الأسلوب العلمي واستعادة الثقة هما السبيل
كلمتا السر في النجاح اللتان لن أملّ من ترديدهما هما اتباع الأسلوب العلمي في التخطيط والتنفيذ ووضع نظام، والتواصل الصحيح باللغة الصحيحة مع الناس، وهنا أسأل إلى أي مدى تتبع الحكومة المصرية أسلوباً علمياً مبنياً على دراسات حقيقية لتحديد الأولويات؟ وإلى أي مدى نستعين بخبرات من سبقونا أو مروا بأزمات مماثلة في بلادهم ونجحوا في تجاوزها؟ والسؤال الآخر، إلى أي مدى تتبع الحكومة -بل كل أجهزة الدولة بجميع مستوياتها- أسلوباً علمياً في تحديد الخطط الإعلامية في التواصل مع الجماهير، بحيث تستطيع أن تحدد الرسالة المطلوب وصولها، واتباع أساليب التوصيل والتواصل والإقناع العلمية؟ ما أستطيع أن أجتهد في الإجابة عنه هنا أن كلا الأمرين لا يحدث بشكل كامل، وإن حدث -وهذا قليل- فإن ذلك يحدث في غياب التكامل والتنسيق مع بقية أطراف الدولة، أو الاستمرارية، أو اتباع الأساليب العلمية في القياس والمتابعة، أو على الأقل هذا ما أراه ويراه غيري.كان لدى الحكومة فرص تاريخية في خلق مناخ إيجابي كبير من خلال تسويق انطلاق مشروعات كبيرة مهمة مثل استصلاح مليون فدان مثلاً، والتي تم التعامل معها كأنها افتتاح لمزرعة دواجن جديدة، خرج الحدث الكبير مفتقداً قيمته الحقيقية، وأخشى أن التعامل مع الحدث الأكبر الذي هو حفر قناة السويس الجديدة مازال يدور في نفس دائرة التعامل التقليدية المتبعة منذ عشرات السنين، إذ يتوقف أسلوب التعبير عن أهمية وارتباط الحدث عند حدود الغناء، وتكرار الحديث عن عظمة المصريين الذين بنوا الأهرام والسد العالي، وهاهم يحفرون القناة كما حفروها أول مرة.
خلق حالة التجانس بين الوزارات المختلفة واتباع الأسلوب العلمي الصحيح في تحديد الأولويات التي يقرها الناس بالفعل المدخل الصحيح لتحقيق النجاح، وإذا أردنا طرح نماذج للحديث عن فرص ضائعة في التواصل مع الناس، فهي متعددة، وما لم يتم إدراك ذلك واتخاذ خطوات علمية مدروسة فإن فرصاً تضيع، ونجاحاً ممكناً سيصعب تحقيقه.أكثر ما عانته مصر خلال الأعوام الأخيرة حالة الشلل الإداري على كل المستويات، إضافة إلى أمور أخرى كثيرة ليس هذا مجالها، فقد تسببت الحالة التي سادت خلال هذه الفترة، والتي كانت ملامحها الأساسية الانتقام والتربص والاندفاع بناء على معلومات خاطئة في محاكمة كل المسؤولين، تقريباً، خلال الفترة السابقة من الحكم، حتى وصل الأمر إلى محاكمة مسؤولين تولوا المسؤولية منذ أكثر من عشرين عاماً، وكان مفهوماً أنه نتيجة هذا الجو العام الذي ساد أن تسود حالة من حالات عدم الثقة في كل ما يحيط وما يحدث مرة أخرى، إضافة إلى استعادة الثقة المفتقدة، فإن أسلوب التفكير العلمي هو المخرج الحقيقي في هذه المرحلة.