الميليشيات الشيعية تتوسّع وتعيد رسم خريطة العراق

نشر في 01-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-01-2015 | 00:01
No Image Caption
● نزوح السنة خلّف قرى خاوية للمقاتلين والعشائر

● «العصائب» تطوق قبائل الوسط بأوامر حكومية
مع تبدل المعادلة بعد هجوم تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في يونيو 2014 وسيطرته خلال أيام على مساحات واسعة في شمال البلاد وغربها، بدأت الميليشيات الشيعية إحداث تغييرات درامية على الأرض تمثلت في توسيع نفوذها وربط مناطقها لإعادة رسم خريطة وسط العراق.

 

خلف بوابات سوداء وأسوار عالية تراقب عناصر الأمن الوطني العراقي 200 امرأة وطفل. يلعب الأولاد والبنات في الساحة ثم ينطلقون إلى كبائن يقيمون فيها بداخل معسكر سابق للجيش الأميركي كان في يوم من الأيام مقراً لمسؤولي صدام حسين في مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل.

ولا يرغب الأطفال والنساء في أن يكونوا ضيوفاً بهذا المكان، فقد جُمعوا مع أقاربهم الذكور أثناء عملية شنتها ميليشيا شيعية مع الجيش في أكتوبر بمدينة جرف الصخر أحد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وبعد اعتقالهم أبعدت قوات الأمن الرجال واتهمتهم بأنهم مقاتلون في صفوف الدولة الإسلامية. ولم يُعرف عنهم شيء منذ ذلك الحين.

وتقول قوات الأمن إن النساء والأطفال يخضعون للتحقيق لكنهم لم يمثلوا أمام المحكمة. ويشير وضعهم إلى مدى التغيير الذي يطرأ على المناطق التي يعيش فيها الشيعة والسنة معاً في وسط العراق.

فرار السنة

وبينما تضغط القوات الشيعية لدخول أراض يسيطر عليها التنظيم المتشدد يفر الكثير من السنة خوفاً من الحكومة بقيادة الشيعة والجهاديين السنة أيضاً. ويصر القادة الشيعة على ضرورة عدم السماح لتنظيم الدولة الإسلامية بالهجوم عليهم مجدداً ولا العودة إلى مناطق تركها التنظيم.

وتقرر الجماعات الشيعية الآن من يمكنه البقاء في مجتمع ما ومن يجب أن يرحل ومن يجب تدمير منزله وأي المنازل يمكن أن يبقى. فعلى سبيل المثال أعادت منظمة أمنية شيعية قوية رسم جغرافيا وسط العراق، فشقت طريقاً بين المناطق الشيعية في محافظة ديالى ومدينة سامراء السنية حيث يوجد مرقد شيعي.

وقال علي علاوي المؤرخ والوزير العراقي السابق: «تتغير الأفكار بشأن حدود دولة الشيعة. تمت استعادة السيطرة على بعض البلدات والقرى التي كانت تظهر الحياد أو تنحاز إلى الدولة الإسلامية. لا أعتقد أن من يعيشون هناك سيعودون. إننا نتحدث عن مناطق غير مأهولة قد يجري تسكين جماعات مختلفة فيها».

حث العودة

وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية لوكالة «رويترز» أن أكثر من 130 ألف شخص أغلبهم سنة فروا من وسط العراق عام 2014 مع احتساب الأراضي الزراعية بحزام بغداد ومحافظة ديالى بشمال شرق العراق فقط. وخلف النزوح الجماعي قرى خاوية، في حين جاء المقاتلون الشيعة والعشائر وقوات الأمن لسد الفراغ. ويشدد مسؤولو الحكومة العراقية ومنهم رئيس الوزراء حيدر العبادي على أهمية مساعدة الناس على العودة.

وفي ظل الفوضى الحالية، هناك تساؤلات بشأن قدرة المسؤولين على المساعدة أو رغبة النازحين في العودة. وتحدث تغيرات درامية بالفعل على الأرض. فبالنسبة للنساء والأطفال من جرف الصخر كان الأمر يعني الاحتجاز فترة غير محددة. وعندما خرجوا من منازلهم في أكتوبر رافعين رايات الاستسلام البيضاء فرقت قوات الأمن بين النساء وأقاربهن الذكور.

حبس بلا محاكمة

والآن تخشى المحتجزات في الحلة على مصيرهن. وقالت أم محمد وهي تبكي بحرقة أثناء زيارة قامت بها «رويترز» الأسبوع الماضي للمجمع الذي يحظى بحراسة أمنية مشددة «أنا حبيسة هنا أعيش على الصدقات دون أن أفهم لماذا حصل لنا كل ذلك. «كل ما أتمناه هو عودة زوجي لي وأن نرجع إلى مزرعتنا الصغيرة». ويقول مسؤولو الأمن إن النساء والأطفال لم يمثلوا أمام المحكمة ولن يطلق سراحهم قريباً.

وأكد فلاح الراضي رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة بابل «هذه العوائل كانت ملتحقة بالدولة الإسلامية أو توفر ملجأ لأفرادها. القضاء هو من سيقرر مصيرهم»، لكن المسؤولين في بابل يقولون في الجلسات الخاصة إنهم لن يرحبوا بعودة السكان السنة إلى المحافظة.

«عصائب الحق»

وبينما يطوق قادة ميليشيات شيعة وحلفاؤهم من رجال القبائل قرى سنية في وسط العراق يؤكدون أن لديهم عيوناً داخل هذه المجتمعات. وقال قيادي في ميليشيا عصائب بيت الحق: «نحن نتلقى الاوامر من الحكومة: كل من يعمل مع الدولة الاسلامية سنصادر أرضه. وغيرهم سنسمح لهم بالعودة».

لكن بعد أن طردت الميليشيات الشيعية وقوات الأمن «داعش» من السعدية في نوفمبر أضرمت الميليشيات النار في منازل ظناً منها أنها ملك لإرهابيين. ولم يتم هدم منازل وحسب بل يتم بناء بنية تحتية جديدة. تمد منظمة أمنية شيعية طريقاً لتعزيز مواقعها في أنحاء منطقة يقطنها سنة وشيعة في ديالي ومحافظة صلاح الدين القريبة. وتشرف منظمة بدر وهي حزب سياسي بارز وميليشيا ترتبط بإيران على الطريق الجديد الذي يؤدي إلى سامراء.

وهو ما يعني أن «بدر» يمكنها إعادة امداد القوات التي تحرس سامراء التي يحيط بها «داعش» حالياً. كما سيسمح الطريق الذي يمتد 35 كيلومتراً للزوار الشيعة القادمين من ايران بزيارة سامراء وهي واحدة من أكثر المزارات المقدسة لدى الشيعة.

(بغداد- رويترز)

back to top