية العامة، واستنادا إلى نصوص العقد، هو من القرارات التي لا تدخل المنازعة في شأنه في نطاق قضاء الالغاء بل في نطاق القضاء الكامل، ومن المقرر أيضا أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام أو غيره إلا في ما فات القانون الخاص من أحكام، إذ لا يجوز إهدار القانون الخاص لأعمال القانون العام، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، والتشريع الخاص يعد استثناء من التشريع السابق عليه يحد من عموم أحكامه».وأوضحت أن «النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 1980 بإنشاء مؤسسة البترول الكويتية على أن تنشأ مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي، ويكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى مؤسسة البترول الكويتية، ويشرف عليها وزير النفط، والنص في المادة الثانية منه على أن يكون المركز الرئيسي للمؤسسة ومحلها القانوني الكويت، ولها أن تنشئ فرعا ومكاتب وتوكيلات في الداخل والخارج».أغراض المؤسسةواردفت المحكمة: «النص في المادة الثالثة منه على أن أغراض المؤسسة هي القيام بكل الاعمال المتعلقة بصناعات البترول والمواد الهيدروكربونية بصفة عامة وبالصناعات المرتبطة أو المتعلقة أو المكملة، والنص في المادة الثالثة عشرة منه على أن يتولى إدارة المؤسسة مجلس إدارة يشكل برئاسة وزير النفط، ويصدر مرسوم بناء على عرض وزير النفط ببيان ما يلي: أ- كيفية تشكيل واختيار أعضاء المجلس ونظام انعقاد المجلس، ب- .. ج- قواعد تشكيل لجانه الفرعية، د-قواعد وشروط اختيار الاعضاء المنتدبين».وأشارت إلى ان «النص في المادة 14 منه على أن لمجلس الادارة جميع السلطات اللازمة لادارة المؤسسة ولو على الاخص الصلاحيات الواردة، والنص في المادة 16 منه على أن يتولى المجلس الاعلى للبترول اقتراح اللوائح الادارية والمالية للمؤسسة، ووضع نظام الموظفين والعاملين بالمؤسسة دون إخلال بأحكام المادتين 5 و38 من القانون رقم 15 لسنة 1979 المشار اليه».وأردفت: «صدرت اللوائح الداخلية ونظام العاملين بمؤسسة البترول الكويتية بعد اعتمادها من المجلس الاعلى للبترول في اجتماعه رقم 35 بتاريخ 6-4-1983 وموافقة مجلس الوزراء عليها، وورد النص في المادة الاولى من الاحكام العامة الباب الاول منها على أن تسري أحكام هذه اللوائح على موظفي مؤسسة البترول الكويتية».تطبيق اللوائحوأضافت المحكمة: «النص في المادة الثانية من ذات الباب على أنه في تطبيق أحكام هذه اللوائح يقصد بكلمة موظف أي شخص ذكر كان أو أنثى يقوم بعمل بصورة دائمة مقابل أجر تحت إشراف المؤسسة، والنص في المادة الرابعة منه، والخاصة بشروط العمل على أن شروط العمل تكون وفق اللوائح الادارية ونظام العاملين وعقد العمل المبرم بين الموظف والمؤسسة».وبينت أن «النص في المادة الخامسة عقود العمل على أن يكون التعيين بموجب عقد عمل يبين فيه مدة العقد والوظيفة والدرجة والراتب الاساسي والعلاوات وموطن الموظف الاصلي بالنسبة للموظف غير الكويتي، وتحدد فترة التجربة في عقد العمل بما لا يزيد على مئة يوم، وتاريخ ابتداء العقد هو تاريخ البدء في مزاولة العمل، أما المتعاقد معهم من الخارج فيكون يوم وصولهم الكويت، وعقود خاصة تقرر الوظائف العليا التي تكون خارج سلم الدرجات يعين أصحابها على عقود خاصة بموافقة العضو المنتدب المختص».وذكرت: «النص في المادة 1 من الباب الثامن من ذات اللوائح انتهاء الخدمة وانتهاء الخدمة في فترة التجربة والتي تقرر بأن يلغى العقد المبرم بين المؤسسة والموظف في أي وقت خلال فترة التجربة بناء على رغبة الموظف أو المؤسسة، وكذلك نظم القانون الناشئ عن اصابة العمل، وفي الباب السادس نهاية عقد العمل وكذلك نظم الاستقالة بأن يجوز للموظف أن يستقيل خلال تجديد العقد».شروط العقدواستدركت المحكمة: «ويجوز لكل من المؤسسة والموظف عدم تجديد العقد، على أن يعلن الطرف الراغب الآخر كتابيا، كما نص على أن اتفاق الطرفين بأن يجوز الغاء عقد العمل في اي وقت كان بناء على اتفاق الطرفين، وفقا للشروط التي يتفقان عليها، كما نص على التسريح بأن يجوز الغاء عقد الموظف من قبل المؤسسة في اي وقت خلال مدة العقد مع دفع مكافأة نهاية الخدمة والأجر الإجمالي عن بقية مدة العقد المحددة للمدة».