يلعب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري دوراً هو الأكثر حساسية بين القوى السنية، إذ يحرص على التمايز عن «الحزب الإسلامي» الذي يمثل الفرع العراقي لـ «الإخوان المسلمين»، ويقول إنه انفصل عنه منذ سنتين، ويأمل أن يسهم ذلك في توفير «قبول خليجي» أكبر له يساعده في عبور الحساسيات التي تحيط بدور «الإخوان» في المنطقة.
وفي زيارته الأخيرة لواشنطن، حاول الجبوري إطلاق مجموعة رسائل لصناعة تفاهمات معقولة مع الإدارة الأميركية، وحرص على تذكيرها بأنه كان جزءاً قيادياً من «إخوان العراق» عام ٢٠٠٤ حين كانت واشنطن حريصة على كتابة الدستور العراقي، الذي لم يؤيده سوى «الإخوان» وقتها، وبعبارة أخرى فإن البيت الأبيض يتذكر أن هذا الحزب كان القوة السنية الوحيدة التي تعاملت مع الوجود الأميركي في العراق بإيجابية، ودفع ثمناً غالياً بإغضاب حزب البعث والحركات السلفية والجهادية في العراق.وإذا ضمن الجبوري تفاهماً وقبولاً بالحد المعقول في الرياض وواشنطن، فإن طموحاته لن تتوقف وسيحرص على تذكير الإيرانيين بأن تياره يمكن أن يمثل «الاعتدال السني» الذي يبرم تسويات مع القوى الشيعية و«يتفهم» متطلبات طهران والنجف في آن. وحين يصبح هذا المسار السني مقرباً إلى طهران والرياض وواشنطن، فإن «إخوان العراق» يمكن أن يستبدلوا سريعاً القادة السنة الحاليين، ويقدموا رئيس البرلمان كزعيم لسنة العراق، يتحلى بالمرونة «مع الجميع» ومستعد لتقبل الخسارة و«إدارة الهزائم» وتخفيف ويلاتها.وبقدر ما توجد أطراف متحمسة لهذا الدور، فإن زعامات سنية أخرى وخصوصاً أسرة النجيفي التي حصلت على رئاسة البرلمان في الدورة السابقة، لن تستسلم للانقلاب الذي بدأ مع إزاحة أسامة النجيفي من منصبه الخطير السابق وتعويضه بنائب رئيس الجمهورية الشكلي جداً، ثم إزاحة شقيقه أثيل النجيفي من منصب محافظ نينوى، وقبل ذلك ما جرى مع حليفهما رافع العيساوي وزير المال السابق وأحد أبرز القادة السنة، الذي كان يفترض أن يعود إلى بغداد بعد إطاحة نوري المالكي غريمه الأبرز، لكن ذلك لم يحصل. وعملت أطراف سنية وشيعية على إبعاد كل القادة السنة الموصوفين بأنهم ذوو تأثير، وسواء قصد ذلك أم لم يقصد، فإن رئيس البرلمان الحالي يبدو قريباً من هذا السيناريو أو مقتنعاً به تحت شعار أن طهران ستفعل ذلك سواء رضينا أم لا، وعلينا إبداء المرونة والتضحية بشخصيات قوية، ضمن منطق «إدارة الخسائر».وبقدر ما تبدو هذه فكرة مشروعة بمنطق الواقعية السياسية، لكنها قد تلغي أهمية أي اتفاقات مستقبلية بين سنة العراق والحكومة، إذ لا قيمة للصفقات تلك إذا اقترنت بزعامة وحيدة وفريدة لـ«إخوان العراق» وأقصت رموزاً سنية يعتقد الشارع أنها بذلت جهداً في مواجهة أخطاء المالكي ونفوذ طهران، وهو ما سيولد مناخاً عدائياً قد يستغله جناح التطرف من البعثيين وتنظيم «داعش» على حد سواء.
آخر الأخبار
«إخوان العراق» يغضبون حلفاءهم بـ «إدارة الخسائر»
17-06-2015