وسط ما تمر به البورصة الكويتية منذ فترة ليست بالقصيرة وحالة التراجعات المستمرة والملحوظة في تداولاتها على مستوى جميع مؤشراتها، أكدد عدد من المحللين والاقتصاديين أن تراجع أسعار النفط لا يفسر هذه الانخفاضات للبورصة، مبينين أن السوق يمتلك العديد من الفرص والأسهم التي يمكنها تحقيق العوائد والإيرادات الجيدة.

Ad

وقال المحللون لـ «الجريدة» إن الانخفاضات الحالية سببها موجة انعدام ثقة المتداولين بتعديل الأوضاع على المدى القريب خلال الفترة القادمة، مشيرين إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لانخفاضات البورصة يتمثل في أن المضاربة لم تعد «على قيد الحياة»، بسبب قصقصة أجنحتها التي قامت بها الجهات الرقابية.

وأقروا بأن انخفاض أسعار البترول أدى الى ازدياد الهلع بين المستثمرين، والتوجه نحو البيع خوفاً أن يكون الوضع القادم أسوأ من الحالي، مبينين أن تلك التراجعات في البورصة تعود إلى انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت مما جعل عملية توزيع الاستثمارات في انحسار، إذ لو كانت هناك فرص متنوعة ما أقبل المستثمرون على المضاربات السريعة، بل ركزوا على الاستثمارات ذات المخاطر الأقل والعوائد الثابتة.

وذكروا أن المستثمر في الكويت ودول الخليج بشكل عام دائماً ما يرى أن أسعار النفط هي التي تؤثر على الميزانية العامة لدولته، فضلاً عن الإنفاق الحكومي الذي يعتبر المحرك الأول للنشاط الاقتصادي في كل الدول الخليجية.

وفيما يلي التفاصيل:

بدايةً، قال مستشار شركة أرزاق كابيتال، صلاح السلطان ان استمرار تراجع أسعار النفط له تأثير سلبي على مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية وسيولته، خصوصا في ظل عدم رؤية حكومية واضحة المعالم لمواجهة هذا الانخفاض، الأمر الذي أدى الى ازدياد حالة الهلع بين المستثمرين، والتوجه نحو البيع تحسباً لأن يكون القادم أسوأ من الوضع الحالي.

وأضاف السلطان ان الخوف والهلع من انكماش الاقتصاد المحلي، أديا الى ابتعاد المستثمرين عن السوق في الوقت الحالي، على الرغم من وجود مؤشرات ايجابية ومنها نتائج بعض الشركات، وذلك تحسبا لحدوث أي ازمة مالية، مشيرا الى وجود عدد كبير من الشركات المدرجة المتهالكة ولا تزال متأثرة جراء الأزمة المالية العالمية، حيث انخفضت أسعار أصولها وأصبحت رديئة.

وبين انه منذ حدوث الأزمة المالية العالمية لم نر اندماج شركات بعضها مع بعض أو تصفية شركات، حيث ان البعض منها ينمو ببطء شديد لا يشجع المستثمرين على الاستثمار والتداول فيها، لافتا الى أن أداء سوق الكويت للأوراق المالية ضعيف جدا منذ فترة طويلة بسبب عدم الاستقرار في الجانب الاقتصادي، إضافة الى عدم وجود رؤية حكومية واضحة نحو تمكين القطاع الخاص وتقليل المصاريف على المال العام.

وأشار السلطان الى ضرورة قيام الحكومة بتنفيذ المشاريع التنموية وإشراك القطاع الخاص معها، وعليها ان تفعل بعض القوانين التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني مثل قانون الـB.O.T وقانون الإفلاس والمستثمر الأجنبي وغيرها من القوانين، إضافة الى إنهاء البيروقراطية والروتين الحكومي.

انعدام الفرص الاستثمارية

بدوره، قال خبير أسواق المال محمد الثامر ان ما يحدث في البورصة في الوقت الحالي هو تكسب رأسمالي بحت، وهذا الأمر يحدث في جميع مجالات حياتنا في الكويت، مضيفاً ان الوضع العام محلياً هو الاستثمار بالمضاربة في جميع الأمكنة وفي جميع مجالات الاستثمار وليس على أسس استثمارية سليمة طويلة الأجل.

وأضاف الثامر أن انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت جعل عملية توزيع الاستثمارات في انحسار، فلو كان للناس فرص متنوعة ومتعددة لما رأيناهم يعتمدون على المضاربات السريعة بل ركزوا على الاستثمارات ذات المخاطر الأقل والعوائد الثابتة.

وأشار إلى أن السوق خلال الفترة الماضية كان يصعد بالفعل لكن ليس بثبات، فمعظم الحركة النشطة السابقة كانت مضاربية بحتة، مضيفاً أن صعود الأسهم كان قائما على حدة مضاربية فقط والتي تعتمد بشكل أساسي على وفرة السيولة.

