الفنان بدر بن غيث: الكاريكاتير فن مظلوم
أكد فنان الكاريكاتير الكويتي بدر بن غيث أن مشاركته في الملتقى الدولي الثاني للكاريكاتير الذي أقيم في القاهرة تأتي إسهاما في رد الاعتبار إلى فن تعرض للظلم مقارنة بالمجالات الإبداعية الأخرى، وأضاف في حواره مع {الجريدة} أن الكاريكاتير فن مستقل بذاته يسهم في رفعة المجتمع والارتقاء به.
شاركت في ملتقى القاهرة للكاريكاتير في دورته الثانية، ما رؤيتك لهذا الحدث الفني؟جاءت المشاركة تلبيةً لدعوة الجمعية المصرية للكاريكاتير، وتعُد هذه الدورة متميزة لأنها تضم عدداً كبيراً من المشاركين فضلاً عن رقي الأعمال والقضايا المطروحة.ازدادت نسبة مشاركة الوفد الكويتي مقارنة بالدورة الماضية، وحظي الملتقى باهتمام إعلامي قبل انعقاده وهو انطباع جيد، بمعنى أن الفنون والثقافة تحظى باهتمام عال من المؤسسة الرسمية في مصر، ما ينعكس علينا في الكويت. ربما في المستقبل القريب نعقد ملتقى للكاريكاتير يشارك فيه رسامو كاريكاتير من مختلف الدول. أتمنى أن يكون الكاريكاتير لوحة فنية تتحوَّل إلى رسالة تحمل رد فعل وليست مادة للسخرية والضحك فحسب.هل اختلفت المشاركة هذا العام؟بالطبع ثمة فارق بين الملتقيين. في الدورة الأولى، كان العدد محدوداً باعتبارها دورة تأسيسية. أما وقد صار الملتقى دولياً في دورته الثانية فكان لا بد من التحضير الجيد له منذ فترة طويلة لتقدير الجمهور الذي تابعني في الدورة الأولى حتى لا أعرض شيئاً دون المستوى. حتى إن ثمة من عرفوا أعمالي من دون التوقيع، وهو أمر أسعدني.وكيف ترى اختيار الملتقى لـ{الصحة} كموضوع رئيس له وكيف تعاملت معه؟الصحة موضوع دولي، والعالم الآن مهووس بالتخلص من الأمراض والأوبئة التي يفوق خطرها الحروب. تدعو هذه الفكرة رسام الكاريكاتير إلى أن ينتبه ويضع الموضوع أمامه ليقدمه للجمهور بشكل يلفت انتباهه. ضمَّ المعرض الصحة كموضوع رئيس فضلاً عن موضوع حر وقد قدمت الموضوعين. عموماً، كان الموضوع واضحاً ومتوازناً وتضمَّن أفكاراً جديدة.هل إقامة ملتقى دولي للكاريكاتير يعُد رد اعتبار إلى فن تعرض للظلم؟الفكرة السائدة لدينا أن فن الكاريكاتير هو أن نستعيد رسم المكتبة. اليوم عندما نعرض هذا الفن في قصر الفنون أو أي مكان في العالم فنحن نعترف بأنه فن مستقل بذاته، مشاغب يدعو جميع المبدعين كي يتعلموا من فنان يقدم فكرة صغيرة ربما يصعب على المخرج أن يخرجها في مسرحية كاملة. من ثم ليس سهلاً أن نقول ملتقى الكاريكاتير مجرد معرض، بل هو التقاء أفكار، كأنها منافذ عدة فُتحت نتعرف خلالها إلى شعوب العالم، وفعلاً هذا الملتقى يرد الظلم عن فن تعرض للظلم.لماذا اتجهت إلى ممارسة فن الكاريكاتير دون غيره من المجالات الإبداعية الأخرى؟ أعشق هذا المجال وأرى أن الكاريكاتير فن متحرر عن الوجود، إذا دمجناه وقلنا إنه أحد أنواع الفنون التشكيلية. بشكل عام، يجوز هذا التصنيف، لكن هذا الفن خارق يحطم قيود الفن التشكيلي ويستقطب جمهوره. حتى على المسرح لا نجد له زوايا. ارتبط فن الكاريكاتير بالثورات، فما السر؟