لأنه فصل الصيف، فكل القضايا العربية الملتهبة جرى "تسفيرها" إلى مرابع أوروبا الجميلة، فالأزمة السورية برعاية ستيفان دي ميستورا حطت رحالها في جنيف في سويسرا، وكذلك الأزمة اليمنية، وقد تتبعهما قريباً، بعد "الاستسماح" من إيطاليا، الأزمة الليبية، ثم هناك ترتيبات لاستضافة الأزمة العراقية، ومعها أزمة سورية التي غدت أكثر تعقيداً من ذنب الضب، وكل هذا بينما نحن "نبرِّم" شواربنا ونعلن بأصوات مرتفعة أننا نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية!
يا حسرتنا على شؤوننا، فإذا كان كل هذا ليس تدخلاً في الشؤون الداخلية، فما هو التدخل في الشؤون الداخلية يا ترى؟!في سورية "قلب العروبة النابض" لا قرار فوق قرار "الولي الفقيه"، ولم يبقَ من حزب البعث العربي الاشتراكي صاحب شعار "أمة عربية واحدة... ذات رسالة خالدة"، إلا هذا الشعار، فالأمين القومي المساعد لا يعرف أحد أين هو الآن، ومبنى القيادة القومية لهذا الحزب ربما اشتراه "المستثمرون" الإيرانيون كما اشتروا العديد من أبنية دمشق التاريخية القديمة، وكما اشتروا مؤسسة الكهرباء واشتروا أجمل الـ"تكايا" وأكثر المدارس عراقة، وكل هذا ونائب رئيس الجمهورية "الرفيق" فاروق الشرع ينطبق عليه ذلك القول: "خرج ولم يعد"! ماذا ستفعل الأزمتان السورية والعراقية عندما ستلتقيان بعد أيام في باريس؟ إن المتوقع، وفي أحسن الحالات، أنهما ستتبادلان النَّحيب والشكوى والبكاء إلى أن تتقرح مآقيهما، وهنا مادام الوكيل، إنْ هنا وإن هناك، إن في عاصمة الرشيد وإن في عاصمة الأمويين، هو قاسم سليماني، أليس من الأفضل أنْ تُستبدل العاصمة الفرنسية بطهران أو بـ"مشهد" التي حوّلها المأمون إلى عاصمة للعباسيين، ولو فترةً عابرة ومؤقتة تم خلالها "تعيين" عليِّ "الرضا" بن موسى "الكاظم" نائباً لخليفة المسلمين. وأيضاً لماذا يا ترى أصر المندوب الدولي الجديد إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وهو يواصل الإصرار، على نقل الأزمة اليمنية إلى جنيف، هل لأنه يغار من دي ميستورا ويريد أنْ يتمتع بصيف نديٍّ في أجمل مرابع العالم؟! ولماذا يا ترى يصر ابن العمومة هذا على إشراك إيران في هذا العرس الذي من المفترض أنه عرس عربي؟! لماذا تقصّد الذهاب إلى طهران بمجرد انتهاء مؤتمر الرياض الذي حقق إنجازات هائلة أهمها الحفاظ على الشرعية في اليمن وتمتين الوحدة الوطنية في هذا البلد الذي وضعه الحوثيون ومعهم علي عبدالله صالح على مفترق طرق.إنها مجرد غيوم صيف، فالذين سيذهبون إلى باريس سيعودون كما جاءوا ودي ميستورا، الله يستر عليه، لن يحقق، بالتأكيد، ما لم يحققه الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان ومحمد الدابي، وهناك مثل يقول إنَّ من صعَّد "الخروف" على المئذنة عليه إنزاله... وحقيقة فإن مَن تسبب في كل هذه الأزمات واستفحالها هو "العزيزة" إيران التي ترى أن من حقها أن تتدخل كل هذا التدخل في الشؤون العربية الداخلية!
أخر كلام
باريس وجنيف مربط خيلنا!
22-05-2015