وأضاف الثامر ان الوضع اختلف الان، حيث انخفضت أسعار البترول، و»نرى انخفاضات لأسواق مجاورة مثل السوق السعودي على سبيل المثال، فلو كان ارتفاع السوق الكويتي خلال الفترة الماضية غير معتمد على المضاربة بل على أسس سليمة لما رأيناه متأثراً بهذه العوامل المحيطة ولما رأيناه متأثراً بالانخفاضات الحالية».

وأكد الثامر أنه لو كانت هناك أزمات أكبر «لرأينا انخفاضات أكبر مما نراه في الوقت الحالي، لأن السوق هش بمعنى الكلمة ولم يستند الى أسس اقتصادية سليمة، مشيراً إلى أن وجود أصول وأسهم لا تمتلك عوائد فعلية لكنها تنشط في أوقات المضاربات وهي ما تسمى بـ»الأول المضاربية» وهي ما تزيد العبء على السوق.

أسباب غير مقنعة!

من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في شركة كاب كورب الاستثمارية، فوزي الشايع أنه لا وجود لأي سبب حقيقي ومقنع للانخفاضات، فرغم انخفاض أسعار البترول إلا أنه حتى عندما كانت أسعار البترول مرتفعة وبحدود 112 دولارا للبرميل فإنها لم تكن مؤثرة بشكل إيجابي على السوق، فهل ستؤثر عندما تنخفض فقط!

وأكد الشايع أن الانخفاضات الحالية سببها وجود موجة لانعدام ثقة المتداولين بتعديل الأوضاع على المدى القريب خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى أنه من المفترض أن يخرج مسؤول حكومي ليصرّح ويتحدث عن الانخفاضات وعن رؤية الحكومة واتجاهها واحترام المتداولين والمستثمرين على الأقل!

وقال ان أموال الهيئة العامة للاستثمار بالمليارات ولا تستخدمها بالسوق المحلي بالشكل المطلوب، ولا بد من إعادة الثقة للسوق عبر ضخ مزيد من السيولة فيه من قبل جميع الجهات الحكومية مثل «هيئة الاستثمار» و»التأمينات» و»شؤون القصّر» وغيرها.

وأوضح الشايع أن الأجواء جيدة وهناك العديد من العوامل الإيجابية في السوق والتي تساعد على النهوض به، فأغلب الشركات تحسّنت أرباحها عن العام الماضي بشكل ملحوظ، وبالتالي هناك قواعد لضمان وجود تداولات فنية بحتة وإيجابية للسوق.

العين على أسعار النفط

من جهته، قال جعفر القلاف من مجموعة الجوهرة أنفست انه في ظل تراجع اسعار النفط العالمية وتباعا اسعار النفط لدول مجلس التعاون، تأثرت اسواق الملكيات العامة او اسواق الاسهم في هذه الدول خاصة الكويت والسعودية حيث خسر الموشر السعري في سوق الاسهم الكويتية ما يقارب 4 في المئة من قراءته في بداية السنة.

وأضاف القلاف أن تراجع الاسهم أمر متوقع من قبل المستثمرين في اسواق المنطقة حيث يتفق كثيرون على أن عين المستثمر دائما تكون على أسعار النفط، فالمستثمر هنا او حتى في دول الخليج الاخرى دائما ما يرى اسعار النفط التي تؤثر على الميزانية العامة لدولته وعلى الانفاق الحكومي الذي يعتبر المحرك الاول للنشاط الاقتصادي في الدول الخليجية المنتجة للنفط مع تفاوت دور القطاعات الاخرى في الدخل، موضحاً أن مستثمري الفترات القصيرة غالبا ما يكونون هم الاكثر تأثرا سلبا بهذا الجانب والاسرع تصرفا في تغيير مراكزهم المالية او حتى الخروج من الاسواق.

وأشار القلاف الى ان التوزيعات النقدية تعطي مؤشراً على سلامة ومتانة الشركات الموجودة في السوق، واذا تناغم هذان العاملان تجد الاسواق في حالة من التعافي والاستقرار.

وفيما يتعلق بتحديد محفزات السوق او كيفية انتعاشه اوضح ان اهم الاسباب والمحفزات التي دفعت السوق الكويتي للصعود من سنة 2001 الى سنة 2008، إنشاء صناديق الاستثمار ومشاركة الهيئة العامة للاستثمار بنصف ما يتم تجميعه من مدير الصندوق، ووجود نشاط في حركة الاكتتابات الخاصة والعامة من قبل المؤسسات الاستثمارية، ووجود استحواذات على عدد كبير من الشركات المدرجة، وأدوات مالية تمويلية نشطة، وتسابق البنوك لتمويل الافراد والشركات في الاتجاه للاستثمار في السوق.