أرست محكمة التمييز مبدأ قضائيا يسمح للحكومة بمقاضاة الشركات المحلية بصفتها وكيلة عن الشركات الأجنبية العاملة داخل الكويت والمتهربة من سداد الضرائب التي يتعين دفعها سنويا للدولة.

Ad

فتحت محكمة التمييز الباب أمام الحكومة لمقاضاة الشركات المحلية الوكيلة عن الشركات الأجنبية في تحصيل الضرائب والغرامات التي يتعين عليها سدادها وفق قانون الضريبة لصالح الدولة.

ورأت المحكمة، في حكم بارز، ان الشركات المحلية تعتبر وكيلة عن الشركات الاجنبية، ويجوز للحكومة مطالبتها بالغرامات، مضيفة أن مقاضاة الحكومة الشركات الأجنبية مباشرة في أوطانها يعد عبئا كبيرا على الحكومة، ويتعارض مع طبيعة العمل التجاري، وبالتالي فإنه يجوز لها أن تقاضي الشركات المحلية الوكيلة عن الشركات الأجنبية لقضاء الضرائب التي تكون الأخيرة مسؤولة عن سدادها لصالح الدولة.

وتتلخص وقائع النزاع في الدعوى التي أقامتها وزارة المالية ضد إحدى الشركات الوكيلة عن إحدى الشركات الأجنبية الأميركية، للمطالبة بالضريبة المستحقة عليها، إلا أن محكمة أول درجة ومن بعدها «الاستئناف» انتهيتا إلى رفض الدعوى المقامة من الحكومة، الأمر الذي دعا الأخيرة، ممثلة في وزارة المالية، إلى الطعن على الحكم أمام محكمة التمييز.

وقالت «المالية»، في صحيفة الطعن المقام منها إلى محكمة التمييز، إن الشركة الأجنبية، وهي أميركية، تعاقدت مع الطيران المدني الكويتي لأداء خدمات له عبر الشركة المحلية، الوكيلة عنها، وتم وضع الضريبة عن الشركة الأجنبية بمبلغ 78 الف دينار، إلا أنها لم تسدد خلال 30 يوما، فتم احتساب غرامة تأخيرية عليها بواقع 14 الف دينار بواقع 1 في المئة من إجمالي مبلغ الضريبة، فتمت مخاطبة الادارة العامة للطيران باعتبارها جهة التعاقد لتوريد الغرامة المستحقة من محجوز ضمان ضريبة الدخل لديها فامتنعت عن أداء ذلك.

حكم مخالف

وذكرت محكمة التمييز، في حيثيات حكمها، أن «الطعن المقام من الحكومة ممثلة بوزارة المالية أقيم على سبب واحد وهو مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه، لأن الحكم الصادر من محكمة أول درجة وتبعه الحكم المؤيد له من محكمة الاستئناف انتهى الى نفي مسؤولية الشركة المحلية عن التأخر في سداد الغرامات التأخيرية على سند أن الهيئة العامة للطيران المدني هي المكلفة بسدادها نيابة عن الشركة الأجنبية الأميركية التي تعاقدت معها خصما من محجوز الضمان لديها، رغم ان الشركة المحلية هي الوكيلة للشركة الأجنبية الأميركية بالكويت، فتكون ملتزمة عنها بسداد هذه الغرامات».

وأضافت أن «هذا النعي سديد، وذلك أن قانون الرسوم رقم 3 لسنة 1955 بشأن ضريبة الدخل جرى على أنه تفرض ضريبة دخل عن كل فترة خاضعة للضريبة تنتهي بعد 31 ديسبمبر 1954 على كل هيئة مؤسسة أينما كان مكان تأسيسها تزاول العمل أو التجارة في الكويت أثناء مثل تلك الفترة الخاضعة للضريبة».

ولفتت الى ان «النص في المادة 1 من المرسوم رقم 2 لسنة 1957 بشأن ضريبة الدخل الكويتية على أن عبارة هيئة مؤسسة أينما كان مكان تأسيسها تزاول العمل او التجارة في الكويت سواء بصورة مباشرة أو بواسطة وكيل وأيضا أية هيئة مؤسسة تزاول العمل في الكويت بصفتها وكيلة عن غيرها».

