لم يخُض تنظيم "داعش" معركة حقيقية إلا في عين العرب "كوباني" وفي مواجهة قوات الـ"بيشمركة" في مواقع كثيرة في شمالي العراق، من بينها كركوك، وقد انهزم في كل هذه المواجهات، وهذا يعني أنه بقي يحقق انتصارات مجانية، مع الإشارة هنا إلى أن انسحابه من تكريت وتسليمها، تسليم اليد، إلى قوات "الحشد الشعبي" بقيادة هادي العامري المحسوبة على إيران يثير أسئلة كثيرة، من بينها: ماذا بين هذين التنظيمين يا ترى؟ وما الجهة المسؤولة عن العلاقات غير المفهومة بينهما؟!
كل الانتصارات التي حققها تنظيم "داعش" كانت مجانية، بدون أي قتال، فمدينة الموصل استسلمت بدون أيِّ قتال، لا فعلي ولا وهمي، ومدينة الرمادي استسلمت بطريقة استسلام الموصل نفسها، وهذا ما حصل لاحقاً مع "تدمر" التي غادرتها قوات بشار الأسد مُولِّية الأدبار على أنغام الأناشيد الوطنية والزغاريد التي كانت تشنف آذان أهل المنطقة الذين تُرِكوا لمواجهة المصير الذي واجهه أشقاؤهم في مناطق أخرى كثيرة. والمعروف أن مدينة "الرقة"، التي تحتل موقعاً "استراتيجياً" بالفعل، سلّمتها قوات بشار الأسد لهذا التنظيم تسليم اليد، وهذا يعني أن هناك تواطؤاً مقصوداً، على أساس وضع الشعب السوري وكل المعنيين بالأزمة السورية إقليمياً ودولياً بين خيارين: "إمّا مع هذا النظام، وإما مع داعش"، وهذا ما أراده الإيرانيون والروس منذ البدايات، عندما طرحوا في مؤتمر "جنيف 2"، وبعده وقبله، أن الأولوية، أولوية الجميع، هي مواجهة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية!والمعروف أيضاً أن أداء الإدارة الأميركية، إدارة الرئيس باراك أوباما، بالنسبة إلى الحرب التي يشنها التحالف الدولي على "داعش" لم يعجب الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، بل إن السيناتور جون ماكين قد شكك في هذا الأداء من أوله إلى آخره، حيث قال في أحد تصريحاته المتعلقة بهذا الأمر، وبمزيد من التهكم إن 75 في المئة من غارات هذا التحالف الجوي تعود إلى قواعدها دون إلقاء القنابل التي تحملها، وقد قال هذا السيناتور الأميركي أيضاً، وبتهكم واضح، أن السبب يعود إلى عدم وجود أيٍّ كان على الأرض، مطالباً واشنطن بإرسال قوات برية أميركية لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي قوامها نحو عشرة آلاف مقاتل.وحقيقة، وبغض النظر عما قاله جون ماكين وعن الحملة التي يشنها الجمهوريون على الرئيس أوباما وحزبه الديمقراطي مع بداية معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنَّ ما بات واضحاً ومؤكداً هو أن تنظيم "داعش"، إنْ في العراق وإنْ في سورية، دأب على تحقيق انتصارات مجانية حتى على التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وهذا يعني، لتدارك الوضع قبل أن تحدث انهيارات كارثية، أنه لابد من مراجعة سريعة لهذه المسألة، ولاسيما من قبل واشنطن، فالأمور أصبحت في غاية الخطورة، ولعل ما يجب أن يقال في هذا المجال هو أنَّ هناك ما يثير الشكوك فعلاً بوجود "تبادل منافع" بين طهران وما يسمى "الدولة الإسلامية"، وأنَّ هناك شيئاً بقي غير مفهوم في مواقف الأميركيين على مدى سنوات هذه الأزمة السورية التي غدت مستفحلة ومعقدة!
أخر كلام
لماذا انتصارات «داعش» مجانية؟!
25-05-2015