في أعقاب تدهور أسعار النفط الخام على امتداد الأشهر الستة الماضية، تركز قدر كبير من الاهتمام على أثر ذلك بالنسبة الى عمليات انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وبالنسبة الى ميزانيات العديد من الدول الرئيسية المنتجة للنفط، مثل روسيا وفنزويلا. وباختصار هذا التطور ليس مناسبا لكل هؤلاء، ولكن ماذا عن كندا؟ إنها خامس أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، ولا توجد احتياطيات مؤكدة من النفط الخام تفوق ما لديها إلا في السعودية وفنزويلا.

Ad

وتكاد تكون كل احتياطيات وانتاج كندا في صورة رمال زيتية oil sands وهي بين أكثر أنواع النفط تكلفة عند الانتاج. وتوجد طريقتان للقيام بذلك، الأولى هي حقن البخار داخل الآبار العميقة تحت سطح الأرض من اجل تسخين نوع سميك من النفط يدعى بيتومن، أما الثانية فتتمثل في تجريد مساحات واسعة من الأرض عبر استخدام ألغام واستخراج مزيج صناعي من النفط من باطن الأرض والرمال.

وتتطلب هاتان الطريقتان كمية من الماء والطاقة تزيد بنسبة 17 في المئة عن متطلبات عمليات انتاج النفط من الآبار التقيلدية، كما تفضي هذه العملية الى مستويات أعلى من انبعاثات الكربون، وهو ما جعل رمال النفط هدفاً لحملات أنصار حماية البيئة. ويتعين على منتجي نفط الرمال الكنديين الآن مواجهة قوة معاكسة اكثر شدة تتمثل في الجوانب الاقتصادية. واذا كانت رمال النفط الكندية أعلى تكلفة من معظم أنواع النفط الأخرى فكيف ستتمكن من الصمود في ظل أسعار هبطت بنحو 50 في المئة منذ شهر يونيو الماضي؟

ثمة أشياء قليلة تعمل لصالح منتجي النفط الكنديين، ويتمثل الجانب الأول منها في كون التكلفة اشبه بعمليات التعدين بقدر أكبر من عمليات الحفر التقليدية. وتتطلب مشاريع رمال النفط استثمارات ضخمة ولكن بمجرد دفعها يمكنها الاستمرار في الانتاج لسنوات طويلة بتكلفة متدنية نسبياً. وهذا ما جعل رمال النفط والشركات المنتجة تحقق أرباحاً خلال السنوات القليلة الماضية.

وصنكور انرغي Suncor Energy وسينوفس انرغي Cenovus Energy من أكبر منتجي نفط الرمال في كندا، ولديهما هوامش أرباح موضع حسد من قبل شركات النفط الكبرى. وكان الدخل المحقق من قبل شركة صنكور انرغي قبل حساب الفائدة والضرائب والاستهلاكات (Ebitda) قد ارتفع من 11.7 في المئة في سنة 2009 الى 31 في المئة خلال أول 9 أشهر من سنة 2014.

 ومن شأن بنية التكلفة هذه إعطاء منتجي رمال النفط ميزة على منتجي تكسير النفط الصخري في الولايات المتحدة الذين يعملون وفقاً لأفق زمني أقصر كثيراً.

وتميل آبار التكسير في الولايات المتحدة الى انتاج معظم نفطها خلال 18 شهراً أو ما يقارب ذلك، وهذا يعني أن الحفاظ على الانتاج وعلى معدلات الفوائد يتطلب من اولئك المنتجين الاستمرار في اعادة الاستثمار في مشاريع خلال فترات قصيرة، فيما يستطيع مشروع رمال النفط بمجرد تشغيله الاستمرار في العمل حتى في ظل أسعار أدنى، وذلك نظراً لأن تكلفته تقسم على عقد من الزمن أو أكثر وليس على سنتين، ويتعين أن يمنع ذلك انتاج رمال النفط من الهبوط كما يساعد على حماية منتجي رمال النفط من الأسعار الأدنى، حتى الآن على الأقل.

يقول كارل ايفانز وهو محلل نفطي لدى غرينسكيب "إنهم في وضع أكثر أمناً من منتجي عمليات تكسير النفط الصخري، وكانت المشاعر في كالغاري تقول إن النمو سيدفع عبر هذا الهبوط في الأسعار فيما سينخفض الإنتاج في الولايات المتحدة".

ويضيف ان التكلفة المتعادلة في مشاريع بيتومن لرمال النفط العاملة يمكن أن تنخفض الى ما يصل الى ما بين 10 دولارات و20 دولاراً للبرميل. ويبلغ سعر برميل النفط الكندي في ألبرتا في الوقت الراهن حوالي 40 دولاراً.

وهذا لا يعني القول إن الاستثمارات المستقبلية لن تنخفض إذا ظلت الأسعار حيث هي الآن، ولكن ذلك الخفض لن يظهر في نمو الانتاج المستقبلي لسنوات. ومن المقرر أن يبدأ ما مجموعه 14 مشروعاً جديداً من رمال النفط في كندا في السنة المقبلة بسعة تصل الى 266000 برميل في اليوم، بحسب معلومات نشرتها أويلساندس ريفيو. وهذا أكثر بنسبة 36 في المئة عن البداية في سنة 2014. ونظراً لتحقق معظم تلك الاستثمارات، فإن تلك المشاريع قد تكون في مأمن، وحتى بالنسبة الى المشاريع المسددة بشكل جزئي قد لا يود المستثرون التوقف في منتصف الطريق.      

* ماثيو فيليبس