بينما اتخذت وزارة الصحة الإجراءات الاحترازية المتعددة لمواجهة «إيبولا»، بات هذا الفيروس  مصدرا حقيقيا للقلق والرعب في دول العالم كافة. وأصبح كابوسا مرعبا، وتحاول كل الدول إيقافه والحيلولة دون وقوع مزيد من الوفيات من جراء الإصابة به.

Ad

وفيروس «إيبولا» مرض قاتل فتاك، كشّر عن أنيابه في العديد من الدول الإفريقية، وخاصة دول الغرب الإفريقي، ويهدد الآن بالانتقال إلى دول خارج حدود القارة السمراء.

 وأطلق العديد من التسميات على مرض إيبولا؛ منها «آكل لحوم البشر»، «مرض القرود»، «المرض المُعدي المميت»، «المرض النازف»، «الحمى النزفية»، «الإيبولا».

وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أنه منذ تفشي الفيروس في غربي أفريقيا، توفي حوالي 3400 شخص. وسجلت معظم حالات الوفاة في غينيا وسيراليون وليبيريا. ووقع الكثير من حالات الوفاة بين طواقم الفرق الطبية.

 وحذّر صندوق النقد الدولي من تداعيات خطيرة على اقتصادات العالم إذا استمر الفيروس في الانتشار، مؤكدا أن الخسائر المتوقعة من ورائه قد تصل إلى 32.6 مليار دولار.

ومع توقّع وتحذير مسؤول كبير في منظمة الصحة العالمية من احتمال ظهور المزيد من حالات الإصابة بالفيروس بين الطواقم الطبية حتى في الدول المتطورة التي تتمتع بنظم رعاية صحية حديثة، تحاول تلك الدول السباق مع الزمن للوصول إلى حلول لمجابهة هذا الفيروس الفتاك.

تزايد القلق الدولي من خطورة فيروس "إيبولا" القاتل، عقب انتقاله من غرب إفريقيا إلى دول غربية مثل الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا وأستراليا، عقب إصابة عدد من رعايا هذه الدول من العاملين في المجال الطبي. وتوقعت منظمة الصحة العالمية احتمال ظهور المزيد من حالات الإصابة بالفيروس بين الطواقم الطبية حتى في الدولة المتطورة التي تتمتع بنظم رعاية صحية حديثة.

في أستراليا، أودعت ممرضة أسترالية قبل يومين في الحجر الصحي للاشتباه بإصابتها بفيروس إيبولا أثناء عملها في سيراليون. وكانت الممرضة قد عادت لبلادها في نهاية الأسبوع الماضي، وظهرت عليها أعراض الحمى.

وفي إسبانيا، تخضع ممرضة للعلاج من فيروس إيبولا. ويحاول الأطباء فهم الطريقة التي انتقلت بها العدوى إليها. وكانت الممرضة ترعى في إسبانيا اثنين من رجال الدين أصيبا بالمرض في إفريقيا. كما أودع طبيب وممرضتان في الحجر الصحي، بعد ظهور أعراض الحمى على أحدهم.

وفي الولايات المتحدة، توفي مواطن من ليبيريا يوم الأربعاء الماضي إثر إصابته بالمرض. وزادت الولايات المتحدة من إجراءات المسح الطبي على الوافدين من غرب إفريقيا.

 وقالت السلطات الصحية في الولايات المتحدة إن قرابة 100 شخص في تكساس يجرى فحصهم حاليا، وذلك بعد اتصالهم بأحد المصابين بفيروس إيبولا.

وتضم قائمة الأشخاص الخاضعين للفحص "متصلين محتملين أو ممكنين" بتوماس إيريك دنكن، المواطن الليبيري الذي شخص بالإصابة بالفيروس في دالاس الثلاثاء. وعزز الجيش الأميركي من جهوده للمساهمة في الحد من انتشار إيبولا في غربي إفريقيا.

منذ تفشي فيروس إيبولا في غربي أفريقيا توفي حوالي 3400 شخص، وسجلت معظم حالات الوفاة في غينيا وسيراليون وليبيريا، ووقع كثير من حالات الوفاة بين طواقم الفرق الطبية.  

