ضيّق تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أمس الخناق أكثر على مدينة عين العرب ثالث أكبر تجمع لأكراد سورية الذين دافع مقاتلوهم المنضمون تحت لواء وحدات حماية الشعب بشراسة رغم عدم التكافؤ في الأعداد والأسلحة.

Ad

ومع اقتراب مقاتليه كثيراً إلى حد أصبحوا على بعد نحو كيلومترين من قلب مدينة كوباني من الجهة الغربية ومئات الأمتار من الجهة الشرقية، أمطر "داعش" الجبهة الشرقية والجبهة الجنوبية الشرقية لكوباني صباح أمس بقذائف الهاون، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان أشاروا إلى تغطية سحب الدخان الأسود سماء المدينة بكثافة، في حين سمع دوي إطلاق القذائف بوتيرة منتظمة.

وأوضح المرصد أن "وحدات حماية الشعب دمرت آليتين تابعتين لـ(داعش) على بعد أقل من كيلومترين جنوب شرق كوباني"، ما تسبب في مقتل سبعة عناصر من التنظيم، مشيراً إلى أنه أحصى سقوط 25 قذيفة هاون بعد الهجوم على الآليتين العسكريتين أطلقها مقاتلو التنظيم على المدينة.

وخلت كوباني من سكانها بشكل شبه كامل، مع نزوح "نحو ثمانين الى تسعين في المئة من سكانها وسكان القرى المجاورة خوفاً من هجوم وشيك"، بحسب المرصد، الذي أكد فرار نحو 160 ألف شخص في اتجاه تركيا منذ بدء المعارك في المنطقة.

سقوط كوباني

في المقابل، شدد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على أن بلاده ستبذل كل ما في وسعها لمنع مقاتلي "داعش" من السيطرة على كوباني. وقال، في مقابلة بثتها شبكة هابر- إيه تي في مساء أمس الأول: "لا نريد سقوط كوباني. مددنا يدنا لأشقائنا فيها وسنبذل كل ما في وسعنا حتى لا تسقط".

وأضاف داود أوغلو: "لا توجد دولة أخرى (غير تركيا) لديها القدرة على التأثير في التطورات في سورية والعراق. كما لن تتأثر دولة أخرى مثلنا".

وجاء تعهد رئيس الوزراء التركي بعد ساعات قليلة من تفويض البرلمان بغالبية كبيرة حكومته في التدخل في سورية والعراق ضد مقاتلي التنظيم والسماح باستقبال قوات أجنبية للمشاركة في عملية عسكرية انطلاقا من الأراضي التركية.

ترحيب بتركيا

وتوالى الترحيب الدولي بدخول تركيا رسمياً في الائتلاف العربي الأميركي، الذي شن أمس مزيداً من الغارات على معقل "داعش" في محافظتي الرقة ودير الزور. ففي واشنطن، التي ضغطت على أنقرة خلال الأسابيع الماضية للتراجع عن موقفها الرافض للتدخل، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي أمس "لقد كنا منخرطين بشكل وثيق مع تركيا. نحن نرحب بتصويت البرلمان على إجازة التدخل العسكري التركي".

وأضافت بساكي: "لقد أجرينا العديد من المناقشات الرفيعة المستوى مع المسؤولين الأتراك لبحث كيفية تعزيز تعاوننا في مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة في العراق وسورية. هذه المناقشات ستستمر ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون".

تدخل فرنسي

وفي فرنسا، رحب وزير الدفاع جان- إيف لودريان بموافقة البرلمان التركي على إجازة تدخل الجيش ضد تنظيم "الدولة". وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاميركي تشاك هيغل اثر لقائهما في واشنطن: "هذا خبر ايجابي جدا"، مضيفاً أن "مجمل الدول المجاورة (لسورية والعراق) هي الآن داخل الائتلاف. وانضمام تركيا الى هذا الائتلاف خبر سار".

وبينما رحب بالقرار التركي واصفاً إياه بـ"التطور الإيجابي، كشف هيغل عن بحثه ونظيره الفرنسي في امكانية مشاركة فرنسا في التدخل العسكري ضد الجهاديين في سورية.

إيران تحذر

لكن طهران حذت حذواً مغايراً وحذرت أنقرة من زيادة تفاقم الوضع في الشرق الاوسط بسبب قرار البرلمان. وجاء في بيان لوزارة الخارجية نشرته وكالة الأنباء الإيرانية أمس أن "السيد الوزير محمد جواد ظريف الخميس انتقد الوسيلة المختارة لمكافحة الإرهاب، وأعرب عن قلقه من أي عمل يزيد الوضع تفاقماً"، وذلك في محادثة هاتفية مع نظيره التركي مولود جاوش اوغلو.

غارات «الائتلاف»

إلى ذلك، هزت عدة انفجارات أمس مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي ناجمة عن ضربات صاروخية نفذتها طائرات تابعة للتحالف العربي- الدولي بحسب المرصد السوري.

كما تعرضت مناطق في مدينة جرابلس، التي يسيطر عليها "داعش" لقصف من طائرات الائتلاف، في حين دوت انفجارات بمنطقتي زور مغار والعمارنة بريف منبج ناجمة.

وفي محافظة الرقة، تعرضت مناطق في جنوب مطار الطبقة العسكري الذي يسيطر عليه التنظيم لقصف من الطيران الحربي، كما تعرضت أماكن في منطقة تل ابيض لقصف جوي من طائرات تابعة للائتلاف.

في موازاة ذلك، سمع دوي خمسة انفجارات في بادية الميادين بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور ناجمة عن ضربات صاروخية نفذها الائتلاف.

الجبهة الداخلية

وعن العمليات القتالية بين كتائب المعارضة وقوات النظام، ذكر المرصد السوري أن الاخيرة فشلت في استعادة السيطرة على بلدة دير العدس الواقعة على الحدود الادارية مع ريف دمشق والمتاخمة لريفها الغربي، وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 23 عنصرا من قوات النظام.

كما تعرضت مناطق في بلدتي نمر واليادودة لقصف من قوات النظام، بينما قصف الطيران المروحي بعد منتصف الليلة الماضية مناطق في بلدة الطيبة ما أدى إلى سقوط جرحى.

وفي حلب، دارت اشتباكات عنيفة غرب السجن المركزي وسط تقدم للنظام تجاه منطقة حندرات ترافق مع إلقاء الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على المنطقة.

وأعلنت جبهة النصرة وعدة ألوية مقاتلة بدء معركة "العطاء لأهل الوفاء" بحسب ما نشره المرصد أمس مفاده أن المعركة تهدف الى تحرير مواقع مهمة وحيوية جدا للنظام في غوطة دمشق الشرقية.

(دمشق، أنقرة، واشنطن - أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)