رداً على قتل «داعش» للطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، أعدم الأردن ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، وقرّر تصعيد مشاركته في الائتلاف الدولي ضد «داعش»، وسط حالة من الغضب والسخط أصابت الأردنيين.

Ad

عاش الأردن أمس يوماً صعباً، حيث سادت حالة من الغضب والسخط والذهول غداة إعلان تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش» قتله الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً حتى الموت. وقامت السلطات الأردنية فجر أمس، بتنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي التي كان طالب «داعش» باطلاق سراحها، والعراقي زياد الكربولي المنتمي إلى «القاعدة».

العاهل الأردني يعود

وغداة تظاهرات غاضبة مطالبة بالثأر شهدتها معظم المناطق الأردنية، توجه آلاف الأردنيين أمس، إلى مطار الملكة علياء الدولي واستقبلوا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي عاد إلى البلاد قاطعاً زيارة لواشنطن أجرى خلالها لقاء خاطفاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وفور وصوله البلاد التي تعيش حداداً رسمياً سيستمر حتى السبت، عقد العاهل الأردني اجتماعاً مع قيادة الجيش والمسؤولين الأمنيين لبحث كيفية الرد على جريمة قتل الكساسبة. وكان الملك عبدالله الثاني اعتبر في كلمة مصوّرة وجهها إلى الأردنيين مساء أمس الأول، أن الكساسبة «قضى دفاعاً عن عقيدته ووطنه وأمته» ودعا الأردنيين إلى «الوقوف صفاً واحداً».

وعقب الاجتماع هدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس، تنظيم «داعش» خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين في الجيش «برد قاس»، مؤكداً أن دم الطيار الأردني «لن يضيع هدراً».

ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني عن الملك عبدالله قوله، إن «دم الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة، رحمه الله، لن يذهب هدراً، وإن رد الأردن وجيشه العربي المصطفوي على ما تعرض له ابنه الغالي من عمل إجرامي وجبان سيكون قاسياً، لأن هذا التنظيم الإرهابي، لا يحاربنا فقط، بل يحارب الإسلام الحنيف وقيمه السمحة».

وأضاف: «نخوض هذه الحرب لحماية عقيدتنا وقيمنا ومبادئنا الإنسانية، وحربنا لأجلها ستكون بلا هوادة، وسنكون بالمرصاد لزمرة المجرمين، ونضربهم في عقر دارهم».

وعبّر الملك عبدالله عن «اعتزازه الكبير بالجهود المكثفة التي بذلتها الحكومة والقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية لإنقاذ الشهيد البطل الكساسبة، والتي استمرت منذ اللحظة الأولى لسقوط طائرته، وحتى إعلان نبأ استشهاده».

وأعرب عن «ثقته العالية بمؤسسات الدولة الأردنية وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية، ومستوى التنسيق الكامل بينها، وبقدرتها على حماية الوطن ومكتسباته، والذّود عنه في مختلف الظروف».

كما عبّر عن «فخره واعتزازه بتلاحم أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة في هذا الظرف، والوقوف صفاً واحداً في وجه الأخطار والتهديدات الإرهابية، وإصرارهم على المضي قدماً بمسيرة بلدهم الأبي».

وأشاد الملك بـ «موقف المجتمع الدولي الداعم والمساند للأردن في التعامل مع هذا الخطر، ودوره في الحرب الدائرة ضد الإرهاب، التي هي حرب العالم العربي والإسلامي أجمع».

ونقلت وكالة «رويترز» عن متحدث حكومي قوله، إن الأردن سيصعّد دوره في الائتلاف الدولي ضد «داعش». ويمثّل الأردن دولة مهمة في هذا الائتلاف كونه من الدول القريبة من ساحة المعركة.

مسيرات وتظاهرات

وتظاهر مئات الأردنيين مساء أمس الأول في دوار الداخلية وسط عمان للتنديد بعملية الإعدام الوحشية كما تظاهر مئات الأشخاص أمام ديوان أبناء محافظة الكرك «116 كلم جنوب عمان» التي يتحدر منها الطيار. وتواصلت التظاهرات والمسيرات أمس. وكتبت صحيفة «الرأي» الحكومية مقالاً افتتاحياً أمس، تحت عنوان «الحساب مفتوح معكم...أيها القتلة» جاء فيه: «ليس بعد اليوم هدنة أو تسامح أو تساهل...اخترتم أيها القتلة أن تكونوا في الدرك الأسفل إنسانياً وأخلاقياً ودينياً». وأضافت الصحيفة «عليكم الآن أن تدفعوا الثمن، وسيكون ثمناً باهظاً ولن تنفعكم كل تبريراتكم وهلوساتكم وأوهامكم».