 اقتصاديا، حذّر صندوق النقد الدولي من تداعيات خطيرة على اقتصادات المنطقة إذا استمر الفيروس في الانتشار، مؤكدا أن الخسائر المتوقعة من الفيروس قد تصل إلى 32.6 مليار دولار.

الكويت خالية

محليا، أكدت رئيسة لجنة التوعية بالأمراض المعدية في وزارة الصحة د.غالية المطيري أن الكويت خالية من أي إصابات بالفيروس. وأوضحت أن وزارة الصحة اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية لمجابهته.

وقالت إن الوزارة أصدرت عددا من الإجراءات الصحية لموسم الحج الحالي، حيث نصحت عددا من الفئات بتأجيل الحج، حرصا على صحتهم وصحة الآخرين، وهذه الفئات هم كبار السن ممن يبلغون 70 عاما فأكثر، خاصة من لديهم إعاقات أو أمراض مزمنة، كأمراض السكر والكلى والكبد، وأمراض القلب والشرايين، والأمراض الصدرية المزمنة والربو، وأمراض الدم والسرطان، ونقص المناعة المكتسب، أو الناجم من علاجات تخفض المناعة، حيث إنهم أكثر عرضة للمخاطر والمضاعفات الصحية أثناء الحج والمرأة الحامل، لكونها أكثر عرضة للمخاطر الصحية، خاصة عندما يكون لديها تاريخ مرضي لأي مشكلات صحية مع حمل سابق لارتفاع المخاطر على سلامة الحامل وحياة الجنين، إلى جانب الأطفال دون سن البلوغ، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية التنفسية والمعوية والمشكلات الصحية الأخرى.

وأكدت المطيري، في تصريح خاص لـ"الجريدة"، أن الوزارة نصحت أيضا تلك الفئات بالعمل على التطعيم قبل 10 أيام من السفر، مع ضرورة الالتزام بالعادات الصحية كغسل الأيدي أو ارتداء الكمامات، والعادات الأخرى لتجنب الإصابة بالأمراض التنفسية، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على تشديد الإجراءات الاحترازية على المنافذ الجوية والبحرية للقادمين بشكل مباشر أو غير مباشر من الدول الموبوءة، بالتنسيق مع مسؤولي الطيران المدني ومسؤولي الموانئ، حيث يتم فحص القادمين بشكل مباشر أو غير مباشر من الدول الموبوءة على المنافذ الجوية والبحرية.

 وأضافت: في حال وجود حرارة أو أعراض مشتبهة يتم تحويل الحالات لأقرب مستشفى حكومي للمطار للعزل والتقييم والعلاج، مع الاستمرار في تطبيق آلية المراقبة الصحية للقادمين، من خلال توزيع بطاقات المراقبة الصحية عبر المنافذ البحرية والجوية للمسافرين القادمين من دول موبوءة، وتعبئة العناوين كاملة، وبوضوح بما فيه رقم الهاتف، على أن يتم إرسال البطاقات الصحية للقادمين من الدول المعنية بالمراقبة لمراكز الصحة الوقائية بالمناطق الصحية المعنية، وفق سكن الشخص القادم من السفر، ليتم المتابعة ووضعه تحت المراقبة الصحية لمدة 21 يوما، وفي حال ظهور أي أعراض مشتبهة يتم تحويل الحالة لأقرب مستشفى حكومي.

انتقال العدوى

وحول كيفية انتقال العدوى، قالت المطيري إن عدوى "الإيبولا" تنتقل إلى الإنسان بملامسة دم الحيوانات المصابة بالمرض أو إفرازاتها أو أعضائها أو سوائل جسمها الأخرى. وقد وُثِّقت في إفريقيا حالات إصابة بالعدوى عن طريق التعامل مع قردة الشمبانزي والغوريللا وخفافيش الفاكهة والنسانيس وظباء الغابة وحيوانات النيص التي يُعثر عليها نافقة أو مريضة في الغابات المطيرة.

وأكدت أن المطمئن فى الأمر أن الفيروس لا ينتشر بسهولة؛ لأنه ليس من الأمراض التي تنتقل عبر الهواء كالإنفلونزا وفيروس "كورونا"، لكنه ينتقل إلى جسم الإنسان عبر سحجات الجلد والأغشية المخاطية.

