يعرض نديم كرم أعمالاً جديدة في غاليري {أيام} في بيروت، مبتكرة من الستانلس يستكشف من خلالها مفهوم {الحدث والظرف}، وهو مشروع تداخلي يوظف منحوتات عصرية غرائبية، يصفها الفنان بأنها {دمى}، تشير إلى الوضع الاجتماعي القائم في المدن بعدما استولت عليها سياسات متداعية وبنى اجتماعية متزمتة.

Ad

تستند منحوتات كرم الأخيرة على أساس التكرارية والشمولية إلى شخصيات متخيلة تعتبر {كائنات حية}، من شأنها تغيير الانطباع العمومي للمدينة عبر صور عبثية وهزلية توفر إحساساً جديداً للآلية البصرية والحسية المدرجة في المدن.

تتميز تلك المنحوتات بطبيعتها {المتلاشية} الظاهرة من خلال شكلها ثلاثي الأبعاد وجماليتها التي تشكل جوهرها وتعكس تشكيلات اجتماعية. صمم بعض المنحوتات لتكون متحركة ضمن المناطق.

على سبيل المثال، يصور في {مغنية على وحيد القرن} (2014) أربعة أبطال مسلحين براقين، أجسامهم مصممة من مزيج من هيئة تماثيل فينيقية ومخلوقات خارجية غريبة في محاولة لدمج الماضي مع المستقبل. ويظهر وحيد القرن على أنه عربة المغنية الرمزية على هيئة جوفاء، يدل سطحه الخارجي على مشاهد مبهمة وملتبسة. يعتبر الفنان أن هذا الجسم المجزأ يقدم صياغة بصرية للطبيعة الفانية التي تقدم تأويلات وتفسيرات.

أعمال كرم متنوعة تنتمي إلى وسائط متنوعة، مثل: الرسم والتصوير والنحت والكتابة، في مجال ابتكار صور أثرية وتداخلات فنية ومقترحات مفاهيمية، تناقش القدرة الاجتماعية المستقبلية والأماكن البديلة، لا سيما تلك المتشكلة عبر الأحلام.

كذلك يرسم، استناداً إلى خطابات ثقافية ليبتكر لغة تصويرية مميزة ترتكز على حروف ورموز وعلامات تشكل سرداً للماضي والحاضر والمستقبل، في محاولة لإعادة تشكيل المكان، في هذا السياق تعتبر المدن غالباً مصدر إلهام لمشاريعه المتجددة.

{أيام} التي تحتفل بمرور خمس سنوات على تأسيسها، تفرد مساحة واسعة أيضاً لأعمال صفوان داحول، حيث يستكشف التأثيرات الجسدية والحسية لمفاهيم الاغتراب والعزلة والشوق التي تحيط بالتجربة الإنسانية في مراحل الحياة المختلفة. ويستخدم في سلسلته المستمرة {حلم} خصائص شكلية للرسم، لابتكار إحساس لاشعوري من التطويق يظهر في أوقات الأزمات، سواء كان حداداً شخصياً أو اغتراباً قسرياً أو حتى صراعاً سياسياً.

يكرر داحول بطلة أعماله الأنثوية في لوحاته كافة، مسهلاً عملية التلاقي العميقة، من خلال جسدها الملتوي وعينيها الشاغرتين وتكوينها الجسدي التذكاري. وغالباً ما يصور القوقعة في تشكيلاتها الغامضة، ويعرّف عنها من خلال تفاصيلها الهندسية والتركيز على عناصر في البيئة المحيطة مثل الطاولة أو الكرسي، محاولاً تعميق حالة السخط عندها، حتى يصبح المألوف موقعاً للشقاء والبؤس.

يعرض الفنان أعمالاً جديدة من سلسلته {حلم}، المستمر في ابتكارها منذ عقدين. ولكن مع نشوء الأحداث الأخيرة في بلده الأم سورية، حاول أن يتناول الخسائر البشرية أثناء الصراع، من خلال تآليف لوحاته الرمزية المحملة بتأويلات نفسية.

تتميز أعماله الأخيرة بتدرج لوني متقارب التداخلات المدمجة التي تحيط ببطلة أعماله المعروفة، المنكمشة والمنكفأة على نفسها أكثر من ذي قبل، كذلك تنغلق حدود تشكلها وغدت أكثر التفافاً وانهزامية واحتكاراً، تحاصرها أبعادها الحسية والتركيبية، من دون الشعور بمقدرة على الخروج من تلك الحالة.

يهدف الفنان إلى الإشارة إلى تأثيرات العالم الخارجي من خلال صور مبتكرة، مثل تساقط المطر الموجه نحوها عبر نوافذ مفتوحة، أو من خلال تفاصيل معمارية تشكل حافزاً مجازياً للفنان في الماضي، ليبدو جسد البطلة مائلاً إلى الزوال.

يرافق افتتاح المعرض إطلاق ملصق للغاليري، يسلط الضوء على الممارسات التجريبية الفنية المتطورة، من صور وفن مفاهيمي وأعمال تركيبية وفيديو ووسائط حديثة.

صفوان داحول

ولد في حماه، سورية 1961، ويقيم في دبي. درس داحول في مركز سهيل الأحدب للفنون التشكيلية وكلية الفنون الجميلة في دمشق. تلقى منحة دراسية من وزارة التعليم العالي في دمشق ليدرس في بلجيكا (1987)، فنال دكتوراه في المعهد العالي للفنون التشكيلية في مونس (1997).

أعماله موجودة في مقتنيات خاصة وعمومية، من بينها: معهد الدراسات العربية،  باريس. مقتنيات سماوي، دبي. مقتنيات الفرجام، دبي. الصندوق العربي للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، الكويت.

أقام معارض فردية وشارك في معارض جماعية، من بينها: سامسونغ بلو سكوير، متحف بوسان للفنون، كوريا الجنوبية (2014)، غاليري أيام، دبي (2011-2014)، غاليري أيام، لندن (2013)، قصر الامارات، أبو ظبي (2013)، معهد العالم العربي، باريس (2013).

نديم كرم

ولد كرم في السنغال 1957، يقيم في بيروت حيث يعمل مع مجموعة من المهندسين والمصممين اللبنانيين في «أتلييه هابسيتوس» (أسسه عام 1996). درس الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية في بيروت قبل سفره إلى اليابان لينضم إلى جامعة طوكيو (1982). هناك درس مع مهندسين ومفكرين مشهورين مثل هيروشي هارا وفوميكو ماكي وتادو اندو.

شغل منصب عميد كلية العمارة والتصميم والفنون الجميلة، في جامعة سيدة اللويزة في لبنان

(2000- 2003)، كذلك درّس التصميم في الجامعة الأميركية في بيروت (1993- 1995، 2003- 2004).

ابتكر أعمالاً تركيبية ضخمة لتعرض في المدن العالمية، وشارك في فعاليات دولية وبينالات من بينها:  ليفربول (2006)، البندقية (1996 )، جاونجو (1995). أقام معارض فردية في «غاليري أيام» في بيروت ودبي ولندن (2013)، شارك في معارض جماعية في شنغهاي (2014)، معهد العالم العربي، باريس (2013)، فيلا أمباين، بروكسل (2012)، والكلية الملكية للفنون (2012).