إذا كان أقصى ما فعلته المجالس البرلمانية السابقة التي ضمت أشرس النواب هو التوجه إلى تيماء والإعلان عن تضامنهم مع قضية عديمي الجنسية، فما الذي يمكن توقعه من نواب المجلس الحالي؟ الجواب هو صوت "زقزقة العصافير".
قضية عديمي الجنسية في فصولها الأخيرة لها توابع جديدة تمثلت بمنع الأطفال من حقهم في التعليم، فقد يبدو ذلك الإجراء (العديم الرحمة) لدى أصحاب القرار فرصة جديدة للضغط على الآباء كي يستخرجوا وثائقهم الأصلية أو شراء جنسية مزورة تزيد الطين بلة، لكنهم تناسوا أنهم يزرعون الأمية في بلد مركز الإنسانية، تناسوا أن من بين من شملهم العقاب الجماعي مستحقين للجنسية الكويتية لم يحصلوا عليها بسبب تأخر غياب الإرادة السياسية.هذا الفصل الأشد سواداً في قضية عديمي الجنسية، يمس أطفال أبرياء حرموا حتى من حقهم في تلقي العلم في المدارس الخاصة، فأي قسوة تلك التي تناطح التزامات دولية وقعتها الكويت كاتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تكفل للإنسان حق التعليم؟ فصفة الإنسانية حسب علمي لا تكتسب بورقة أو شهادة.إنني وإن كنت من الرافضين للربط بين ضرورة معالجة قضية عديمي الجنسية خشية أن يأتي الضغط من الخارج وأن نكون إنسانيين لنفسنا وذاتنا، سأقولها للمرة الأولى ليأتِ الضغط من الخارج لأننا في الداخل عجزنا عن حلحلة هذه القضية، وبتنا نعود إلى الوراء بدلا من التقدم للأمام، ليأتِ الضغط بما يكفي لإفهام أصحاب القرار أن ما يرونه في أحلامهم منذ عقود لم يعد ممكناً تحقيقه على الأرض.إن مجرد رؤية عيون أطفال البدون الحائرة وسماع السؤال المفتت للقلوب الحية "متى أذهب إلى المدرسة؟" يكفيان لحرق كل الخطابات الرسمية وتعرية من يزعمون أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لقد "جملت" جمعية المعلمين بمبادرتها الإنسانية نحو أطفال البدون المشهد الإنساني في الكويت، وغطّت على خيبتنا الإنسانية بالقدر الذي تسمح به إمكاناتها.
مقالات
الأغلبية الصامتة: كتاتيب خيبتنا الإنسانية
06-11-2014