معرض الكتاب ومسؤولية الناشر الكويتي
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
الحديث عن معرض الكويت للكتاب، يأخذني بالضرورة إلى دور النشر الكويتية، التي استطاعت خلال الأعوام القليلة الماضية أن تكون الحدث الأهم والأبرز في المعرض باستقطابها لاهتمام شرائح كبيرة جداً من الشباب للوقوف في طوابير أمام دورها. فدور النشر هذه ما عادت جديدة، ولقد تحسس أصحابها حين وصفتهم في مقالات سابقة بقولي "دور نشر شبابية" وردّوا بأنهم دور نشر يطبعون لفئات الشباب وللمخضرمين من الكتّاب، وأن جمهور قرائهم متنوع، فهم بهذا المعنى دور نشر كويتية وكفى. دور النشر الكويتية إذا أرادت فعلاً أن يكون لها دور إبداعي ثقافي تنويري كويتي وعربي فعليها بالدرجة الأولى أن تهتم بالمادة الإبداعية التي يقدمها أي كاتب يخطو خطوته الأولى، وتعمل كما جميع دور النشر المحترمة، على تشكيل لجان قراءة متخصصة، لفحص مادة أي كتاب يتقدم إليها، وإبداء الملاحظات عليه، وهذا هو الدور الذي يقوم به المراجع في دور النشر الغربية "The Editor".المتفحص لنتاج دور النشر الكويتية، يرى للأسف أن الغث أكثر بكثير من السمين! وأن كتباً ما كان لها أن ترى النور تحت أي نوع من التبرير. صحيح أن الكتابة بحد ذاتها فعل إيجابي، وأن الكاتب لا يولد ناضجاً ومبدعاً، وهو بحاجة للدعم والتشجيع. لكن الصحيح أيضاً، هو أن يكون الكاتب الشاب ملمّاً بأصول صنعة الكتابة في حدها الأدنى، وأن لا يصدر كتاباً يسيء إليه، ويجعله مثار سخرية وتندر.اندفاع الكاتب المبتدئ قد يكون مبرراً، لكن موافقة دار النشر له في اندفاعه، بالرغم من تدني مستواه أمر غير محمود. فالناشر من حقه أن يتوخى الربح، ولكن من حق الكويت عليه أن يتوخى الجودة، وأن يلعب الدور التنويري المناط به. فلقد استمعت إلى الكثير من نقد الناشرين والمثقفين العرب، يصفون بها الناشر الكويتي بقولهم: "ما يُنشر يسيء لسمعة الكويت والكويتيين."أقف قلباً وقالباً مع الكاتب المبتدئ ومع الناشر الكويتي، أدعمهما بكل ما أستطيع، لكني لا أسمح لنفسي أبداً بدعم نشر كتاب يسيء للكاتب ولدار النشر والكويت. الكتابة مهارة كأي مهارة إنسانية، تحتاج لمن يتدرب عليها قبل أن يتقنها، وليس عيباً ردّ مخطوطة لكاتب ومطالبته بتحسين مستواه. لكن العيب هو نشر كتاب سيئ ومعيب، من حيث المحتوى والشكل. فمادة الكتابة ملك الكاتب وهي في حوزته، وحين تخرج إلى النور فعليه وحده أن يتحمل ما يترتب على ذلك، مدحاً أو ذماً.