الأنباريون يستلهمون دور النجيفي في «تحرير نينوى»

Ad

لم يعد أحد يشكك في عجز الحكومة المركزية العراقية عن طرد تنظيم «داعش» من المحافظات السنية في العراق، ولذلك لم يعد أحد يشكك في أهمية إبرام اتفاق كبير مع سنة العراق، يمنحهم ضمانات سياسية تعيد تعريف حقوقهم، كي يلتحقوا بجهود طرد التنظيم المتشدد.

والاختبار الأبرز في هذا السياق هو تمرير قانون «الحرس الوطني»، الذي ينص على تشكيل قوات محلية من أبناء كل محافظة على حدة، وتتولى مسؤولية الأمن فيها، منعاً للحساسيات الطائفية التي أوجدها وجود «جيش شيعي» في مدن سنية فشل طوال ١١ عاماً في إدارة الأمن، وفي إقامة علاقة مستقرة مع الإدارات المحلية خاصة في نينوى والأنبار.

ومنذ شهور يحاول الشيعة أن يجدوا طريقة تخفف مخاوفهم من مشروع «الحرس الوطني»، الذي يعلم الجميع أنه سيتحول عاجلاً أو آجلاً إلى «بيشمركة سنية» قد يبلغ تعدادها ٢٠٠ ألف مقاتل، وتقلص سيطرة بغداد على سنة العراق.

لكن لم يعد هناك مجال لرفض المشروع، الذي كان جزءاً من الاتفاق السياسي المشرعن لحكومة حيدر العبادي الإصلاحية. ولذلك يتحدث نواب من الطرفين عن التوصل إلى تسوية، فالشيعة يقولون لجمهورهم ولإيران إنهم نجحوا في خفض سقف المطالب السنية، وصاغوا شكلاً لـ«الجيش السني» لن يمثل خطراً في المستقبل، إذ لن يجري تسليحه بأسلحة ثقيلة، وسيرتبط بالإدارة المحلية السنية شكلياً، بينما تبقى السيطرة الكاملة عليه في بغداد.

من جهتهم، فإن المتشددين السنة يرفضون هذا التنازل ويطالبون بتسليح وصلاحيات بمستوى ما للبيشمركة، أما معتدلوهم، وهم الأساس في تمرير الاتفاق المؤمل، فيقولون للجمهور إن قدراً من المرونة مهم مع بغداد، نظراً لأن الحرب مع «داعش» تحتاج إلى تنازلات لباقي الشركاء، ونظراً إلى أن البيشمركة لم يحصلوا على وضعهم الخاص الحالي في يوم وليلة، بل عبر سنوات من العمل وخوض لعبة سياسية داخلياً وإقليمياً، انتهت بالاعتراف بهم كقوة تحفظ حقوق المكون الكردي وأمنه.

ويرى هؤلاء أن على السنة أن يتحلوا بالصبر، ويقبلوا بمراحل هادئة لبناء ضمانات القوة، استفادة من قوانين اللامركزية التي سيبدأ تطبيقها في العراق، ومن إصرار أميركي على دعم السنة وحمايتهم، كأداة فاعلة في تطويق «داعش».

ولذلك يبدو السنة اليوم حريصين على مرونة عالية مع واشنطن، وقد غادر إليها وفد رفيع من الأنبار صباح أمس لوضع لمسات أخيرة على صيغة العلاقة مع أميركا أثناء الحرب وبعدها، حيث تشجع الأنباريون بعد أن لاحظوا أن الجنرالات الأميركيين يهبطون ويقلعون بالمروحيات، في معسكر أسسه محافظ نينوى أثيل النجيفي قبل ثلاثة شهور، منتزعاً بمهارته السياسية اعتراف بغداد وواشنطن بضرورته في أي عملية لتحرير نينوى.

ويبدو أن وساطات واشنطن أخذت تنجح في جعل كل الأطراف تقبل بصيغة تعاون كأمر واقع، وتعيد شكوكها إلى حجمها الطبيعي، فنجحت في تهدئة فاعلة بين أربيل وبغداد، وهي تضع نواة مهمة لتسوية بين شيعة العراق وسنته، وتصبح بذلك متفوقة على إيران التي تثير الذعر أكثر مما تساعد، بينما تحتفظ الإدارة الأميركية بدور الراعي للعلاقات القلقة بين المكونات الثلاثة.