عندما تم إبلاغي في عام 1992 من قبل وزارة الإعلام بتعييني ملحقاً إعلامياً في الهند كانت ردة فعلي... ولماذا الهند؟ لقد درست في أميركا وعملت في واشنطن مدة أربع سنوات... فلماذا لا يتم تعييني في واشنطن أو لندن؟ وفكرت في الأمر يوماً واحداً ثم وافقت على عرض الوزارة، ولم أندم أبدا على قراري، بل إنني وبعد مرور أكثر من عشرين سنة أعتقد أنني محظوظ أن أكون أول إعلامي كويتي في نيودلهي. فقد أتيحت لي الفرصة أثناء عملي هناك للتعرف على هذا البلد العريق وأهميته الكبرى للكويت. هذه المقدمة أحببت أن أسطرها في مقال اليوم بعد أن عرفت أن الأستاذة حصة الحربي حصلت على إجازة الماجستير من جامعة الكويت وموضوعها: «العلاقات الكويتية الهندية منذ عام 1896 حتى عام 1964م».
لقد اطلعت على الدراسة قبل إجازتها وأعجبت بها أشد الإعجاب، نظرا لتسليطها الضوء على التاريخ الطويل للعلاقات بين البلدين وعمقه وشموليته. لقد وثقت الأستاذة حصة في البداية العلاقات التجارية وركزت في هذا الصدد على ظهور الشركات التجارية الملاحية العاملة بين الكويت والهند، والمبادلات التجارية بين الطرفين وعوامل نموها. ومما فصلت فيه في هذا الشأن الدور الذي لعبه التجار الكويتيون في الهند في تعزيز العلاقات الكويتية الهندية، ودورهم الاجتماعي والثقافي في المجتمع الهندي، ومدى تأثير الحياة الهندية على حياتهم في الهند.وأشارت في بحثها إلى دور التاجر سليمان بن إبراهيم العبدالجليل، والتاجر سالم السديراوي، والتاجر محمد المرزوق، والتاجر جاسم الإبراهيم وأخيه عبدالعزيز، وهم من أوائل التجار الكويتيين الذين أسسوا مكاتب تجارية لهم في الهند بغرض القيام بأعمال الاستيراد والتصدير لأنفسهم وللتجار الكويتيين الآخرين، وكانوا يحصلون على عمولة قدرها 2 في المئة مقابل سعيهم، إضافة الى أعمال أخرى.وقد وثق التاريخ لنا أن الشيخ مبارك الصباح كان له وكيل في بومبي وهو محمد سالم السديراوي، وله وكيل في كراتشي وهو مرزوق محمد المرزوق، وهناك العديد من الوثائق النادرة الدالة على ذلك، منها ما نشرته في هذه الزاوية قبل أكثر من سنتين. وتقول الباحثة أن التجار الهنود ألفوا على نقل بضاعتهم بالأبوام الكويتية بين الموانئ الهندية, لثقتهم التامة في وصول بضاعتهم كاملة من غير نقصان أو عيب, ولشهرة الكويتيين بالأمانة والإخلاص والنزاهة، كما أشارت إلى دور عوائل كويتية أخرى في تعزيز التجارة بين الكويت والهند كعائلة العبدالرزاق، وعائلة البسام، وعوائل القناعات، وعائلة الشايع، وعائلة الغانم، وعائلة الخرافي، وعائلة الحميضي، وعائلة الفليج، وعائلة الجسار، وعائلة السعد، وغيرهم الكثير.أما عن تواجد الكويتيين وتجارتهم، فتقول الباحثة في بحثها القيم إن بومبي كانت أهم المدن الهندية في التجارة بين الطرفين، وتليها كراتشي، ثم كاليكوت والنيبار، ثم خورميان، ثم براول او براوة، ثم غوا، وبعض الموانئ الأخرى الصغيرة. وكان بعض التجار الكويتيين يقيمون في بومبي على مدار العام لمتابعة العمل التجاري ومنهم حسين بن عيسى القناعي, والشيخ عبداللطيف العبدالرزاق, وحمد القاضي, وحمد سلطان بن عيسى القناعي, وعلي حمود الشايع، وخالد الخميس, وسليمان الصانع, ومساعد الساير, بينما كان عبدالعزيز حمد الصقر ومحمد عبدالمحسن الخرافي يمكثان قرابة من 8 إلى 9 أشهر ويعودان إلى الكويت صيفاً, حيث تميزوا بالإقامة المحدودة والتي تنتهي بمجرد انتهاء مصالحهم التجارية والعودة إلى الكويت. في المقال المقبل إن شاء الله سأتناول جوانب أخرى من هذا البحث المهم، الذي لا شك أنه يسد فراغاً كبيراً في تاريخ العلاقات الكويتية الهندية.
أخر كلام
صورة لها تاريخ: العبدالجليل والسديراوي والإبراهيم والمرزوق كانوا أول من فتح مكاتب تجارية في الهند
24-10-2014