 وأشارت إلى أن حمى الإيبولا النزفية مرض فيروسي حاد ووخيم يتميز غالبا بإصابة الفرد بالحمى والوهن الشديد والآلام في العضلات والصداع والتهاب الحلق، ومن ثم التقيؤ والإسهال وظهور طفح جلدي، واختلال في وظائف الكلى والكبد، والإصابة في بعض الحالات بنزيف داخلي وخارجي على حد سواء.

 وتظهر النتائج المختبرية انخفاضا في عدد الكريات البيضاء والصفائح الدموية وارتفاعا في معدلات إفراز الكبد للأنزيمات. وتتراوح فترة حضانة المرض (الممتدة من لحظة الإصابة بعدواه إلى بداية ظهور أعراضه) بين يومين اثنين و21 يوما.

وقالت إنه بالنظر إلى عدم إتاحة علاج ولقاح فعالين للإنسان ضد فيروس الإيبولا، فإن إذكاء الوعي بعوامل خطر عدوى الفيروس والتدابير الوقائية التي يمكن أن يتخذها الأفراد هي السبيل الوحيد للحد من حالات العدوى والوفيات بين البشر.

الأكبر والأخطر

وأوضحت أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن موجة الوباء التي حدثت هذا العام هي الأكبر والأخطر منذ اكتشاف المرض في سبعينيات القرن الماضي. وبالتالي ينضم المرض إلى مجموعة من الأوبئة الخطيرة التي عرفتها البشرية مثل، الإيدز، سارس، إنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير وفيروس كورونا.

وقالت المطيري إنه يعتقد في أن سبب تفشي فيروس "إيبولا" هو طفل إفريقي يبلغ من العمر عامين، فى غينيا، وتوفي في 6 ديسمبر من العام الماضي، لافتة إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تتبعت طريقة تفشي المرض، فبعد أن توفي الطفل بأسبوع توفيت أمه، ثم تلتها أخته وجدته، وكانوا يعانون الحمى والقيء والإسهال، ولكن لم يستطع أحد تشخيص حالاتهن.

وأضافت الصحيفة: "في جنازة الجدة أصيب معزيان ونقلا الفيروس إلى قريتهما، ومن ثم أصيب عامل صحة، وتوفي هو وطبيبه، وأصابوا بدورهما أقارب لهم من مدن أخرى". ولم يُعرف وقتها سبب انتقال العدوى بهذه الطريقة، وما هو الكائن المسبب لها.

وفي الوقت الذي تم التعرف فيه على الفيروس المسبب في شهر مارس الماضي، كان قد توفي عشرات الناس في 8 قرى ومدن بغينيا، وبدأت نسبة الحالات المصابة في الازدياد في الدول المجاورة في ليبيريا وسيراليون.

وأشارت إلى أن أول تفشّ المرض ظهر في العام 1976 في كل من إقليم نزارا بالسودان، ويامبوكو بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد حدثت التفشي الأخير في قرية على مقربة من نهر إيبولا بالكونغو، ولذلك سمي الفيروس بهذا الاسم.

وقد تسبب الفيروس في ظهور فاشيات حادة من الحمى النزفية الفيروسية بين قردة المكاك التي رُبِّيت في مزارع الفلبين والقردة التي استوردتها الولايات المتحدة الأميركية في الأعوام 1980 و1990 و1996، وتلك التي استوردتها إيطاليا من الفلبين في 1992.

وجرى منذ العام 2008 الكشف عن فيروسات "إيبولا" أثناء اندلاع عدة فاشيات للمرض نفقت على آثارها الخنازير، وأُبلِغ عن ظهور عدوى عديمة الأعراض بين تلك الحيوانات، على أن عمليات التلقيح التجريبية تميل إلى إثبات أن فيروس "إيبولا" لا يمكن أن يتسبب في إصابتها بالمرض.

أعراض المرض

وأضافت المطيري أنه بعد فترة الحضانة (الفترة الزمنية بين العدوى وظهور الأعراض) التي قد تمتد إلى ثلاثة أسابيع، تبدأ الأعراض والعلامات المرضية بأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، حيث تبدأ بالحمى (ارتفاع درجة الحرارة) والوهن الشديد وآلام في العضلات والصداع والتهاب الحلق، وسرعان ما تتطور الأعراض إلى قيء وإسهال، ثم ظهور طفح جلدي واختلال في وظائف الكلى والكبد، والإصابة في بعض الحالات بنزيف داخلي وخارجي على حد سواء.

