نحو نظرية تواصلية في التراث

نشر في 27-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-01-2015 | 00:01
No Image Caption
أي أفق لبناء نظرية تواصلية أو علم للتواصل في المفاهيم التراثية؟ هذا ما سعى الباحث المغربي رشيد يحياوي إلى الإجابة عنه في كتابه المعنون «التبالغ والتبالغية: نحو نظرية تواصلية في التراث» في 450 صفحة.
عن دار «كنوز المعرفة الأردنية» صدر كتاب  «التبالغ والتبالغية: نحو نظرية تواصلية في التراث»، وتقوم أصوله على أطروحة دكتوراه دولة كرسها الباحث رشيد يحياوي لقراءة جديدة للتراث العربي الإسلامي انطلاقاً من وظائف الكلام والخطاب في التواصل، والكيفيات التي حددها القدماء لهذه الوظائف والتصورات التي ولدوها عنها.

والباحث الذي اختار مصطلحاً جديداً يعوض به مصطلح «تواصل»، برر اختياره لمصطلح «تبالغ» بديلاً عن نظيره الشائع بالارتباط اللغوي الاشتقاقي للتبالغ بالبلاغة والبلاغ والإبلاغ والتبليغ، وهي مصطلحات مترابطة عند الباحث وترصد العلاقات التفاعلية بين المتكلمين والمخاطبين، واستعمالها راسخ في التصورات التراثية بخلاف المصطلحات ذات الرابطة اللغوية بالتواصل. وبناء على ذلك، اختار الباحث مصطلح «تبالغية» لرصد ما يمكن عده علما أو نظرية للتبالغ في حقول المعارف والعلوم التراثية، تتعدى التبالغ البليغ إلى التبالغ بمختلف مستوياته ووسائطه.

ويندرج الكتاب في مسار الدراسات المعاصرة حول قضايا الخطاب والتداول ودور اللغة في التواصل والمقاصد والمقامات وأثرها في بناء الخطاب وإقامة التفاعل بين المتكلم والمتلقي.

وينقسم الكتاب إلى أقسام أربعة في التأصيل لمصطلح «تبالغ» وتتبع تمثلاته من خلال الوسائط التواصلية القديمة في هذا الباب، سواء منها الوسائط اللغوية أو غير اللغوية مع تركيز ملحوظ على وظائف الكلام ودور كل من المتكلم والمتلقي في التخاطب، وكيفية الملاءمة بين الخطاب والمقاصد من جهة، وبين المقاصد والمقامات من جهة أخرى في جملة علوم قديمة أكثرها تقديما عند الباحث علوم النقد والبلاغة والنحو وعلم الكلام وأصول الفقه.

ثلاث آليات

ومن بين اقتراحات رشيد يحياوي في أطروحته أن المخاطب وكي يفهم الخطاب يحتاج إلى تشغيل ثلاث آليات، هي التسييق نسبة إلى السياق اللغوي الداخلي أو اللغوي الخارجي للخطاب، والتقصيد نسبة إلى الوظائف المقصدية، والتمقيم نسبة إلى المقام وهو السياق الخارجي غير اللغوي عند الباحث. ومصطلح التمقيم هو من اقتراحات الباحث ويريد به ربط الخطاب بالوظائف التفاعلية العائدة إلى مرجعيات المقام بوصفه الإطار المكاني والزماني والثقافي المحيط بالعملية التبالغية والمسهم في تحققها.

يشار إلى أن الباحث استكمل مشروعه التبالغي بكتاب جديد بعنوان «الكلام على الكلام في التراث: مقاصد التعريب والتديين»، عن دار كنوز المعرفة الأردنية في 180 صفحة من القطع المتوسط. والكتاب الثاني مخصص للدراسات في مجال اللغة والنحو وعلم الكلام وكيف أنتجت هذه العلوم معرفة بقضايا الكلام من حيث حصره في دائرة العربية وعلومها من جهة، وفي مرجعياته الدينية وتصوراتها من جهة أخرى.

لذلك فإن «الكلام على الكلام» في نظر الباحث هو جملة المعارف والأنظار والتصورات التراثية التي ولدها القدماء عن الكلام ذاته، من منطلق أنهم كانوا يقصدون إما تعريب الكلام والمتكلم والمخاطب بربطهم بالعربية ثقافة ولغة، أو ربطهم لهم بالدين، أو بربط ذلك بالمقصدين معا.

رشيد يحياوي أستاذ للتعليم العالي في كلية اللآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر في مدينة أكادير بالأردن، حاصل على الماجستير في النقد القديم من جامعة عين شمس، وعلى دكتوراه الدولة من جامعة ابن زهر بالمغرب، وصدرت له مجموعة من الكتب.

back to top