البرازيل.. روسيف تعد بالحوار والتغيير بعد انتخابها لولاية رئاسية ثانية
يفترض أن تبدأ الرئيسة اليسارية ديلما روسيف التي أعيد انتخابها رئيسة للبرازيل لولاية ثانية بفارق ضئيل عن خصمها، العمل على مصالحة في بلد منقسم دعت مواطنيها فيه إلى السلام والوحدة والحوار مؤكدة أنها ستمد يدها لمعارضيها بهدف "تغيير" البلاد.
وعلى الرغم من كل شىء، انتخب البرازيليون الأوفياء للإنجازات الاجتماعية التاريخية التي حققها اليسار خلال 12 عاماً من الحكم روسيف بـ 51,64 بالمئة من الأصوات، مقابل 48,36 بالمئة لخصمها الاجتماعي الديموقراطي ايسيو نيفيس "يمين الوسط".وهو أول فوز بهذا الفارق الضئيل منذ أول انتخابات رئاسية درت بالاقتراع المباشر في 1989 بعد الحكم العسكري "1969-1985" وفاز فيها فيرنادو كولور على لويس ايناسيو لولا دا سيلفا.وإثر إعلان فوزها قالت روسيف في العاصمة برازيليا أن "كلماتي الأولى هي دعوة إلى السلام والوحدة"، وأكدت أنها "مستعدة للحوار وسيكون ذلك التزامي الأول في هذه الولاية الثانية"، مشددة على التزامها تعزيز "الإصلاح السياسي" و"محاربة الفساد".وأقر نيفيس بهزيمته داعياً روسيف إلى تبني "مشروع صادق" من أجل البلاد.واعتبرت هذه الانتخابات استفتاء على 12 سنة من حكم حزب العمال اليساري الذي شهدت هذه الدولة الناشئة العملاقة في أميركا اللاتينية في عهده تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة، ورغم عدم الاستقرار الاقتصادي وقضايا الفساد، اختار البرازيليون بغالبية غير كبيرة مواصلة مسيرة المكاسب الاجتماعية التي انتشلت نحو 40 مليون شخص من الفقر.والفارق بين روسيف ومنافسها لم يتجاوز ثلاثة ملايين مقترع علماً بأن 142,8 مليوناً تمت دعوتهم إلى مراكز الاقتراع.وكما كان متوقعاً، حققت الرئيسة فوزاً كبيراً في مناطق الشمال الشرقي الفقيرة، وقد خسرت يشكل كبير في ولاية ساو باولو معقل الحزب الاجتماعي الديموقراطي لكنها أحرزت فوزاً كبيراً في ولايتي ريو وميناس غيرايس "معقل نيفيس" في جنوب شرق البلاد الصناعي.وحظي نيفيس بدعم أوساط رجال الأعمال واليمين التقليدي وجزء من الطبقة الوسطى، ووعد بإعادة تنظيم البيت البرازيلي. وبعد حملة انتخابية بالغة السخونة، جرت الانتخابات بهدوء بشكل عام، إلا أن حادثة سجلت في موسورو في شمال شرق البلاد عندما قام مجهول باطلاق النار على شاب في العشرين من العمر أمام مكتب اقتراع "لأسباب لها علاقة بتسوية حسابات شخصية بين الأثنين" بحسب ما قالت الشرطة.وأدت هذه الحملة التي لم تخل من هجمات شخصية إلى انقسام البلاد كتلتين بحسب الانتماء الاجتماعي: كتلة الأكثر فقراً المؤيدة لروسيف وكتلة الميسورين المؤيدة لمرشح "التغيير".وكانت روسيف التي انتخبت في 2010 في أوج العصر الذهبي لراعيها الرئيس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، ورثت نمواً اقتصادياً تبلغ نسبته 7,5 بالمئة.ووسعت أول سيدة تتولى منصب الرئاسة في أكبر بلد في أميركا اللاتينية البرامج الاجتماعية التي يستفيد منها ربع سكان البرازيل البالغ عددهم 202 مليون نسمة مما سمح لها بالحصول على تأييد الطبقات الشعبية والمناطق الفقيرة.لكنها واجهت عقبات كثيرة من تباطؤ الاقتصاد إلى مطالب للطبقة الوسطى التي توقف نموها الاجتماعي وفضائح فساد أضرت بسمعة حزب العمال.وكانت المدن الكبرى ريو دي جانيرو وساو باولو وبيلو أوريزونتي شهدت حركة احتجاج اجتماعية تاريخية في يونيو 2013 ضد التقصير في الخدمات العامة والمليارات التي انفقت على مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2014 والفساد السياسي.وكانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم نيفيس في هذه المناطق من الدورة الأولى، لكن ديلما روسيف استعادت الكثير من شعبيتها في المناطق نفسها في حملتها الهجومية ضد خصمها.وقد اتهمته الرئيسة وحزبها "بالمحسوبية" وأشارا إلى عنفه مع النساء وحتى رفضه الخضوع لفحص للكحول في 2010 عندما ضبط وهو يقود سيارته "ثملاً أو بعد تعاطيه مخدرات"، ورد نيفيس باتهامات مضادة.وأدى تبادل الاهانات والشتائم بين الجانبين على شبكات التواصل الإجتماعي إلى تفاقم الانقسام بين اليمين واليسار.