قنوات الطبخ وبرامجها... تجارة أم خدمة للمشاهدين؟

نشر في 05-02-2015 | 00:00
آخر تحديث 05-02-2015 | 00:00
ما الذي يدفع الفضائيات إلى تغيير نمط اهتماماتها من برامج الحوارات إلى برامج الطبخ، والاستعانة برؤساء طهاة لديهم جمهور يتابعهم إذا انتقلوا من قناة إلى أخرى، لذا تخصص لهم ساعة أو ربما ساعتين من ساعات بثها؟ ما مدى الفائدة التي تعود على المشاهد من متابعة هذه البرامج، وهل هي لإلهاء الناس أم لخدمتهم، وماذا عن النسخ العربية من برامج أجنبية مثل The Taste؟ هل هي مجرد تقليد أعمى أم تضاف بصمة عربية عليها؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها {الجريدة} على مجموعة من رؤساء الطهاة وسجلت الأجوبة التالية.
الاستفادة من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها رؤساء الطهاة والفوز بحصيلة وافرة من الإعلانات التي تتخللها، من الأسباب التي تركز عليها الفضائيات لتوفير عائد مادي لها وضمان استمراريتها، لدرجة أنها ابتعدت عن هدفها الرئيس في بث هذه البرامج وهو تقديم خدمة للمواطنين، وتعريفهم بثقافة الشعوب في مجال الأطعمة، وتوضيح طريقة صنعها، في ظل إنشاء قنوات مخصصة في الطبخ تتشابه برامجها مع قنوات أجنبية، كما هي الحال في {الأكيل} تقديم مراد مكرم، على قناة {سي بي سي سفرة}، و}عباسيات} تقديم عباس فهمي على {فتافيت}.

علاء الشربيني

الشيف علاء الشربيني مقدم {لقمة هنية}، وأحد أعضاء لجنة تحكيم The Taste يوضح أنه يمثل مصر في عضوية لجنة التحكيم التي تضم أمهر الطباخات وهنّ: السورية أنيسة الحلو، والسعودية منى الموصلي، واللبنانية بيتاني كيهدي، عازياً انضمامه إلى البرنامج إلى أسباب أبرزها أن متسابقيه من البلاد العربية، وأنه  اجتماعي ولا يتناول موضوعات عن الطبخ فحسب.

يضيف أن البرنامج نسخة عربية من برنامج أميركي في الاسم نفسه، وأنه يقوم على فكرة «الفورمات»، أي برامج لها نظام معين بالشخصيات والديكور، والحكام تفكيرهم واحد.

يتابع أنه أحدث تحوّلا في الشخصية التي يطل بها على الجمهور ولم يعد اجتماعياً يتحدث بتلقائية وبطبيعته كما في «لقمة هنية» بل شخص غامض في أحاديثه مع المتسابقين، ولا يوصل المعلومة بسرعة تجعل المشاهد لا يستكمل الحلقة.

يشير إلى أن البرنامج يهدف إلى تقديم أكثر المتسابقين مهارة في الطبخ وفقاً لتخطيه مراحل حلقاته المتنوعة بين: أطباق شعبية، أطباق عزومة، أطباق الطفولة، طبق على حياتي، طبق أحس بالذنب، فالشيف المميز هو الذي يقدم طبقه ضمن إطار الحلقة، لافتاً إلى أن إدارة البرنامج نفسها وضعت هذه الموضوعات في جدول وفقاً للأشكال المعروفة عن البرنامج، ومشيراً إلى أن تعدد برامج الطبخ وتنوعها، يعودان بالفائدة على المشاهد لأن كل شيف يتميز بتقديمه نوعاً معيناً من الأطباق، كالمعجنات أو الحلويات، فيما يتميز آخر في غيرها، لذا يتابعه المشاهد في جانب معين، ويدير الريموت لمتابعة آخر، كذلك حررت هذه التعددية المشاهد كونه لم يعد مجبراً على متابعة عدد محدود من رؤساء الطهاة.