أعمال تجارية

وبينت المحكمة ان «النص في المادة 24 من قانون التجارة رقم 68 لسنة 1980 على أنه لا يجوز لشركة أجنبية إنشاء فرع لها في الكويت، ولا يجوز أن تباشر أعمالا تجارية في الكويت الا عن طريق وكيل كويتي، يدل على أن المشرع لم يجز للشركة الأجنبية أن تنشأ فرعا لها في الكويت أو تقوم بعمل تجاري فيها إلا من خلال وكيل كويتي».

وتابعت: «وقصد المشرع من ذلك هو حماية التجارة المحلية، وصون النشاط التجاري من الاضرار التي تلحقه من جراء مزاحمة العنصر الأجنبي وتغلغله في مختلف وجوهه، وهو حظر يعد من النظام العام لتعلقه بمصلحة اقتصادية تعلو على الصالح الخاص، ومن ثم يشترط أن تكون مباشرة الشركة الأجنبية للعمل التجاري في الكويت عن طريق وكيل كويتي بها، ولا يجوز لها القيام بذلك العمل بذاتها مباشرة».

وزادت: «ان مثل هذه الوكالة ترتب ضرورات عملية بشأن تمثيل الشركة الاجنبية في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الضريبة عن النشاط الذي تمارسه الشركة عن طريق وكيلها في الكويت، إذ من الصعب أن تلجأ الدولة إلى مقاضاة الشركة الأجنبية في موطنها بالخارج للمطالبة بقيمة الضرائب أو غرامات التأخر في سدادها عن هذا النشاط، لما في ذلك من مشقة وعنت يتنافيان مع طبيعة العمل التجاري التي تقتضي السرعة والتيسير، سواء من حيث إجراءات التقاضي أو قواعد الإثبات».

تحصيل الضريبة

واردفت المحكمة: «لذا فإن الوكيل الكويتي يعد ممثلا لها في الدعاوى التي ترفع منها أو عليها في ما يتعلق بتحصيل الضريبة والغرامات المستحقة عن التأخر في سدادها والمتعلقة بنشاطها داخل الكويت، والوكيل وشأنه في الرجوع على الشركة الأجنبية بشأن المبالغ التي قام بدفعها نيابة عنها إلى الدولة».

والمحت إلى «أنه لما كان الحكم المطعون عليه خالف هذا النظر، وقضى برفض الدعوى على سند من أن الشركة الأجنبية شركة أميركية هي الملتزمة بسداد الضريبة الأصلية، ومن ثم فهي تلتزم أيضا بسداد غرامات التأخير عن سداد هذه الضريبة، ورتب على ذلك انتفاء مسؤولية الشركة المطعون ضدها عن سداد غرامات التأخير المطالب بها، رغم أن الثابث من العقد المبرم بين الشركة الأميركية وهيئة الطيران أن المطعون ضدها الشركة المحلية هي وكيل محلي للشركة المحلية، وهي من أجرت هذا التعاقد نيابة عنها فإن الحكم الصادر برفض الدعوى بإلزام الشركة المحلية بأداء مبلغ الضريبة عن الشركة الأجنبية يكون معيبا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون ما يوجب تمييز الحكم».

غرامات التأخير

وخلصت المحكمة إلى أنه «لما كان موضوع الاستئناف صالحا للفصل فيه، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنف ضدها (الشركة المحلية) هي وكيلة محلية للشركة الأجنبية الأميركية، وأنها هي من أجرت التعاقد نيابة عنها مع هيئة الطيران المدني، ومن ثم تكون ملتزمة بسداد غرامات التأخير المطالب بها باعتبارها وكيل الشركة الأجنبية وهي وشأنها في الرجوع على الأخيرة بما أدته من مبالغ».

واوضحت انه «لما كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بإلزام الشركة المستأنف ضدها بأن تؤدي للحكومة، ممثلة بوزارة المالية، مبلغا وقدره 14 الف دينار قيمة غرامات التأخير المطالب بها».