الرياض ودمشق

ومنذ الإعلان عن مقتل الكساسبة، توالت ردود الفعل المستنكرة والمُدينة. وأكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن جريمة قتل الكساسبة «مخالفة لسماحة ديننا الإسلامي الحنيف وكافة الأعراف الإنسانية». كما دان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إعدام الطيار، معلناً مساندة بلاده للأردن «في مواجهة تنظيم همجي جبان يُخالف كافة الشرائع السماوية». واستنكرت جميع الدول العربية الجريمة، في حين طالب النظام السوري في بيان لوزارة الخارجية السورية عمّان بالتعاون معه لمكافحة الإرهاب معرباً عن إدانته للجريمة. كما أدانت طهران مقتل الكساسبة.

رصيد «داعش»

إلى ذلك، لم يعد «تحت يد» التنظيم بعد إحراق الكساسبة ونحر اليابانيين، وقبلهم كان لديه الصحافيان الأميركيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف وعمال الإغاثة الأميركي بيتر كاسيغ، والبريطانيان ديفيد هاينس وألان هينينغ ، سوى الصحافي البريطاني، الذي لا يبدو أنه رهينة حقيقي، جون كانتلي بسبب تعاطفه الواضح مع التنظيم، وعاملة الإغاثة الأميركية المختطفة في 2013، والتي بقيت مجهولة الهوية حتى الساعة، ولم يعرف مصيرها بعد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، إن «داعش» قتل 50 أسيراً في سورية هذا العام اتهمهم بإهانة الذات الإلهية أو التجسس أو بأنهم من مقاتلي الأعداء، ومن بينهم الطيار الأردني الذي أحرق حياً. وأضاف المرصد أن الجماعة المتشددة قتلت معظمهم بقطع الرقاب أو بإطلاق النار.

فيديو «عالي الاحتراف»

ورأى خبراء أن الشريط الذي بثّه تنظيم «داعش» لإعدام الطيار الأردني تفوّق على سابق فيديوهات التنظيم. وبحسب خبراء، رافقت بشاعة المشهد احترافية كبيرة في إعداد الفيلم من سيناريو وتصوير وتقطيع وشحن درامي، في فيلم مدته 23 دقيقة، صور بالتقنية الفائقة الجودة «إتش دي»، ويضم لقطات أرشيفية.

واستعرض معدّو الفيلم المسمى «شفاء الصدور» قدراتهم الفنية والتقنية، خلال رواية الكساسبة لشهادته، بوضع مسار الطلعة الجوية التي شارك فيها، في مشاهد احترافية، لا تملكها إلا القنوات الإخبارية العالمية، أو منتجو السينما المحترفون، كما أن المؤثرات البصرية والصوتية معدّة بطريقة احترافية لتناسب المشهد وتزيد التأثير الدارمي.

أما مشهد الإعدام فمعدّ بطريقة درامية، إذ مدّ فريق الإعدام خيطاً طوله عدة أمتار من المواد القابلة للاشتعال ينتهي بالقفص، حيث يحتجز الكساسبة، ويتم إشعال الخيط ليتحرك شعاع النار ويصل إلى القفص، ويبدأ احتراق الشاب الأردني على وقع أنشودة جهادية.

ويرى خبراء أن «كل فقرات الفيلم صورت باحترافية عالية من حيث جوانب التصوير، الدقة بالانتقال من لقطة إلى أخرى، بهدف بثّ الرعب والتخويف في نفوس الأعداء، في حرب نفسية لإظهار قوة التنظيم في مواجهة خصومه».

وقال المخرج عمرو عرفة، إن من قام بإخراج فيديو إعدام الطيار الأردني «نفّذه بشكل محترف»، مؤكداً أن «كل المشاهد حقيقية ليس فيها أي خدع». وأضاف عرفة أن من قام بإخراج هذا الفيديو «شخص محترف»، مبيِّناً أنه تم «استخدم تكنيك إخراجي عال من خلال تثبيت عدة كاميرات بأحجام مختلفة في عدة أماكن، وكان اعتماده الأكثر على المونتاج أكثر من الإخراج». وأشار إلى أنهم «استعانوا بمونتير محترف لإخراج هذه الصورة بهذا الشكل، وتمّ عمل المونتاج بإيقاع سريع لجذب نظر المشاهد».

(عمان ـ أ ف ب، رويترز، د ب أ)

والد الطيار يطالب بإبادة «داعش»

طلب صافي الكساسبة والد الطيار الأردني معاذ الكساسبة الحكومة الاردنية أمس، بالثأر لمقتل ابنه من خلال إبادة تنظيم "داعش" الإرهابي.

وتحدث الأب خارج منزله في بلدته عي قرب مدينة الكرك جنوب الأردن قائلاً: "أولاً أنا احتسب معاذاً شهيداً عند الله إن شاء الله مخلداً في الجنة مع الصديقين والشهداء والأنبياء إن شاء الله"، مضيفاً أن نجله هو فقيد الأردن، داعياً الأردنيين إلى الصبر.

ورداً على سؤال عن إعدام ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، قال الكساسبة: " هما مجرمان ولا سبيل للمقارنة بينهما وبين معاذ، معاذ دمه أغلى، دمه دم الوطن. أطالب أن يكون الثأر أكبر من أن نعدم مساجين، أنا أطالب بإبادة هذا التنظيم المجرم الملموم من كل أقطار العالم". من ناحيته، قال جودت الكساسبة الأخ الأكبر لمعاذ، إن العائلة تحسبه "شهيداً عند الله"، داعياً الأردنيين إلى إقامة صلاة الغائب لأنه "رفع رؤوسهم جميعاً". وأكد:"نحن نقف والأردنيون جميعاً في خندق واحد خلف القيادة الهاشمية (...) للجيش العربي الأردني، ولن نسمح لأحد أن يمس تراب الأردن".

