• الحكومة تنفي «التهجير» وتتجه إلى إعادة توزيع السكان في سيناء • الإعلام يصطف خلف الدولة  

Ad

بدا أمس أن مؤسسات الدولة وإعلامها الرسمي والخاص، تصطف جميعها خلف المؤسسة العسكرية، ضد الجماعات الإرهابية، رافعة شعار: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، بعد سلسلة ضربات دامية أصابت كرامة الدولة في سيناء، يوم الجمعة الماضي.

كثفت الدولة المصرية من تحركاتها أمس لخلق اصطفاف وطني خلف المؤسسة العسكرية، في مواجهة الإرهاب المتصاعد، والذي ضرب بقوة يوم الجمعة الماضية، مخلفاً نحو 30 قتيلاً و29 مصاباً في صفوف الجيش في سيناء، فقد وافقت الحكومة المصرية، أمس الأول برئاسة إبراهيم محلب، على تقديم مشروع بتعديل قانون القضاء العسكري، لتوسيع اختصاصاته لتشمل قضايا الإرهاب، التي تهدِّد سلامة وأمن البلاد، والتي تتعلق بالاعتداء على منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة، والمرافق والممتلكات العامة، وإتلاف وقطع الطرق.

القرار لن يُفعل إلا بعد موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي عليه، وإصدار قرار بقانون رئاسي لإقراره، إلا أن مصدراً مطلعاً أكد أن الرئاسة ستصدر القانون لتوفير وسائل سريعة لمحاكمة العناصر الإرهابية، بينما فوّض الرئيس المصري أمس محلب، في بعض اختصاصاته في قانون الطوارئ.

وقال بيان لمؤسسة الرئاسة إن القرار يأتي «نظراً للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها محافظة شمال سيناء»، وسيمنح هذا التفويض محلب السلطة لفرض حال الطوارئ، ليس فقط في سيناء، بل في أي منطقة من البلاد، إلا أن مصادر قالت إن التفويض سينحصر في التجديد للطوارئ المعلنة في شمال سيناء.

وجاء القرار الرئاسي في أعقاب إصدار السيسي قراراً جمهورياً أمس الأول، بإعلان حالة الطوارئ في محافظة شمال سيناء، مدة ثلاثة أشهر، مع فرض حظر تجول ليلي، كما قرر الرئيس أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بالمنطقة، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.

واستجاب مجلس المحافظين برئاسة رئيس الحكومة إبراهيم محلب، في اجتماعه أمس، لقرار السيسي، باتخاذ إجراءات تأمين سيناء تحقيقاً للأمن القومي وسبل تنفيذ خطة جديدة لمواجهة الإرهابيين، وكذلك بحث توفير التمويل اللازم للبدء فوراً في إجراءات تأمين وحماية المدنيين الموجودين في المناطق الحدودية.

وبينما تزايد الحديث عن ضرورة إخلاء منطقة شمال شرقي سيناء من المدنيين لإتاحة حرية الحركة أمام قوات الجيش لمطاردة العناصر الإرهابية، نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسام القاويش، نية الحكومة تهجير أهالي شمال سيناء خارج المحافظة، بينما قال مصدر أمني لـ»الجريدة» إنه تقرر «إعادة التوزيع الديموغرافي» بصورة مؤقتة، بإبعاد مدنيين عن مناطق عمليات الجيش دون تهجيرهم خارج سيناء.

ميدانياً، بدأت معالم خطة تأمين الجزء الشرقي من شبه الجزيرة المصرية في الوضوح، بعدما شرعت القوات المسلحة والشرطة المدنية في تعزيز وجودها شمالي سيناء، إيذاناً ببدء عمليات أمنية نوعية واسعة لمواجهة الجماعات الجهادية المسلحة، وقال الجيش إن قوات الجيش الثاني الميداني، تمكنت خلال عملياتها الأمنية، أمس الأول (السبت)، من قتل 5 من العناصر الإرهابية بمنطقة «الشيخ زويد» وإصابة آخرين.

الإعلام يصطف

وبدا واضحاً سيطرة الهاجس الأمني على الإعلام المصري الحكومي والخاص المرئي والمسموع، وانحيازه إلى الاصطفاف خلف القوات المسلحة في مواجهة الإرهاب، فقد أصدر اتحاد «الإذاعة والتليفزيون» وغرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع، بياناً مشتركاًً أمس الأول (السبت)، حدّدا فيها المعالم العامة لتعاطي الإعلام مع الوضع الحالي في ظل الحرب على الإرهاب، «في وقت تتربص فيه بالبلاد عصابات الإرهاب المجرم الدنيء التي لا تتورع عن ارتكاب أحط الاعتداءات».

وقال البيان، إن الاتحاد والغرفة على ثقة بأن «إعلاميينا سيؤدون واجبهم بشرف في مجابهة الإرهاب الأسود وكشف أهدافه وممارساته»، وأن «رجال الإعلام سيقفون صفاً واحداً وراء الدولة وقواتنا المسلحة ورجال الشرطة في كل الإجراءات الحاسمة لحفظ أمن مصر».

من جهته، قال رئيس غرفة صناعة الإعلام، مالك فضائيات «سي بي سي»، محمد الأمين، لـ»الجريدة» إن وسائل الإعلام الخاصة والحكومية أصدرت البيان لتؤكد في رسالة للعالم أنها تقف خلف الجيش في مواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أن بيانات مشتركة أخرى سترى النور خلال ساعات، مضيفاً: «حرية الإعلام لن تعود للوراء، ولكن الأمر مرتبط بإلقاء الضوء على الإيجابيات بجانب النقد البناء».

حرية التعبير

الحديث عن انحياز الإعلام الحكومي والخاص بلا تحفظ لمواجهة الإرهاب، تزامن مع التضييق على عدد من الإعلاميين المعروفين بأخذهم مسافة من النظام الحالي، فتم منع الإعلامي محمود سعد من الظهور على فضائية «النهار» لتقديم برنامجه أمس الأول (السبت)، بينما أصدرت الفضائية بياناً تؤكد اتخاذ إجراءات في ما يخص إعداد وتقديم برامج الهواء.

في السياق، اجتمع عدد من رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة أمس (الأحد)، وقال نقيب الصحافيين ضياء رشوان، إن النقابة أعلنت وقوفها بكل وضوح إلى جانب الشعب المصري، مشددة على إدانتها الكاملة لكل أعمال الإرهاب والعدوان، وأنها تقف بكل ما لها ووراءها من تاريخ عريق في الدفاع عن الدستور بما يتضمنه من حريات الرأي والتعبير.

 رشوان أضاف لـ»الجريدة»: ان «حرية الرأي والتعبير جوهر وجود النقابة ومهنة الصحافة، وتعطينا الحق في الاختلاف والنقد مع أية سياسات لأية حكومة، ولكن استمرار وجود تلك الحرية وممارستنا الفعلية لها يلزمنا بالدفاع عن بقاء الدولة، التي هي الإطار الدستوري والقانوني لممارستها».