«التمييز»: المحاكم غير مختصة بنظر التعويضات عن الأخطاء الإجرائية في أعمال السيادة
المحكمة أكدت أن المشرع لم يورد تعريفاً لتلك الأعمال
رغم تأكيد المحكمة الدستورية في حكم حل مجلس الأمة المبطل الأول الصادر في يونيو 2012 أحقية قضاء المحكمة الدستورية بالرقابة على قرارات حل مجلس الأمة إذا لم تراع الإجراءات اللازمة لاستصدارها وفق الدستور، وانتهت إلى إلغاء مرسوم حل مجلس 2009 وبعودته مجددا وبإلغاء المراسيم المترتبة على الحل، أكدت محكمة التمييز المدنية - في حكم قضائي حديث - عدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر أي مطالبات أو مسائل تثور بشأن قرارات حل مجلس الأمة، ومن بينها المجلس المبطل الأول، لافتا إلى أن تلك الأعمال الإدارية لها صبغة سياسية لا يمكن للقضاء التعقيب عليها أو بسط رقابته عليها، ومن ثم يحظر على المحاكم النظر فيها.
اختصاص المحاكموانتهت المحكمة في حيثيات حكمها الذي رفضت فيه دعوى النائب في المجلس المبطل الأول، محمد هايف المطيري، إلى عدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر دعواه، وألغت حكم محكمة الاستئناف الذي انتهى إلى أحقيته بالتعويض المؤقت بمبلغ 5001 دينار، ويعد حكم "التمييز" الحديث قد أغلق باب المطالبات بالتعويضات لأعضاء المجالس النيابية التي أصدرت المحكمة الدستورية مرتين في يونيو 2012 المبطل الأول برئاسة أحمد السعدون الذي جاء بالأغلبية البرلمانية، ويونيو 2013 المبطل الثاني برئاسة علي الراشد ضد الحكومة، وذلك لانتهاء محكمة التمييز في المبدأ الصادر منها بعدم جواز مساءلة الحكومة أمام القضاء على القرارات التي أصدرتها، والتي تسببت في بطلان المجالس، لأن باب المساءلة يخرج عن اختصاص القضاء وولايته.أعمال السيادة وقالت المحكمة إن النص في المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 على أنه "ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة" مفاده أنه متى كان العمل من أعمال السيادة، فإن الحظر على المحاكم أن تنظره لا يكون فقط بالنسبة لطلب إلغائه، وإنما يشمل الحظر على كل ما يثور بشأنه من مطالبات، لافتا إلى أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أعمال السيادة تنصرف إلى تلك الأعمال التي تصدر من الحكومة، وتتصل بالسياسة العليا أو بالإجراءات التي تتخذها باعتبارها سلطة حكم وليس سلطة إدارة في حدود وظيفتها السياسية، وبما لها من سلطة عليا للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج، فتخرج بذلك عن رقابة المحاكم.وقالت المحكمة: "ولما كان المشرع لم يورد تعريفا أو تحديدا لأعمال السيادة التي نص في المادة الثانية من القانون المشار إليه على منع المحاكم من نظرها، فإنه يكون قد ترك أمر تحديدها للقضاء اكتفاء بإعلان مبدأ وجودها، ومن ثم تكون المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من الحكومة وما إذا كان من بعد من أعمال السيادة أو لا يعد كذلك، ويخضع تكييف محكمة الموضوع لهذا الأمر لرقابة محكمة التمييز، وأنه وإن كان يتعذر وضع تحديد جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها، إلا أن هناك عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية، أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها من دون تعقيب من القضاء أو بسط رقابته عليها".العلاقة السياسيةوقالت المحكمة في حكمها: "لما كان المرسوم الأميري رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الأمة والمرسوم الأميري 447 لسنة 2011 بدعوة الناخبين قد صدرا من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم وليس بوصفها جهازا إداريا، باعتبار أن السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء، ويتولى الامير سلطاته بواسطة وزرائه، وذلك عملا بالمادتين 52 و55 من الدستور، وكانت الصبغة السياسية بارزة في هذين المرسومين بأن جسّدا العلاقة السياسية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وقد استخدم سمو أمير البلاد صلاحيته كسلطة حكم، متوخيا المصلحة العليا للبلاد والمحافظة على كيان الدولة واستقرارها، فإن ذلك يعد عملا من أعمال السيادة، مما يحظر على المحاكم النظر في أي مطالبات تثور بشأنه". وأضاف: "ولما كان الحكم المطعون عليه خالف هذا النظر وقضي للمطعون ضده محمد هايف بالتعويض المطالب به استنادا إلى ثبوت الخطأ في حق سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته في ما اتخذه من إجراءات استصدار المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة، بالرغم من أن هذا المرسوم يعد عملا من أعمال السيادة يحظر على المحاكم النظر في أي مطالبة بشأنه، فإنه يكون معيبا بما يوجب تمييزه".