أصبح الكاريكاتير الآن قوت الشعوب نفسها. لن يقرأ الجميع مقالاً أو تحليلاً صحفياً، بل يكتفي كثر بمشاهدة التلفزيون وينتظرون المحرض الأساسي، والمثقف الذي سيرسم لهم. يكشف فنان الكاريكاتير عن زاوية مختلفة تماماً عن زاوية المحلل السياسي أو الأديب، لا سيما أن الصحف عموماً ترتبط بمصالح معينة ومن الوارد ألا تغطي الجوانب كافة. مثلاً، الرسومات التي تحكي عن ثورات الربيع العربي تُغذي شغف القارئ الذي يتوقع أن تنتهي الثورة إلى أمر إيجابي، أو تؤدي إلى تطويره وتنتشل المجتمع من حال إلى حال. لن يحمل رسام الكاريكاتير سلاحاً، ولكننا نطلق عليه رأس الحربة الأولى في المجتمع، لذلك معظم الأنظمة الديكتاتورية يستهدف فناني الكاريكاتير ولدينا أمثلة عدة في هذا المجال، لا سيما أن لدى معظم فناني الكاريكاتير عقيدة الانتماء إلى الشعوب. حتى إن لم ينتموا إليها مكانياً، يدفعهم الحس الإنساني إلى التضامن مع الشعوب في أنحاء الأرض.ولكن ما هي مقومات رسام الكاريكاتير الناجح؟بعد أن يتمكَّن من أدواته لا بد من أن تكون لديه الشجاعة، بمعنى أنه إذا اكتشف أنه قدم رسومات خاطئة يعدِّل مساره، وألا يعتبر نفسه مهما بلغ من العمر فناناً كبيراً لأنه بمجرد أن يصيبه الغرور يعُلن عن شهادة وفاته أو استقالته من هذا الفن.ماذا عن الكاريكاتير في الكويت؟شهد قفزة مهمة في السنوات العشر الفائتة. في الماضي، كنا محبوسين في الموضوعات المحلية، وكنا نتماشى مع خطوط حمراء عامة هلامية. أما اليوم فاتضحت الصور بأن في البلد حرية ويحتاج إلى رسامي الكاريكاتير، وأصبح الجمهور أكثر وعياً بأهمية هذا الفن، لذلك نجد أكثر المتابعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من نصيبه، لا سيما أن الرسام يقدم معالجة بصرية بسيطة عميقة مؤثرة بشكل كبير.كيف ترى التحديات والمنافسة التي تفرضها الوسائط الجديدة على رسام الكاريكاتير، وكيف تدفعه إلى تطوير أدواته؟كنا في الماضي نرسم على الورق رسماً واحداً لنشره في الجريدة، ولكن اليوم مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة أصبحنا نتفاعل مع الحدث بسرعة لنرسمه وننشره عبر هذه الوسائط. الأمر الثاني أن هذه الوسائط الجديدة كشفت لنا عن رسامين دخلوا إلى هذا المجال. كذلك لا بد من الإشارة إلى رسامي الفوتوشوب الذين يدمجون الفيديو مع الكاريكاتير كفن ساخر أصبحت له بصمة لافتة. عموماً، لكل فنان جمهوره الذي يعرف بصمته وموضوعاته، والآن بمجرد عرض الرسومات عبر هذه الوسائط يرصد الفنان رد الفعل عليها من الجمهور، ما يدفعه إلى تطوير تجربته.من أين تستمد أفكارك؟من كل مكان في الشارع. حوارنا هذا ربما يتحوَّل إلى رسم كاريكاتير، خلال السفر على متن الطائرة، في المزار الصحي، الشارع، لقطة مسرحية. حتى من “توم وجيري” أستخرج أفكاراً لها علاقة بالواقع الذي نحياه فى إطار عملية إسقاط على المجتمع، وأحياناً من حوارات رسمية جداً لسياسيين ومثقفين أجد فيها زاوية كاريكاتيرية.هل واجهت معارضة من الأهل لإقدامك على هذا المجال، لا سيما أن محترفيه يواجهون تهديدات عدة؟في البداية توافر ترحيب من الأهل، لأن الموضوع لم يكن يتعدى رسم نكتة ساخرة في جريدة الجامعة عندما كنت طالباً، ولكن بعدما تخصصت في هذا المجال تعرضت لمضايقات دفعت الأهل إلى الخوف. وصلت اليوم إلى مرحلة متقدمة أعرف فيها ماذا أقدم من دون خوف.