على الرغم من خدمته التي جاوزت الستين عاماً في الكويت، فإنه أصبح مهجوراً غريباً في غالبية المنازل! خدم الجميع بلا استثناء من جميع الأعمار والفئات دون كلل أو ملل، لكن مع الطفرة العلمية التي نعيشها في الوقت الحاضر، أصبح «الهاتف المنزلي» أو الأرضي - كما يطلق عليه البعض - وحيداً وسط ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، جعلت منه جهازاً يشكو العزلة والغربة معاً إلا ما ندر!

Ad

الهاتف المنزلي أو الثابت أو الهاتف الأرضي، تصدر سابقا اهتمامات الناس بشكل لافت، إذ لا يكاد يخلو ركن منزل من هذا الجهاز الذي كان صديقا مخلصا للأسر على مدى سنوات طويلة، إلا أن ما شهده العالم ومن ضمنه الكويت من قفزة نوعية في وسائل الاتصالات كان له أثر سلبي على استخدامات هذا الجهاز، لكنه يبقى في جميع الأحوال ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.

"لم يعد الهاتف في المنزل يحظى بذلك الاهتمام الذي كان عليه في السابق"، هكذا لخّص عبدالله حسين وضع الهاتف الأرضي في الوقت الحالي، مؤكدا ان "كل فرد في المنزل إن لم يكن يملك جهازي نقال، فإنه يحمل واحدا على الأقل، وبالتالي فإن الهاتف الأرضي بات محدود الاستخدامات، يتمثل أهمها وأبرزها أنه يستخدم حاليا لخدمة الإنترنت في المنزل".

كبار السن

ويضيف: "ليس معنى ذلك ان الهاتف لا يستخدم حاليا، لكن نسبة استعماله قلت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ولعل أكثر من يستخدم الهاتف الأرضي في الوقت الحاضر هم كبار السن، وذلك لصعوبة دخول عالم التكنولوجيا الحديثة بالنسبة إليهم، بالإضافة إلى العمالة في المنزل التي تلجأ إليه أحيانا لإجراء اتصال مع أسرهم خارج الكويت".

النساء و«الحش»

وفي زاوية أحد المقاهي يجلس أحمد لافي وأمامه هاتفان وجهاز "راوتر"، أسلاك كثيرة عبارة عن شاحن وسماعة وكماليات أخرى خاصة بالهاتف النقال، وقال ان "هاتف المنزل أصبح من الماضي، خصوصا مع العروض التي تقيمها شركات الاتصالات على مدار العام، إذ لا يمكن أن ألجأ إلى الهاتف الأرضي وأنا احمل بيدي هاتفي نقال"، مؤكدا ان "استعمالاتنا متعددة للهاتف النقال، وكل شيء أمامي، فهل من المعقول أن أعود إلى المنزل فقط لإجراء اتصال هاتفي، هذا لم يعد ينفع في الوقت الحاضر".

ويضيف بطريقة مضحكة ان "من يستعمل الهاتف الأرضي حاليا هم النساء، خصوصا أنهن على استعداد للاستمرار في مكالمة واحدة لعدة ساعات متواصلة، إذ ان "الحش" (النميمة) لا يحلو إلا بالهاتف المنزلي، ولا يمكن أن يتم عبر الهاتف النقال، لأن الفاتورة حينها ستكون بمئات الدنانير، لذا فإنني أعتقد أن النساء هن أكثر فئة مستفيدة من وجود الهاتف الأرضي في المنزل".

الطلبة والإنترنت

أما خالد العوضي، فاعتبر ان "الهاتف الأرضي يستخدم حاليا من الطلبة بشكل مكثف، خصوصا بعد قيام وزارة المواصلات على مدى العامين الماضيين بخفض أسعار خدمات الإنترنت، وهو أمر انعكس على رغبة كثير من المشتركين في الحصول على خدمات الإنترنت المنزلية التي تتطلب وجود خط هاتفي في المنزل"، مبينا ان "أولياء الأمور يجدون أنفسهم مضطرين للالتزام بالهاتف المنزلي، لاسيما أنه لا يكلف مبالغ إضافية مثل النقال الذي يتطلب التزاما ماليا مع شركات الاتصالات".

وقال: "على الرغم من ذلك فإن الهاتف النقال يعتبر ثورة علمية في عالم التكنولوجيا والاتصالات، يجب مواكبتها أولا بأول، خصوصا أنه يشمل كافة التفاصيل الدقيقة التي يحتاجها الجميع بوقت قياسي"، مشيرا إلى "أنني أستخدم الهاتف النقال حتى لو كنت جالسا قرب الهاتف الأرضي في المنزل أو في العمل، فأنا لا أحفظ الغالبية العظمى من أرقام زملائي، وبالتالي فإن عملية الاتصال من الهاتف الأرضي تتطلب إخراج الرقم من النقال وهي عملية تزعجني كثيرا".

العازمي: عائد الهاتف الأرضي من أعلى إيرادات الوزارة

من جانبه، اعتبر وكيل وزارة المواصلات المساعد لقطاع خدمات المشتركين عبدالله العازمي ان "الهاتف الأرضي أو الثابت يمثل أهمية كبيرة لدى الوزارة والجمهور على حد سواء، لاسيما أن هناك تزايدا ملحوظا في الطلبات للحصول على خطوط أرضية إضافية في عدد كبير من المناطق"، موضحا ان "ظهور مناطق وعمارات سكنية جديدة بين فترة وأخرى بشكل ساهم كثيرا في ارتفاع معدلات الطلبات للحصول على الخدمة الهاتفية في تلك المواقع".

