الأزمة الاقتصادية العالمية عززت أهمية الضمان الاجتماعي
كشفت دراسة صادرة من منظمة العمل الدولية هنا اليوم أن "الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عززت بقوة أهمية الضمان الاجتماعي باعتباره ضرورة اقتصادية واجتماعية لكن بعض الدول اضطرت إلى تقليصه".
وقالت الدراسة التي حصلت أن "الحماية الاجتماعية وإن لعبت دوراً قوياً في الاستجابة السريعة لتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أثناء مراحلها الأولى بين عامي 2008 و2009 إلا أن السنوات التي تلتهما شهدت تراجعاً في هذا التوجه لاسيما في الكثير من الدول المتقدمة".وأوضحت الدراسة "أن عدداً من الدول بدأت منذ 2010 توجه الكثير من الدول الى تقليص النفقات الخاصة بالضمان الاجتماعي وذلك على الرغم من الحاجة الملحة لدعم الفئات المجتمعية الضعيفة مثل إلغاء أو تخفيض دعم المواد الغذائية والوقود وتقليل أجور العالمين في قطاعات الصحة العامة والرعاية الاجتماعية".وذكرت إن العديد من الحكومات تدرس أيضاً اتخاذ تدابير للحصول على مزيد من الموارد المالية من خلال زيادة الضرائب على الاستهلاك مثل ضريبة القيمة المضافة بما في ذلك أيضاً على المنتجات الأساسية التي تستهلكها الأسر الفقيرة أو محدودة الدخل.وأضافت أن البلدان ذات الدخل المرتفع خفضت أيضاً مجموعة من مزايا الحماية الاجتماعية ومحدودية الوصول إلى الخدمات العامة النوعية ما انعكس سلبياً على توجهات إصلاح أنظمة التقاعد والرعاية الصحية رغم انتشار البطالة وانخفاض الأجور.وأكدت منظمة العمل الدولية على أن هذه التدابير أدت إلى زيادة معدلات فقر أو استبعاد اجتماعي تؤثر الآن على نحو 123 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي بنسبة 24 في المئة من سكانه معظمهم من الأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة. وتوقعت المنظمة أن يتلقى المتقاعدون معاشات تقاعدية أقل في 14 بلداً أوروبياً رغم إعلان عدد من المحاكم الأوروبية أن هذا التقليص غير دستوري ورغم إدراك الجميع أن التركيبة السكانية في أوروبا تؤدي إلى وظائف أقل وانخفاض في الدخل لأكثر من خمس سنوات.في المقابل لفتت الدراسة إلى أن معظم البلدان المتوسطة الدخل تتوسع بجرأة في نظم الحماية الاجتماعية ما يسهم في استراتيجيات النمو الذي يقوده الطلب المحلي لها.واستعرضت مثالين اثنين في هذا السياق أولهما من الصين "التي حققت تغطية شاملة للمعاشات مع ضمان زيادة الأجور" والثاني من "البرازيل التي تسير بوتيرة سريعة في توسيع تغطية الحماية الاجتماعية والحد الأدنى للأجور منذ عام 2009".وأكدت منظمة العمل الدولية على أن "الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان ودليل على سلامة السياسات الاقتصادية اذ تساهم الحماية الاجتماعية بقوة في الحد من الفقر ومنع التهميش المجتمعي وتقلص من هوة عدم المساواة وتعزز الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي".وأضافت بأن الضمان الاجتماعي يساهم أيضاً في النمو الاقتصادي من خلال دعم دخل الأسرة وبالتالي تعزيز الاستهلاك المحلي لاسيما في هذه المرحلة التي يعانيها الاقتصاد العالمي من التعافي البطيء وانخفاض الطلب العالمي.واعتمدت الدراسة الواقعة في 106 صفحات في تحليلها على توقعات الانفاق الحكومي لصندوق النقد الدولي لنحو 181 دولة وتحليل الاتجاهات المتباينة في الحماية الاجتماعية في مختلف المناطق مع التركيز على التوسع الإيجابي للحماية الاجتماعية في معظم الدول النامية.واستعرضت الدراسة المجالات المحتملة لتوسيع نظم الحماية الاجتماعية وتقدم الحجج التنموية للاستثمار فيها سعيا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي والتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.