 أما مرحلة الاحتضار فتتسم بالنزيف الداخلي يصحبه نزيف خارجي من فتحات الجسم في نصف الحالات تقريبًا. وأوضحت أن النتائج المخبرية تشمل انخفاض أعداد كريات الدم البيضاء والصفيحات، وارتفاع أنزيمات الكبد. ويمكن التأكد فقط من العدوى بمرض فيروس الإيبولا من خلال الاختبارات المعملية.

وأشارت إلى أن أنه يصبح المريض معدياً في حال تظهر عليه الأعراض. ولا يكون معدياً أثناء فترة الحضانة.

وقالت إن منظمة الصحة العالمية توصي بضرورة عزل المرضى المصابين بالعدوى المؤكدة أو المشتبه فيها بمرض فيروس الإيبولا في غرف عزل واحدة.  وفي حالة عدم توافر غرف للعزل، فمن المهم تخصيص مناطق محددة، منفصلة عن بقية المرضى الآخرين، للحالات المشتبه فيها والمؤكدة.  كما يجب كذلك فصل الحالات المشتبه فيها والحالات المؤكدة في هذه المناطق المحددة. وينبغي تقييد الوصول إلى هذه المناطق، وتخصيص المعدات اللازمة بصرامة إلى مناطق معالجة حالات مرض فيروس الإيبولا المشتبهة فيها أو المؤكدة، كما ينبغي تخصيص العاملين السريرين وغير السريرين حصرا لغرف العزل والمناطق المخصصة لذلك.

ما هو الفيروس؟

مرض فيروس إيبولا (المعروف قبلاً باسم حمى إيبولا النزفية) هو مرض وخيم يصيب الإنسان، وغالباً ما يكون قاتلا. ويصل معدل الوفيات التي تسببها الفاشية إلى 90 في المئة. وتندلع أساسا فاشيات حمى الإيبولا النزفية في القرى النائية الواقعة في وسط إفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة.

 وينتقل فيروس الحمى إلى الإنسان من الحيوانات البرية، وينتشر بين صفوف التجمعات البشرية عن طريق سريانه من إنسان إلى آخر. في عام 1976 ظهرت أولى فاشياته في آن معا في كل من نزارا، السودان، ويامبوكو، جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد حدثت الفاشية الأخيرة في قرية تقع على مقربة من نهر إيبولا الذي اكتسب المرض اسمه منه. ويتكون فيروس الإيبولا من خمسة أنواع مختلفة، هي بونديبوغيو، وساحل العاج، وريستون، والسودان، وزائير.

وترتبط أنواع الفيروس بونديبوغيو والسودان وزائير بفاشيات كبيرة لحمى الإيبولا النزفية في إفريقيا، بينما لا يرتبط نوعا الفيروس ساحل العاج وريستون بفاشيات معينة من الحمى.

 والإيبولا النزفية مرض حموي يودي بحياة نسبة تتراوح بين 25 و90 في المئة من مجموع المصابين به. ويمكن أن تصيب أنواع فيروس الإيبولا ريستون الموجودة في الفلبين الإنسان بعدواها، ولكن لم يبلغ حتى الآن عن أي حالات مرضية أو وفيات بين البشر.

نصائح السفر

نصحت منظمة الصحة العالمية المسافرين بتفادي كل احتكاك بالمصابين بالعدوى، وتطالب العاملين الصحيين المسافرين إلى المناطق المتأثرة بأن يتقيدوا بشكل صارم بتوجيهات مكافحة العدوى الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وتؤكد على كل من أقام في مناطق تم الإبلاغ أخيراً عن وقوع حالات فيها أن يعي أعراض العدوى، وأن يلتمس العناية الطبية عند ظهور أول علامة من علامات المرض، كما تنصح المنظمة الأطباء السريريين الذين يتولون العناية بالمسافرين العائدين من المناطق المتأثرة بأعراض ينطبق عليها التقييم السريري، أن ينظروا في احتمال إصابة هؤلاء بمرض فيروس إيبولا.