مدخول كبير

ويؤكد العازمي ان "العائد المالي لوزارة المواصلات من استخدام الهاتف الأرضي عال جدا ويعتبر مدخولا مهما للوزارة، خصوصا ان الجهات الحكومية طلبات التركيب الخاصة بها مستمرة، بالإضافة إلى رغبة عدد كبير من الجمهور بالحصول على خطوط إضافية، الأمر الذي يوضح أهمية الهاتف الأرضي في حياة المواطن والمقيم على الرغم من التطور التكنولوجي الذي تعيشه البلاد من خلال توفر أجهزة الهاتف النقال".

طلبات مستمرة

ويضيف: فعلى سبيل المثال في محافظة الفروانية فقط، خلال شهر أكتوبر الماضي تم تركيب 85 خطا جديدا، كما تم نقل 28 خطا إلى مواقع أخرى، وهذه الإحصائيات البسيطة تبرهن على استمرار الطلبات في الحصول على الخدمة"، مبينا أن "قطاع خدمات المشتركين يقوم بجهود كبيرة في عمل إحصائيات شهرية بأعداد الطلبات الجديدة، وعمليات النقل وإصلاح الأعطال، وغيرها الكثير ومن ثم يقوم برفعها إلى وكيل الوزارة"، لافتا إلى أن "الإحصائيات تكشف لنا مدى الأهمية التي يمثلها الهاتف الأرضي في حياة الجمهور، سواء داخل المنزل أو في وزارات الدولة أو المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية والبنوك".

أربعة خطوط

ويقول: "بعض المشتركين يحرصون على اقتناء أرقام ذهبية، والوزارة تقوم بتركيب أربعة خطوط في المنزل لكل مشترك الذي يدفع 65 دينارا عن كل خط هاتفي، وفي حال رغب المشترك بالحصول على خط إضافي عليه دفع 150 دينارا، وبالفعل لدينا عدد كبير من المشتركين يمتلكون أكثر من أربعة خطوط في المنزل، هذا الخط الإضافي يتم تركيبه عن طريق زيادة الكابل عن طريق الشبكة الهاتفية، وهذه الزيادة نجدها غالبا في المنازل الكبيرة أو التي تضم عددا من الشقق، أو العمارات السكنية"، لافتا إلى أن أغلب المنازل تمتلك حاليا أربعة خطوط".

خدمات متنوعة

ويضيف: "تقديم طلب الحصول على الخدمة لدى الوزارة يتم بشكل يومي في جميع المقاسم المنتشرة بالعديد من مناطق البلاد، وكذلك طلبات النقل والتركيب والقطع وإضافة الخدمات، مثل خدمة النداء الآلي وخدمة التحكم في الهاتف، وخدمة الخط الثلاثي، وخدمة حجب الاتصال الدولي، وخدمة التحويل، بالإضافة إلى ان تزايد الطلب على الهاتف الثابت بسبب الرغبة في الحصول على خدمات الإنترنت"، مؤكدا ان "أسباب تمسك الجمهور بالهاتف الأرضي أن عملية الاتصال منه إلى أي جهاز آخر سواء كان ثابتا أو نقالا تتم بالمجان، الطلبات لدى الوزارة لم تتوقف".

اشتراكات كبيرة

وأوضح ان "الهاتف الثابت يعتبر من أقوى إيرادات الوزارة، وذلك من خلال الاشتراكات الكبيرة والرسوم مقابل الحصول على هذه الخدمة"، لافتا إلى أن "الهاتف الأرضي مر بفترة عصيبة نوعا ما عند انتشار الهاتف النقال، لكن عندما أعلنت الوزارة قبل سنوات مجانية الاتصال من الثابت إلى النقال بدأ يستعيد مكانته، ولعل الطلبات المتزايدة التي نتلقاها في الوزارة تؤكد هذا الأمر".

تقارير يومية

وأشار إلى أن "قطاع خدمات المشتركين يقوم شهريا برفع تقارير إلى وكيل الوزارة توضح خطة عمل كل مقسم وما قدم من خدمات خلال الشهر، بالإضافة إلى الرسوم التي تم تحصيلها نظير هذه الخدمات، كما نقوم أيضا برفع تقارير بالأعطال التي واجهت كل مقسم والتي قام بإصلاحها، علما بأن هذه الإحصائيات تصلني صباح كل يوم بما حدث يوم أمس، وهي بمنزلة متابعة يومية نحرص عليها للوقوف على أي جديد ربما يتطلب معالجة فورية وسريعة منعا لاستمرار أي خلل يربك عمل الإدارات".

أمر أساسي

وقال انه "رغم التطور الحاصل في العالم وليس الكويت فقط في مجال الاتصالات، فإن الهاتف الأرضي يمثل شيئا مهما وأساسيا في المنزل، ونلاحظ ذلك من خلال طلبات الاستعجال التي تصلنا للحصول على إضافة خط في المنزل، كما أن هناك خدمة تحويل الهاتف الثابت على النقال، أو أي رقم آخر، وخلاصة الكلام نؤكد ان الهاتف الأرضي لا يزال يحتل مكانة كبيرة لدى الوزارة والمشتركين على حد سواء، وهذا يتضح من الطلبات المتزايدة يوميا وكذلك الإيرادات التي تجنيها الوزارة نظير هذه الخدمة الحيوية".