وزادت انه «يدل على أن المشرع بموجب المرسوم بقانون بإنشاء مؤسسة البترول الكويتية المشار اليه خول المجلس الاعلى للبترول الاختصاص بوضع النظام الوظيفي للعاملين في المؤسسة، وصدرت اللوائح الادارية ونظام العاملين بالمؤسسة التي نظمت شؤون الوظيفة العامة لموظفي المؤسسة، وبوصفها مؤسسة تنتهج الاسلوب الاقتصادي بعملها، وتقوم باستثمار أموال الدولة في الخارج والداخل فقد اتخذت في العقد أداة لشغل الوظائف في المؤسسة حتى يسهل عليها القيام بعملها».وتابعت: «ولتحقيق أهداف إنشاء المؤسسة المشار إليها تستطيع التعاقد مع ذوي الخبرة والكفاءة في المجال الاقتصادي والنفطي، وتستطيع كذلك الاستغناء عمن ترغب في الاستغناء عنهم عن طريق وسائل إنهاء العقود المشار اليها، ومن ثم يكون المشرع خص مؤسسة البترول الكويتية بنظام وظيفي خاص، مما لا يجوز معه الرجوع الى قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 والمرسوم الصادر بشأن الخدمة المدنية في ما يتعلق بشؤون العاملين في مؤسسة البترول الكويتية وأحوالهم الوظيفية إلا في ما فات لوائح ونظام العاملين في المؤسسة من أحكام، إذ لا يجوز كأصل عام إهدار القانون الخاص لأعمال القانون العام، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص».وقالت: «لما كان مجلس إدارة مؤسسة البترول قد اجتمع برئاسة وزير النفط يوم 9-5-2013 الذي كان على رأس عمله في ذلك الوقت، وأصدر قراره بإنهاء العلاقة التعاقدية لبعض الموظفين في المؤسسة وفقا لسلطته التقديرية في مجال اختيار العاملين الذين ترغب الادارة في استمرار التعاقد معهم للعمل بالمؤسسة، اعتبارا من أن هذا الاختيار أمر متروك لتقدير المؤسسة حسبما تراه وتطمئن إليه من توافر عناصر الكفاية والصلاحية، وهو ما حرص المشرع على تحقيقه من خلال إقرار المؤسسة الطاعنة بلوائح ونظم خاصة للتعاقد مع الموظفين بما يمكنها من النهوض بالمهام المسندة اليها دون التقيد بالقواعد العامة الواردة بقانون ونظام الخدمة المدنية».إجراءات إداريةوأوضحت المحكمة أنه «أيا كان السبيل الذي اختارته الجهة الادارية في إنهاء هذه العلاقة وأسباب الانهاء، فإن ما تصدره الجهات الادارية وبصفتها متعاقدة من تصرفات أو إجراءات قبل المتعاقد معها إنما تندرج تحت ولاية القضاء الكامل حتى ولو انصب النزاع على طلب المتعاقد الغاء القرار الاداري الذي اتخذته الادارة قبله، لأن ما تصدره الادارة من قرارات تنفيذا للعقد كالقرار الصادر بفسخ العقد أو إنهائه أو الغائه إنما يدخل في نطاق العقد وينشأ عنه».وأضافت: «وبالتالي فإن المنازعات التي تتولد عن تلك القرارات والاجراءات هي منازعات حقوقية، وتكون محلا للطعن عليها عن طريق ولاية القضاء الكامل دون ولاية قضاء الالغاء، وان ما اتخذته جهة الادارة من إجراءات في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محض تنفيذ للعقد وليس منفصلا عنه مما لا يعد قرارا إداريا يرد عليه طلب الالغاء، الامر الذي تضحى معه المنازعة بشأنه منازعة عقدية تستنهض ولاية القضاء الكامل فيما يأنسه حقا له وليس ولاية الالغاء».المحكمة: عدم انطباق قانون الخدمةأشارت إلى أن «الأحكام المطعون عليها خالفت هذا النظر، وخلصت إلى غير سائغ إلى أن العلاقة التي تربط المؤسسة بالمطعون ضدهم هي علاقة لائحية يحكمها نص المادة 15 من قانون الخدمة المدنية من ناحية صف الموظف وأداة تعيينه في المؤسسة، وأهمل النصوص القانونية واللوائح الادارية المعمول بها في المؤسسة الواجبة التطبيق عليه بشأن العلاقة التعاقدية التي تربط المؤسسة بالمطعون ضدهم، وانتهى إلى إخضاع قرار إنهاء عقده لرقابة المشروعية، وقضى بعدم مشروعيته لأن الإدارة أصدرته بسبب قضية الداو كيميكال دون دليل أو سند معتبر».وزادت: «أن هذا القرار في حقيقته إحالة للتقاعد قبل بلوغ سن المطعون ضدهم 34 عاما الذي قررته اللجنة المكلفة بدراسة أوضاع المؤسسة في ذلك الوقت، مع أن ما قررته هذه اللجنة لم يعتمد من قبل مجلس إدارة المؤسسة لا يعدو أن يكون توصية لا ترقى لمرتبة القرار اللائحي الملزم، وخلت الاوراق من أي دليل معتبر على أن إنهاء خدمة المطعون ضدهم كانت بسبب الاحالة إلى التقاعد بل وفقا لسلطة الادارة العقدية على النحو المشار اليه فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابث بالاوراق والفساد بالاستدلال والقصور في التسبيب بما يعيبه ويوجب تمييزه».
آخر الأخبار
«التمييز» في مبدأ قضائي: عقود قياديي النفط إدارية وتخضع للوائح مؤسسة البترول لا قانون الخدمة المدنية
09-06-2015