ما يفيد
في عالمنا العربي أكثر من 100 قناة تلفزيونية دينية ما بين تلك المخصصة للأطفال وغيرها للكبار، وكلها تصبو إلى هدف واحد وهو إثبات أن معتقدها هو الصحيح، وبقية المذاهب والأديان على خطأ، لدرجة أصبحت فيها النظرة إلى صاحب المذهب أو الدين المختلف مشابهة لنظرتنا إلى مدمن المخدرات الذي يجب أن نبتعد عنه وننبذه.
![علي محمود خاجه](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1587579369153174500/1587579386000/1280x960.jpg)
لنأخذ الكويت مثالا دون بقية الدول المحيطة، وهي الدولة التي بناها الجميع بمختلف معتقداتهم سواء كانت معتقدات إسلامية أو غيرها من أديان وعقائد، وانظروا كيف تتحدث المناهج عن الكره وتأصيل الفكرة الواحدة دون سواها، وكل ما يختلف معها كافر والكافر يحارب ويقتل، وانظروا للمساجد وكيف تزخر دروسها بالتصيد على المذاهب الأخرى وتستهزئ بكل ما هو مختلف، واسمعوا ما يثار في القنوات من حوارات أساسها تأجيج الخلافات بين المعتقدات، فماذا تتوقعون أن تكون النتيجة من كل ما يثار؟ حتى إن لم تصل إلى القتل والحرب الجسدية إلى الآن فإنها حتما ستصل إلى ذلك في يوم ما، فنحن نسير في ذلك الطريق دون توقف أو تراجع. انظروا لما حدث في سورية والعراق والبحرين واليمن ومواقف الكويتيين المتفاوتة منها، وانقسامهم الحاد حتى في قضايا يجب ألا تعرف سوى التعاطف والرأفة لتعلموا واقعنا جيدا، وكيف أن الكراهية التي زرعتها الدولة وما زالت تعززها تعيش في النفوس.في عالمنا العربي أكثر من 100 قناة تلفزيونية دينية ما بين تلك المخصصة للأطفال وغيرها للكبار، وكلها تصبو إلى هدف واحد وهو إثبات أن معتقدها هو الصحيح، وبقية المذاهب والأديان على خطأ، لدرجة أصبحت فيها النظرة إلى صاحب المذهب أو الدين المختلف مشابهة لنظرتنا إلى مدمن المخدرات الذي يجب أن نبتعد عنه وننبذه، ولن تتغير هذه الحال أبدا، فالقارب الذي ما زلنا نزيد في ثقوبه لن تمنعه عبارة "كلنا في قارب واحد" من الغرق.إن كنا فعلا نريد محو ما صنعناه على مدار أكثر من 30 عاما فلابد من نسف كل ما تحويه مناهجنا بالمقام الأول، وإعادة تقديم الدروس على أساس واحد دون سواه، وهو أن الاختلاف طبيعي ولا توجد حقيقة مطلقة، بل هناك اجتهادات للوصول إلى الحقيقة، وأن اتباع رأي مذهب أو عقيدة أو دين دون الآخر أمر لا بأس به، وأن الإنسانية لا علاقة لها مطلقا بأفكار الناس بل بأساليب تعاملهم مع بعضهم بعضا.لن يجدي غير هذا الحل شيئاً أبدا، ولن نتمكن من الاستمرار في التعايش وفق الحد الأدنى ما لم نغير ونتغير، أما الصور والعبارات في المناسبات فلن تتمكن أبدا من تغيير ما في النفوس.