«داعش» وتقسيم دول المنطقة
مخطط تقسيم دول المنطقة يسنده تطور الأحداث في الأشهر الأخيرة في دول عربية كبيرة مثل العراق وسورية وليبيا واليمن، فضلاً عن البروز المفاجئ والدور الغامض والمشبوه الذي تلعبه عصابات «داعش» المسلحة التي تسرح وتمرح في المنطقة العربية بكل أريحية، رغم ما يقال عن تكثيف الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي الذي يضم ما يقارب أربعين دولة.
تشير طبيعة الأحداث السياسية المتسارعة إلى أن المنطقة مقبلة على تقسيم جديد على غرار "سايكس- بيكو" ترعاه وتشرف عليه أميركا وحلفاؤها الغربيون، كي يحافظوا على مصالحهم ومناطق نفوذهم في العالم، بحيث تفتت الدول الوطنية التي تشكلت بعد "سايكس- بيكو" إلى عدة أجزاء صغيرة تقام على أسس طائفية وعرقية وإثنية وعنصرية، فتصبح هناك دويلات صغيرة متحاربة بجانب الكيان الصهيوني العنصري الذي يمُثل قوة عسكرية كبيرة في المنطقة. مخطط تقسيم دول المنطقة يسنده تطور الأحداث في الأشهر الأخيرة في دول عربية كبيرة مثل العراق وسورية وليبيا واليمن، فضلاً عن البروز المفاجئ والدور الغامض والمشبوه الذي تلعبه عصابات "داعش" المسلحة التي تسرح وتمرح في المنطقة العربية بكل أريحية، رغم ما يقال عن تكثيف الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي الذي يضم ما يقارب أربعين دولة، بل إن "داعش" يستعرض قواته على مرأى ومسمع الجميع، ويستخدم التكنولوجيا الحديثة والمتطورة بالرغم من أنه بإمكان القوات الدولية قطع الاتصالات عنه!وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن "داعش" مجرد تنظيم عصابات إرهابية متنقلة تستخدم الأساليب البدائية والبربرية والهمجية، والدعاية الإعلامية الضخمة في عرض ممارساتها الوحشية، فإنه من غير المستبعد أن يُستخدم هذا التنظيم، كما ذكرنا سابقاً، من قِبل قوى إقليمية ودولية في تعطيل حركة التغيير الديمقراطي والتقدم الاجتماعي، وتفتيت الدول العربية مثلما اُستُخدِم ويُستخدم تنظيم "القاعدة" وحركة طالبان وغيرهما من حركات إرهابية.أجل، فالتطورات السياسية المتسارعة، التي قد تبدو متناقضة أحياناً، تشي بأن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة وخارطة جديدة يُستخدم "داعش" كواحدة من الأدوات الفاعلة لتنفيذها، وهي تطورات متسارعة بالفعل لن يعطلها ويُغيّر مجراها إلا وعي الشعوب ويقظتها ورفضها للمخطط التقسيمي الاستعماري الجديد من جهة، وصمود مصر وقوة جيشها واستقرارها السياسي من جهة أخرى، نظراً إلى ما تمثله مصر من عمق استراتيجي ودور محوري مؤثر في المنطقة، وهو الأمر الذي جعلها تواجه، وبالذات منذ الموجة الثورية في 30 يونيو 2013، أحداثاً إرهابية، وهجوماً إعلاميا ممنهجاً ومضللاً.وفي هذا السياق، فإنه من الملاحظ أيضاً أن هناك ضغوطاً تُمارَس على دول مجلس التعاون الخليجي، وبالذات السعودية، يدعمها تركيز إعلامي ممنهج يستهدف إشغالها بقضايا داخلية وتعكير علاقاتها مع مصر في محاولة بائسة ويائسة لإفشال، بطريقة أو بأخرى، محاولات تشكيل محور إقليمي قوي مع مصر يواجه المحاور الأخرى في المنطقة، وبالذات محور تركيا وزعيمها "الإخواني" ومؤيديه في الدول العربية الذين يحلمون بإعادة أمجاد الخلافة العثمانية، علاوة على المحور الآخر الذي تقوده إيران، والذي يبدو أنه يحقق مكاسب سياسية في العراق وسورية ولبنان واليمن، ويحظى بتأييد دول غربية مؤثرة، بالرغم مما يقال في بعض وسائل الإعلام عن خلافات بين الطرفين حول مشروع إيران النووي.