وختم قائلاً، إن "داعش جماعة إرهابية متطرفة يجب على كل من يقول لا إله إلا الله أن ينهي وجودهم، فقد أساؤوا للإسلام وأساؤوا للنبي".

مساجد الأردن وكنائسه تنعى الكساسبة

نعت مساجد وكنائس الأردن أمس الطيار معاذ الكساسبة الذي أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) حرقه حيا.

وأقام أئمة المساجد في جميع أنحاء المملكة صلاة الغائب على روح الكساسبة بعد صلاة الظهر بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

وقُرعت أجراس الكنائس في جميع أنحاء المملكة، وأُقيمت قداديس خاصة وصلوات مساء أمس بدعوة من الكنيسة.

مقاتلون أكراد: معاذ شهيد كوباني

تبادلت مجموعات من المقاتلين الاكراد في مدينة كوباني الكردية السورية الحدودية مع تركيا العزاء بالطيار الاردني معاذ الكساسبة، معتبرة انه "أحد شهداء كوباني".

وعاهد حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذراع السياسي لـ"وحدات حماية الشعب الكردي" في بيان أمس الشعب الاردني بـ"الثأر" لطياره.

وقال مدير اذاعة "آرتا أف أم" الكردية مصطفى عبدي المتابع للملف الكردي، "بعد الكشف عن قتل معاذ حصلت مساء الثلاثاء (أمس الاول) تجمعات لكتائب ومقاتلين من وحدات حماية الشعب في مدينة كوباني وبعض القرى المحررة المحيطة بها، تم فيها تبادل التعازي بالطيار، والوقوف دقيقة صمت". وأضاف: "كان ذلك بمثابة مجالس عزاء، لأن الكساسبة الذي كان يشارك في معركة تحرير كوباني، يعتبر احد شهداء كوباني. والجميع فخور به".

وأشار الى ان اسم الطيار وصوره سترفع في عدد من شوارع المدينة "كما سائر شهداء كوباني".

وقال عبدي انه تمكن من الاتصال بالعديد من المقاتلين الذين قالوا انهم "أهدوا الانتصارات التي حققوها خلال الساعات الماضية، الى روح معاذ".

هل انسحبت الإمارات من الحرب الجوية؟

أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس، بأن الإمارات العربية المتحدة انسحبت من الحملة الجوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش"، خوفاً على سلامة طياريها، بعد أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة في 24 ديسمبر الماضي.

وبحسب الصحيفة، فإن طياري الإمارات لن ينضموا إلى الحملة إلى حين نشر الولايات المتحدة طائرات "في-22 اوسبري" في شمال العراق، وهي طائرات تقلع وتهبط مثل مروحيات لكن تحلّق كطائرات، وتقوم بدور في تعزيز جهود البحث والإنقاذ.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري أميركي قوله، إن مقاتلي "داعش" أسروا الطيار الكساسبة بعد دقائق من تحطم طائرته، مضيفة أن مسؤولين إماراتيين طرحوا تساؤلات بشأن قدرة فرق الإنقاذ العسكرية الأميركية على الوصول إلى الطيار، حتى لو كان هناك المزيد من الوقت لإنقاذه.

إسرائيل اقترحت مساعدة عمان وواشنطن رفضت

أفاد مصدر مطلع بأن إسرائيل كانت اقترحت على الأردن المساعدة في عملية "كوماندوز" لإنقاذ الطيار الأردني المحتجز لدى "داعش" معاذ الكساسبة.

وقال المصدر إن الفكرة طرحت في اجتماع سري ضم شخصيات أمنية من كلا البلدين، مضيفاً أن الأردن عرض على الإسرائيليين الذين يملكون خبرة في مثل هكذا عمليات خطة عسكرية لإنقاذ الطيار.

وأشار المصدر إلى أن الطرف الإسرائيلي أبدى استعداده لتزويد الأردن بمعلومات وتقنيات خاصة، وأن يرسل قوة كوماندوز مساندة للقوة الأردنية بعد التعرف على مكان أسر الطيار.

ولفت المصدر إلى أن الجانب الأردني طرح الفكرة أمام الأميركيين، وهؤلاء بدورهم رفضوا الفكرة وعللوا ذلك بأن أي مشاركة لإسرائيل في مواجهة "داعش" في سورية والعراق ستضعف الائتلاف الدولي، وسيؤدي بحسب الأميركيين إلى انسحاب دول عربية منه.

المصدر أشار إلى أن إسرائيل لم تعلق على الرفض الأميركي، وأكدت للجانب الأردني أنها على استعداد للمساندة، ولكن الأردن عدل عن الفكرة بسبب الموقف الأميركي.