محمود عطية

الشيف محمود عطية مقدم برامج «من كل بلد أكلة»، و{المطبخ والناس»، و{طعم البيوت» يؤكد أن لكل شيف طريقة وأسلوباً يجعلان المشاهد إما يتعلق ببرنامجه ويتابعه أو ينصرف عنه، مشدداً على أن كثرة ساعات البث لبرامج الطبخ مفيدة للمشاهد، شرط أن تساعده في كيفية صنع أطباق المطاعم مثل كنتاكي والحلويات... يضيف أن هدفه من برامجه خدمة المشاهد وليس تجارياً أو العمل لصالح صاحب القناة، إلا أن بعض رؤساء الطهاة يتعامل مع البرامج على أنها «سبوبة».

يتابع أن نسبة برامج الطبخ زادت لانصراف المشاهد عن متابعة البرامج السياسية ورغبته في متابعة برامج ترفيهية أو اجتماعية، قد تندرج ضمنها برامج الطبخ، موضحاً أن برامجه تتوجه إلى أهل الصعيد وأسوان والقرى لأنهم غير قادرين على تحمل تكاليف شراء أطعمة غالية، لافتاً إلى أن ثمة برامج موجهة إلى الأثرياء، في حين تقل برامج الفقراء.

حسن عبدون

الشيف حسن عبدون مقدم برنامج «بألف هنا»، يعتبر أن ثمة برامج تقدم الهدف المطلوب منها، وهو خدمة المشاهد بتعريفه على كيفية طهو أطباق غير مكلفة، فيما تقدم برامج أخرى شهرة للقناة وللشيف أيضاً، لافتاً إلى أنه لا يطمح في تحقيق شهرة من برامجه، وأن هدفه الرئيس تقديم مضمون يفيد المشاهد، وترك بصمة خاصة به. ويؤكد وجود برامج فاقدة للمصداقية نظراً إلى بحث القنوات العارضة لها عما يفيدها وتحقيق عائد إعلاني كبير، وليس ما يفيد المشاهد.

يضيف: «التجارب المعروضة في الفترة الحالية عبارة عن نسخ أجنبية هي مجرد تمصير لها، وفاقدة لأي لمسات عربية في مطبخها. شخصياً، عندما أرغب في تقديم حلقة من مطبخ بلد آخر أستعين بصديق من الأخير ليشرحها للمشاهد... ولكن رؤساء الطهاة يجعلون برامج الطبخ مادة تجارية هدفها الربح، أكثر من كونها خدمية».

يتابع: «يمكن للمشاهد التعرف إلى هدف كل قناة من برنامج الطبخ فيها من خلال الفواصل في حلقاته، وقد اختلفت مع إحدى القنوات العارضة لبرنامج لي في البداية، لأنني طلبت عدم عرض إعلانات خلال حلقتي، مستنداً إلى الشعبية التي حققتها، والاتصالات والمشاهدة الكبيرة للبرنامج}.

ملء فراغ

 

د. حسن عماد، عميد كلية الإعلام في جامعة القاهرة، يوضح أن هذه البرامج مجرد ملء فراغ وساعات بث، وتجذب نوعية معينة من المشاهدين المهتمين بالمطبخ، وتحديداً النساء، فيما لا تقدم معلومات حول ثقافات الشعوب في الطبخ، واصفاً استمرار تقديم مزيد من هذه البرامج بأنه أحد أشكال الإفلاس الإعلامي، وإلهاء المواطنين عن مشاكلهم وقضاياهم، وعكس حالة التخبط في البلاد، خصوصاً أنها لا تضم أي جديد ولا فائدة منها.

يضيف أن الهدف من هذه البرامج تجاري، لذا تسند إدارة القنوات إلى رؤساء طهاة يحققون مشاهدة وشهرة واسعة ويقدمون إعلانات لمنتجات غذائية أثناء الطبخ فينصحون بانتقاء منتج دون غيره، مؤكدين أنه يضيف نكهة لذيذة إلى الأطباق.

back to top