معرض الكتاب ومسؤولية الناشر الكويتي

نشر في 15-10-2014
آخر تحديث 15-10-2014 | 00:01
 طالب الرفاعي من يتابع شبكات التواصل الاجتماعي يلاحظ بدء نشاط محموم للدعاية للكتب، وذلك بمناسبة انعقاد الدورة (39) لمعرض الكويت للكتاب، في الفترة من (19-29) نوفمبر 2014. ما يبعث السرور أن أغلب المتحركين في هذه الدائرة هم من الكتّاب الشباب. وهذه ظاهرة استجدت منذ قرابة خمس سنوات، ومؤكد أنها تحتاج للتوقف عندها ودراستها بما تستحق من اهتمام وشفافية، لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تدفع أي شابة أو شاب كويتي للسير على درب الكتابة، وما هي المراجع التي استندوا إليها في قراءاتهم؟ وما هي الغايات التي يرمون إليها من وراء كتاباتهم؟ وأي فئة جمهور يخاطبون؟ وما طبيعة علاقتهم بالمؤسسة الرسمية، "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب"، والمؤسسة الأهلية "رابطة الأدباء الكويتيين"؟ وكيف ينظرون لإدارة الرقابة في وزارة الإعلام؟ وكيف هي علاقتهم بالناشر؟ وأخيراً ما هي انطباعاتهم عن كتابهم الاول؟

إن إجراء هذه الدارسة يُعد أمراً ملحاً، في مجتمع خليجي استهلاكي، انصرف فيه القارئ عن القراءة، فانبرى شباب كثر من الجنسين، للسير بحماس كبير على درب الكتابة والنشر، فما السر وراء ذلك؟

الحديث عن معرض الكويت للكتاب، يأخذني بالضرورة إلى دور النشر الكويتية، التي استطاعت خلال الأعوام القليلة الماضية أن تكون الحدث الأهم والأبرز في المعرض باستقطابها لاهتمام شرائح كبيرة جداً من الشباب للوقوف في طوابير أمام دورها. فدور النشر هذه ما عادت جديدة، ولقد تحسس أصحابها حين وصفتهم في مقالات سابقة بقولي "دور نشر شبابية" وردّوا بأنهم دور نشر يطبعون لفئات الشباب وللمخضرمين من الكتّاب، وأن جمهور قرائهم متنوع، فهم بهذا المعنى دور نشر كويتية وكفى.

دور النشر الكويتية إذا أرادت فعلاً أن يكون لها دور إبداعي ثقافي تنويري كويتي وعربي فعليها بالدرجة الأولى أن تهتم بالمادة الإبداعية التي يقدمها أي كاتب يخطو خطوته الأولى، وتعمل كما جميع دور النشر المحترمة، على تشكيل لجان قراءة متخصصة، لفحص مادة أي كتاب يتقدم إليها، وإبداء الملاحظات عليه، وهذا هو الدور الذي يقوم به المراجع في دور النشر الغربية "The Editor".

المتفحص لنتاج دور النشر الكويتية، يرى للأسف أن الغث أكثر بكثير من السمين! وأن كتباً ما كان لها أن ترى النور تحت أي نوع من التبرير. صحيح أن الكتابة بحد ذاتها فعل إيجابي، وأن الكاتب لا يولد ناضجاً ومبدعاً، وهو بحاجة للدعم والتشجيع. لكن الصحيح أيضاً، هو أن يكون الكاتب الشاب ملمّاً بأصول صنعة الكتابة في حدها الأدنى، وأن لا يصدر كتاباً يسيء إليه، ويجعله مثار سخرية وتندر.

اندفاع الكاتب المبتدئ قد يكون مبرراً، لكن موافقة دار النشر له في اندفاعه، بالرغم من تدني مستواه أمر غير محمود. فالناشر من حقه أن يتوخى الربح، ولكن من حق الكويت عليه أن يتوخى الجودة، وأن يلعب الدور التنويري المناط به. فلقد استمعت إلى الكثير من نقد الناشرين والمثقفين العرب، يصفون بها الناشر الكويتي بقولهم: "ما يُنشر يسيء لسمعة الكويت والكويتيين."

أقف قلباً وقالباً مع الكاتب المبتدئ ومع الناشر الكويتي، أدعمهما بكل ما أستطيع، لكني لا أسمح لنفسي أبداً بدعم نشر كتاب يسيء للكاتب ولدار النشر والكويت. الكتابة مهارة كأي مهارة إنسانية، تحتاج لمن يتدرب عليها قبل أن يتقنها، وليس عيباً ردّ مخطوطة لكاتب ومطالبته بتحسين مستواه. لكن العيب هو نشر كتاب سيئ ومعيب، من حيث المحتوى والشكل. فمادة الكتابة ملك الكاتب وهي في حوزته، وحين تخرج إلى النور فعليه وحده أن يتحمل ما يترتب على ذلك، مدحاً أو ذماً.

back to top